[قيم التسامح بين الناس] منها السماح للمسلمين بمجاورة غيرهم في السكن ومجالستهم في المجامع ومؤكلتهم واستضافتهم في المآدب، وزيارتهم في حال الصحة، وعيادتهم عند المرض، ومشاطرتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أحزانهم، وفي شأن مؤكلتهم واستضافتهم وفي ذلك قوله تعالى: "اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم" [المائدة، 6] بينما أكدت السنة وسيرة السلف الصالح بقية الأحوال. ومنها السماح للمسلمين بمصاهرة غيرهم، والزواج من الكتابيات دون أن يكون دينهن عائقا عن الزواج بهن بحيث لا يعارض الإسلام في أن يكون الزوج مسلما وزوجته غير مسلمة ما دام كل منهما يحترم دين الآخر ولا يحول دون ممارسته ولا يستغرب أن تكون الأم غير مسلمة وأولادها مسلمون وفي شأن السماح لهذا الزواج المختلط القائم على أساس التسامح وعدم التعصب جاءت بقية الآية الخامسة من نفس السورة الخامسة سورة المائدة التي تقول: "والمحصنات من المومنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا ءَاتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين". ومنها السماح للمسلمين بتخصيص وصية تنفذ بعد موتهم بعد موتهم لأقاربهم غير المسلمين كما إذا كانت الزوجة كتابية لا ترث زوجها أو كانت الأم كتابