إن النقاش والحوار الدائر بين أعضاء لجنة مراجعة مدونة الأحوال الشخصية يحتاج إلى قواعد وأصول شرعية إسلامية، وعلى جميع الأعضاء التقيد بهذه القواعد والأصول الشرعية قبل الانطلاق في مناقشة الموضوعات المختلف عليها أو التي تحتاج إلى تعديل وتصويب كما يقال، وتعتبر هذه القواعد والأصول بمثابة أرضية خصبة للنقاش والحوار في أمور الدين. وهذه القواعد تحد من الخلاف والاختلاف وتقلص من الآراء المتباينة والمتعارضة داخل اللجنة، وتكون سدا مانعا من تسرب الأفكار المنبثقة عن الأهواء والأغراض والمصالح والانتماءات والتعصبات، وتكون أيضا ميزانا لجميع الآراء، فما قبلته من الآراء قبل، وما رفضته رفض. وهذه القواعد والأصول يجب أن نقبلها ونتفق عليها أولا قبل الخوض في أي موضوع من الموضوعات المطروحة للنقاش، فإن اتفق أعضاء اللجنة على هذه المبادئ والأصول فبها ونعمت، وإن اختلفوا في ذلك فلا يجوز الانتقال إلى البحث في جزء من أجزاء الموضوعات المطروحة للنقاش، حتى نصحح أرضية النقاش ومرجعية الحوار، وإلا كان الحوار ضربا من العبث ومضيعة للوقت واستنزافا للطاقات والجهود في غير محلهما، ولا يمكن أن نصل إلى الهدف المطلوب من وراء الحوار، وسيبقى الخلاف محتدما بين الفريقين ويتطور الصراع بينهما شيئا فشيئا حتى يصل الجميع إلى نفق مسدود، وتفشل بذلك اللجنة في إنجاز المهمة المنوطة بها. وإليك أخي القارئ هذه المبادئ بشيء من التوضيح: القاعدة الأولى الإيمان الجازم بأن نصوص الشريعة الإسلامية من عند الله عز وجل، وأنها وحي إلهي مقدس. فأول أصل يضعه المتناقشون بين يدي حوارهم في هذا الأمر، وفي كل أمر شرعي، هو الاعتراف الواضح والإيمان الجازم بأن نصوص الشريعة الإسلامية من عند الله عز وجل وأنها وحي إلهي مقدس، لا يجوز رفضه أو اعتبار رأي من الآراء لشخص أو جماعة من هيئة أنه أفضل منه أو يساويه. وإليكم الأدلة على هذه القاعدة: قال تعالى: (بسم الله الرحمان الرحيم والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) النجم 1 4. فالآيات تقرر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتكلم عن هوى أو رغبات نفس أو مصالح خاصة، بل يتكلم عن وحي إلهي نزل من السماء عليه، كما تنفي عنه الآيات الضلالة والغواية، وهناك آيات كثيرة تؤكد أن نصوص الشريعة وحي إلهي، من ذلك: قوله تعالى: (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون، فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون) يونس 61 71 ويذكر الله عز وجل في آية أخرى أنه أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم وأمره بتبليغه للناس وأمر الناس باتباع أحكامه وتشريعاته: قال تعالى: (المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون) الأعراف 1 2. وقال تعالى: (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين) يونس 37 والآيات التي فيها تأكيد على أن القرآن من عند الله أكثر من أن تحصى، ولو تتبعنا كتاب الله في هذا الموضوع لتطلب منا صفحات كثيرة، لكن نكتفي بهذا القدر تبصرة وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. القاعدة الثانية هو الإيمان بأن النصوص الشرعية كلها صواب وحق ولا خطأ فيها على وجه الإطلاق. تحرير هذه القاعدة والإيمان بها من الأهمية بمكان عند المتناقشين في الأمور الشرعية، حتى لا يظن أحد أن كلامه وكلام الله عز وجل على حد سواء، ممكن أن يناقش ويقبل منه ما يقبل ويرد منه ما يرد، أو يظن أن شرع الله عز وجل يمكن أن يساوى بتشريع هيئة من الهيئات أو مؤسسة من المؤسسات أو جمعية من الجمعيات، أو ربما يكون تشريع هذه المؤسسات أفضل وأحسن من تشريع الله عز وجل. أرجع وأقول إن تشريع الله عز وجل وحي إلاهي معصوم من الزلل والخطأ كله صواب وحق، وإليكم الأدلة على هذه القاعدة: كمال الله عز وجل في الذات والصفات والأفعال: من مبادئ العقيدة الإسلامية عند المسلمين جميعا أن الله عز وجل يتصف بالكمال المطلق في الذات الصفات والأفعال، وأوضح هذا الكمال بمثال واحد لأن الأمثلة في هذا الباب لا حصر لها فأقول: نأخذ مثلا صفة الخلق عند الله عز وجل وهي صفة فعلية، والمخلوقات التي وقعت بهذه الصفة كثيرة ومتنوعة ومتعددة، نأخذ من أنواع المخلوقات الإنسان كمثال، فلننظر إليه وهو نطفة في رحم أمه كيف تتقلب من مرحلة إلى مرحلة ومن شكل إلى آخر، نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم تكسى العظام لحما ثم تنفخ فيه الروح فيصبح خلقا آخر. هذا التطور في مراحل خلق الإنسان معجزة من المعجزات التي كشف علم الأجنة عنها وقد تحدث القرآن الكريم على هذه المراحل في بعض السور بوصف دقيق موافقا للعلم والواقع منذ أكثر من أربعة عشر قرنا رغم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده أي جهاز يكشف به على بطن الأنثى ليعطي هذا الوصف الدقيق. قال تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاما، فكسونا العظام لحما، ثم أنشأناها خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) المومنون الآيات 12 13 14 نستنتج من هذه القضية أمرين: أولا: ما ذكره القرآن في وصف تطور خلق الإنسان في الرحم حق وصواب لم يخالف العلم ولا الواقع في شيء، فهذه مسألة واحدة تكلم القرآن عنها بحق وصواب، ولو جئنا نستعرض كل ما تكلم عنه القرآن الكريم فكان حقا وصوابا في هذا الوجود، لعجزنا عن استقراء ذلك واستيعابه، قال تعالى في حق القرآن: "وبالحق أنزلناه وبالحق نزل" الإسراء 105ال أيضا: "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) النساء 81فلو كان القرآن من عند غير الله لوجدنا فيه الاختلاف والتناقض بين أحكامه وتشريعاته، ولو كان الأمر كذلك لكشفه من هم كانوا أحرص الناس على إبطال دعوة محمد صلى الله عليه وسلم وهم العرب آنذاك، ولما كان القرآن الكريم سليما من كل عيب أو قدح أو تناقض أو اختلاف، دل ذلك على أنه من عند الله الكامل في كل شيء. ثانيا: قال تعالى: (هل من خالق غير الله) فاطر 3، هذه النطفة التي كنا نتحدث عنها، من يستطيع أن يخلقها وأن يجعل منها الذكر والأنثى، ومن يسير بها شيئا فشيئا حتى تصبح خلقا سويا، قال تعالى: (أفرأيتم ما تمنون، أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون) (الواقعة: الآيات 58 59)، من يستطيع الإجابة على هذا الاستفهام التقريري بالإنكار؟ لا أحد، ومن يحدد معالم الذكر ومعالم الأنثى داخل الرحم؟ الله عز وجل، قال تعالى: (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) آل عمران 6، وقال تعالى: (فكان علقة فخلق فسوى. فجعل منه الذكر والأنثى) القيامة 38 39، إذا فأمر الخلق لله عز وجل، لا يستطيع أحد أن يخلق نفسه ولا غيره، فالعالم كله لو اجتمع على أن يخلق بشرا لم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا، فهم عاجزون على أن يخلقوا مثل خلق الله، كما قال تعالى: (لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له) الحج: آية 73، فإذا عجزوا عن الخلق، فكذلك يعجزون عن الإتيان بمثل تشريع الله عز وجل في الكمال والصلاح والاستيعاب، فالله عز وجل كامل في الذات والصفات والأفعال، كما ضربنا على ذلك مثالا، والكامل لا يصدر منه إلا الكمال ولا يصدر عنه إلا بالحق والصواب، فالنتيجة إذا أن تشريع الله عز وجل حق وصواب، ولا يمكن أن يشرع مثل تشريعه أحد لأنه لن يصل إلى كمال الله عز وجل أحد، قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (الشورى آية 11) وقال عز وجل: (ولم يكن له كفؤا أحد) سورة الإخلاص. فإذا كان الله عز وجل قد شرع لنا تشريعا فعلينا كمسلمين أن نؤمن إيمانا جازما على أن ما شرعه الله سبحانه وتعالى كله حق وصواب وعدل وإنصاف فيه الخير كله والصلاح كله، من أخذ به سعد في الدنيا والآخرة ومن تركه شقي في الدنيا والآخرة، مصداق ذلك قوله تعالى: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا، قال كذلك أتتك أياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) طه 123/126. يستفاد من الآيات أن اتباع هدى الله عز وجل، الذي هو القرآن الكريم، يعصم المتبع من التيه والانحراف في الدنيا والآخرة ولا يشقى في الآخرة، والمقصود بالذكر هنا هو القرآن الكريم فمن أعرض عن أوامره في جميع المجالات ولم يأخذ بها، وغشي ما نهى عنه القرآن، عاش في الدنيا عيشة ضنكا وهي التعاسة والشقاء ولو كان يتوفر على ملذات الحياة المادية فإن شقاءه أمر معنوي وداخلي. وإذا مات حشره الله أعمى البصر لكونه نسي آيات الله في الدنيا ولم يعمل بها فنسيه في الآخرة. ومن جهة أخرى: إذا كان ما شرعه الله عز وجل كاملا متكاملا منزها عن الخطأ والزلل، لأنه صدر عن الكامل عز وجل، فمن نواقض الإيمان أن نخطئه أو نستبدله بغيره أو ننظر إليه نظرة احتقار كوصفه بالقصور وعدم مواكبته للحياة أو غير ذلك، وهل يمكن أن نسوي الخالق بالمخلوق، فكذلك شتان ما بين تشريع الخالق في الكمال والشمول والصدق والصواب والعدل والإنصاف، وبين تشريع المخلوق في القصور وعدم الشمول والصدق والصواب والعدل والإنصاف، وبين تشريع المخلوق في القصور وعدم الشمول مع وجود النقص والخطأ والزلل، قال تعالى: (ومن أصدق من الله قيلا) النساء 221 وقال تعالى: (ومن أصدق من الله حديثا) النساء 87 وقال تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته) الأنعام 116. القاعدة الثالثة هو الاعتقاد الجازم بأن شريعة الإسلام كاملة وشاملة وصالحة لكل زمان ومكان، هذه القاعدة مهمة جدا عند النقاش والحوار في أمور الدين وذلك أن الله عز وجل الذي وضع هذه الشريعة يعلم ما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة، فوضع للبشر شريعة تشمل جميع جوانب حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعبدية وغيرها من مقتضيات الحياة الضرورية والحاجية والتحسينية، يوضح هذا المعنى الحديث المشهور: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب، قال يا رب وماذا أكتب؟ قال اكتب مقادير كل شيء حتي تقوم الساعة» رواه أبو داود. فجعل في هذه الشريعة وهو أعلم بحال عباده، ما يستوعب جميع المستجدات والأحداث والتطورات عبر القرون والأجيال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهو سبحانه وتعالى عالم بكل شيء، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، قال الله عز وجل: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) الأنعام 59. توضح هذه الآيات الكريمات إحاطة علم الله تعالى بكل شيء في هذا الوجود، كما قال تعالى في آية أخرى: (عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) سبأ 3، فإحاطة علم الله تعالى بجميع المخلوقات وتصرفاتها وأعمالها وأقوالها وأحوالها، شامل وعام في الماض والحاضر والمستقبل، لذلك وضع هذه الشريعة الإسلامية مطابقة ومنسجمة وشاملة لما يعلمه مسبقا من أحوال خلقه وتصرفاتهم المتعددة والمتنوعة على مر العصور والدهور، يؤكد هذا المعنى الذي نتحدث عنه قوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) الأنعام 38 يعني سبحانه وتعالى لم يترك شيئا في هذا الوجود إلا جعل له منهجا يسير عليه، وينضبط به، يزيد هذا الأمر تجلية وبيانا قوله تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) النحل 89، فقد بين كتاب الله حكم كل شيء وقع في هذا الوجود من أقول وأفعال وتصرفات لجميع المخلوقات على اختلاف أحوالها وعصورها، إما عن طريق النص أو بالقياس على المنصوص: أما كمالها وتمامها، فقد جاءت نصوص تدل على كمال الشريعة وتمامها ووفائها بالغرض المطلوب على أحسن وجه، وهو إصلاح البشر في نفسه وأسرته ومجتمعه فقد جعل الله في هذه الشريعة أحكاما تتوجه لإصلاح الفرد، وأحكاما تتوجه لإصلاح الأسرة، وأحكاما تتوجه لإصلاح المجتمع، وأحكاما تتوجه لإصلاح علاقة الراعي مع رعيته، وأحكاما تتوجه لإصلاح منظومة الحكم والمنهج الذي يسير عليه نظام الحكم، وأحكاما تتعلق بعلاقة الدولة الإسلامية مع غيرها من الدول، كل ذلك وغيره تناولته الشريعة الإسلامية في غاية من العدل والإنصاف والمساواة والسمو والرفعة، قال تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته) الأنعام 116، وقال تعالى موضحا هذا المعنى في آية أخرى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) المائدة 4، يوضح سبحانه وتعالى في هذه الآية كمال الدين وشموله لجميع قضايا الحياة، وجعل الله هذا الكمال والتمام في الدين نعمة من نعم الله علينا حيث قال سبحانه وتعالى: (وأتممت عليكم نعمتي) ويكفي البشرية فخرا أن ترضى بما رضيه الله لها دينا حيث قال سبحانه وتعالى: (ورضيت لكم الإسلام دينا) أفلا نرضى إذا كنا مسلمين بالإسلام بالإسلام دينا وقد رضيه الله لنا دينا؟ لو لم يكن فيه خير لنا في الحياة الدنيا والآخرة بما يحتوي عليه من الأحكام والقيم التي تسعد الإنسان، في الدارين، لما رضيه الله لنا دينا وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول: «رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دنيا» رواه مسلم، وقال عز من قائل: (قل أأنتم أعلم أم الله) البقرة 139، وأما أحكام البشر وتشريعاتهم فإن النقص والقصور يعتريها من جميع الجهات، تبعا لنقص البشر وقصورهم عن بلوغ الكمال في كل شيء، خلافا لرب الناس فإنه كامل في الذات والصفات والأفعال فلا يصدر عنه إلا الكمال كما سبق بيانه، لذلك قال تعالى في حق الإنسان: (وخلق الإنسان ضعيفا) النساء 27، وقال تعالى: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا) الأنفال 66، لذلك فلا يشرع للناس إلا رب الناس، وأما أن يشرع مخلوق لمخلوق فلابد أن تتسم تشريعاته بالقصور والنقص تبعا لتكوينه الأصلي ثم عدم علمه التام بجميع جوانب حياة الإنسان ومكوناته وميولاته وعواطفه وغرائزه وأشجانه ووجدانه وأشواقه، أما الله عز وجل فإنه يعلم كل شيء عن خلقه لأنه هو الذي خلقه، وصاحب كل صنعة أدرى بصنعته من غيره، قال تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) الملك 14، وقال تعالى: (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) غافر 19، وقال تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ق 16. القاعدة الرابعة رد المتنازع فيه من الأحكام والتشريعات إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتحاكم إليها: هذه القاعدة من القواعد المسلم بها عند جميع العلماء، ولم يخالف أحد في ذلك عبر القرون والأجيال، فكلما وقع بينهم نزاع أو خلاف في أمر من الأمور تحاكموا إلى دين الإسلام وردوا ما اختلفوا فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لعلمهم أن حكم ما اختلفوا فيه موجود فيهما إما بالنص أو بالقياس على المنصوص عليه، امتثالا وتطبيقا لما أمرهم الله سبحانه به في قوله: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) النساء 58. بالرجوع إلى الآية الكريمة، أن المصادر الأصلية التي تستنبط منها الأحكام الشرعية أربعة هي القرآن والسنة والإجماع والقياس وهي أدلة اتفق جمهور علماء المسلمين على الاستدلال بها، لأن الأمر بطاعة الله ورسوله أمر باتباع القرآن والسنة، كما أن الأمر بطاعة أولي الأمر من المسلمين أمر باتباع ما أجمعت عليه الأمة فيما يخص أمور دينهم ودنياهم، ممثلة في أصحاب الشأن وهم الحكام والعلماء، فالعلماء يوضحون أحكام الشريعة للحكام، والحكام ينفذونها في الرعية. هذا وإن الأمر برد الوقائع المستجدة المتنازع فيها التي لم يرد فيها نص من الكتاب أو السنة ولم يجمع على حكمها مجتهدوا الأمة هو أمر بالقياس لأنه يتم بواسطة إلحاق قضية لم يرد فيها نص أو إجماع بقضية ورد فيها نص أو إجماع لتساويهما في علة الحكم وهو أمر بوجوب الاجتهاد لمن توفرت فيه شروطه" ص 92 كما قال الله عز وجل: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) النساء 82. يستفاد من قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء) أن كلمة شيء، نكرة في سياق النفي تعم جميع الأشياء المتنازع فيها من أمور الدين والدنيا سواء تعلق الأمر بأمور الدولة مع غيرها من الدول، أو تعلق بشؤون الراعي والراعية أو بشؤون الاقتصاد والسياسة والحكم أو بشؤون التعليم والثقافة والتربية أو بشؤون الأسرة والمجتمع. ويستفاد من قوله تعالى: (فردوه إلى الله والرسول) الأمر من الله عز وجل إلى المسلمين برد ما اختلفوا فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم دون غيرهما، وفي ذلك دليل واضح على أن الكتاب والسنة يوجد فيها الأحكام الكافية والشرائع التامة القادرة على استيعاب جميع تصرفات الناس الواقعة والمستجدة إعطاء الحلول والأحكام المناسبة لها عبر العصور والدهور إلى قيام الساعة، ولو لم يكن الأمر كذلك لكان أمر الله لنا بالرد إلى الكتاب والسنة عبثا، والله عز وجل منزه عن العبث، قال تعالى: (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين) الأنبياء 61. كما يستفاد من قوله تعالى: (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) تعليق الله تعالى رد المؤمنين فيما تنازعوا فيه إلى الكتاب والسنة بالإيمان بالله واليوم الآخر، وفي ذلك إشارة إلى سحب الإيمان من الذين لا يردون المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة وفي ذلك إشارة أيضا إلى الأمر بالرجوع إلى الكتاب والسنة في كل شيء. ويستفاد من قوله تعالى: (ذلك خير) ذلك إشارة إلى الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، "خير" خير من آراء الرجال أو آراء النساء خير من تحكيم العادات والأعراف والتقاليد، خير من القوانين العامة أو الخاصة، خير من القوانين الدولية أو المحلية، خير من المواثيق الدولية أو القوانين الغربية، فأحكام الله عز وجل وتشريعاته خير من كل حكم أو تشريع أو قانون في هذه الأرض، قال تعالى: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله) الشورى 10، وقال تعالى: (والله يحكم لا معقب لحكمه) الرعد 41. ويستفاد من قوله تعالى: (وأحسن تأويلا) أي أحسن مآلا وعاقبة، يعني تحكيم الله ورسوله في كل شيء وفي جميع المجالات نتائجه على الأمة في العاجل والآجل محمودة العاقبة وحسن المآل، (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ق 37. وفي الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عصمة من الاختلاف والخلاف، ومن الخطأ والزلل والبدع والخرافات والضلال، قال صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية: "... وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" رواه الترمذي وقال حسن صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله وسنتي» يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته أنه إذا تمسكت بكتاب الله عز وجل وسنته لن تضل عن الطريق الصحيح والسوي في جميع مجالات حياتها التعبدية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومفهوم الحديث أن الأمة إذا لم تتمسك بكتاب الله وسنة رسوله في جميع مجالات حياتها فلابد أن تضل الطريق الصحيح المستقيم وتنحرف عن كل خير إلى كل شيء. اختلاف المواقف من النصوص: موقف المؤمنين: قال تعالى: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون) النور 49. وقال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم لخيرة من أمرهم، ومن يعص الله رسوله فقد ضل ضلالا مبينا) الأحزاب 36. فالمؤمنون مواقفهم من نصوص الشريعة الإسلامية التسليم لله ورسوله، لأنهم يعلمون علم اليقين أن نصوص الشرع من عند الله وفيها كل الخير بعيدة عن كل شر، كما يعتقدون أن طاعة الله وطاعة رسوله والخضوع لهما عبادة مأمور بها، ويؤجرون عليها، ومخالفتهم عصيان وضلال يعاقبون عليها. موقف المنافقين: مواقف المنافقين من نصوص الشريعة الإسلامية الرد والرفض وعدم الاقتناع بها كحل لقضايا الأمة في جميع المجالات، إنهم يصفونها بالقصور والنقص وبالرجعية والظلامية وأنها عائق في وجه التقدم، ويرون في تشريع البشر وقوانينهم أفضل وأحسن من تشريع الله عز وجل، انظر كيف يصف الله عز وجل موقف المنافقين من شريعة الإسلام، قال تعالى: (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون صدودا) النساء 60 والصدود هو الإعراض عن حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم وقد حدثنا القرآن الكريم عن هؤلاء وأنهم يدعون الإيمان والإسلام ولكنهم لا يريدون التحاكم إليه والخضوع إلى شريعته. قال تعالى: (ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين، وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون) (النور 45/46). وقد بين الله عز وجل في محكم كتابه أن إيمان المسلم لا يعتد به ولا يدخل في صنف المؤمنين ولا يحسب منهم حتي يخضع لحكم الله ومحكم رسوله ويسلم بذلك تسليما في قلبه ولا يجد ضيقا ولا حرجا من حكم الله أو حكم رسوله قال الله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) النساء 64. إذا فكل من يدعي الإيمان فليحكم على نفسه بنفسه بالإيمان أو النفاق حتى لا يقول إنهم يكفرون المسلمين ويخرجونهم من الملة بل اجعل نفسك حكما عليها من خلال فهمك لهذه الآيات الواضحات في تحديد مواقف المؤمنين منها ومواقف المنافقين والكافرين، لتضع نفسك بنفسك في الخانة المناسبة لها قال تعالى: (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) الإسراء 14، والآيات في هذا الباب كثيرة، جاء في سورة الأنفال تحذير المؤمنين من صنيع المنافقين الذين يقولون سمعنا وهم لا يسمعون سماع عمل وتطبيق بل سماع استهزاء وإنكار قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) الأنفال 21 10 ومنهم من يداري المؤمنين ويتظاهر بأنهم معم ويصدق بما يصدقون وفي حقيقة أمره هو على خلاف ذلك لذلك قال تعالى في هذا الصنف: (يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون) التوبة 8. ونرجع إلى ما كنا بصدده بعد هذه المقدمة المهمة التي يحتاج إليهاكل متناقش في أمر الدين. نرجع إلى مناقشة بعض الأمور التي طلب من اللجنة مناقشتها وهي من سن الزواج بالنسبة للفتاة. وتعدد الزوجات، والطلاق بيد القاضي، واقتسام الزوجة مال زوجها معه بعد الطلاق، وقضية الولي. نبدأ بقضية سن الزوجة: أما قضية تحديد سن الفتاة في الزواج في مرحلة من مراحل عمرها: هذه المسألة نناقشها من منظور الشرع كما قدمنا لذلك، إننا نعتقد كمسلمين متبعين لما كان عليه المسلمون منذ عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا أن تحديد سن زواج الفتاة في مرحلة معينة لا يجوز لا في الشريعة الإسلامية ولا عند العقول السليمة، أما في الشريعة: أولا: القرآن: فقد جاء القرآن الكريم بالإشارة إلى زواج الصغيرة، قال تعالى: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن) الطلاق 4، يبين سبحانه وتعالى عدة المطلقة الآيس من المحيض وهي ثلاثة أشهر وعطف عليها الصغيرة التي لم تصل إلى سن المحيض إذا تزوجت وطلقت فعدتها أيضا ثلاثة أشهر، هذه الإشارة من القرآن الكريم تدل على أن الصغيرة التي لم تبلغ سن الحيض يمكن أن تتزوج ويمكن أن تطلق فتكون عدتها ثلاثة أشهر. فجميع المفسرين على كثرتهم وتنوع أساليبهم وأهل الفقه قاطبة على كثرتهم واختلاف مذاهبهم يذكرون زواج الصغيرة وطلاقها وعدتها وذلك عبر القرون والأجيال استنادا إلى ما ذكره الله عز وجل في كتابه دون اعتراض أو حرج، وهذا إجماع حصل في هذه القضية عبر العصور والدهور دون مخالف أو منازع. إلى عصرنا هذا عصر الميوعة والانحلال حيث ظهرت نابتة سوء ارتمت في أحضان الغرب فانبهرت بحضارته وثقافته، ولم يكن عندها نصيب من ثقافة الإسلام ولا حضارته ولا الوازع الديني فهاجمت الإسلام ومبادئه وأخلاقه وقيمه، لتستبدل ذلك بمجون الغرب وانحلال وشذوذه. ثانيا السنة: ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عقد على عائشة وهي بنت ست سنين ودخل بها وهي بنت تسع سنين ولا يمكن أبدا أن يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الأفضل والأحسن لأن أعماله وأقواله وحي من الله عز وجل، قال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) الحشر 7. هذا هو فهم علماء المسلمين من الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن جاء بعدهم إلى يومنا هذا فالكل صار على عدم تحديد سن المتزوجة فيمكن أن تتزوج في أي مرحلة من مراحل عمرها بعد القدرة على الزواج وإن لم تبلغ سن المحيض كما أشارت الآية والحديث. فهل أهل القرون المفضلة التي شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية كانوا على ضلال في عدم تحديد سن المتزوجة، وهل أهل القرون بعدهم من القرن الرابع إلى القرن الرابع عشر أو الخامس عشر مع ما كانت تزخر به هذه القرون من علماء أجلاء منتشرين في جميع البلدان الإسلامية، ومنهم علماء الحديث والتفسير والفقه والأصول واللغة والطب والهندسة وغيرها من الاختصاصات المتنوعة، وكان فيهم نوابغ وعباقرة لم تلد الأمهات مثلهم، لم يجرؤا جماعات أو فرادى على تحديد سن المتزوجة في مرحلة من مراحل عمرها فهل كانوا على ضلال وانحراف في هذا الأمر، أتكون الأمة كلها عبر القرون والأجيال قد ضلت وكانت على الباطل في هذه المسألة اللهم هذا بهتان عظيم. ثالثا الإجماع: وخلاصة القول، إذا كانت الأمة عبر القرون والأجيال على اختلاف الأزمنة والأمكنة لم يحددوا سن المتزوجة في مرحلة من مراحل عمرها فهذا يدل دلالة واضحة على إجماع الأمة على ذلك والإجماع مصدر من مصادر التشريع المتفق عليها، والإجماع معصوم من الخطأ والزلل والنقصان والقصور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجتمع أمتي على ضلالة»، إذا كان هذا الأمر مجمعا عليه من الأمة كلها عبر القرون والأجيال، فلا يجوز للمسلمين بعد ذلك أن يخرجوا عن إجماع الأمة قال الله عز وجل: (ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين قوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) النساء 144، وسبيل المؤمنين في الآية هو إجماعهم على مسألة من المسائل الدينية أو الدنيوية، فلا يجوز الخروج عنهم. وقال صلى الله عليه وسلم: «من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام عن عنقه» رواه البخاري، وروى الترمذي في كتاب الفتن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة ويد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار)، ومن هذا نعلم جميعا أن مسألة تحديد سن المتزوجة في مرحلة من مراحل عمرها ليست خاضعة لعرف الناس أو تابعة للمصلحة أو المفسدة حيث، يمكن التصرف فيها حسب الظروف والأحوال، بل هي مسألة قد حسمت منذ القرون الأولى، ووقع الإجماع من الأمة كلها عبر القرون والأجيال علىعدم تحديد سن المتزوجة، فليحذر المسلمون من التطاول والتجاسر على إجماع الأمة ومخالفتها في هذا الأمر أو غيره، فإن ذلك هو الضلال والانحراف والخروج عن الجادة، ولا نجني من وراء ذلك إلا الشر، فماذا بعد الحق إلا الضلال) يونس 32. رابعا: العقل السليم: إن الله عز وجل قد جعل هذه الشريعة الإسلامية رحمة للعالمين، فرفع الحرج والضيق في أحكامها ومبادئها كما جعلها سهلة وميسرة، قال تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) البقرة وقال تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج 76. ومن هذا اليسر ورفع الحرج: عدم تحديد سن المتزوجة في مرحلة من مراحل عمرها، فما جعله الله عز وجل واسعا ومطلقا وميسرا، ليس من المصلحة في شيء أن نحجر واسعا أو نقيد مطلقا أو نعسر ميسرا، فالله عز وجل هكذا شرع هذه المسألة وجعلها واسعة ومطلقة، قال تعالى: (وما كان ربك نسيا) (سورة مريم 64)، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها» حديث حسن رواه الدارقطني وغيره، فمن أرادت أن تتزوج في سن 15 أو 16 أو 17 عاما أو أكثر أو أقل فلا حرج ولا تضييق فلماذا نحدد السن ونمارس على الناس الوصاية ونجعلهم عبيدا لهذا القانون الجائر «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا» فلنترك الناس أحرارا في هذا الأمر، لماذا نمنع شابا يريد أن يقترن بفتاة يحبها وتحبه، ويريد أن يصل إليها وتصل إليه عن طريق الشرع، فنمنعها من ذلك بدعوى أنها لم تصل إلى السن القانوني المسموح به، لماذا لا نتعاون معهما ونأخذ بأيديهما ونسمح لهما بالزواج كما سمح لهما به ربهما عز وجل وسمح لهما به رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمحت لهما به الأمة كلها عبر القرون والأجيال، أين الحرية التي تتبجحون بها؟ إذا لم نمكنهما من هذا الزواج فسوف يختارون طريقا آخر ليصل كل واحد منهما إلى صاحبه، وهذا هو الذي يريده دعاة التغريب والإباحية والفسوق والفجور، جعل الله كيدهم في نحورهم، ولا يشك عاقل أن تحديد السن في الزواج بالنسبة للأنثى هو دعوة من الزنا والفجور خصوصا في هذه المرحلة الصعبة عند الفتاة والشاب، فعواقب تحديد السن وخيمة على الفرد والمجتمع، لكن دعاة الإباحية والانحلال هذا هو هدفهم الذي يجرون وراءه، قال تعالى: (والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون) التوبة 67. ذ. محمد الحسن الشرقاوي أستاذ مادة التربية الإسلامية رئيس جمعية الإمام مالك- ابن جرير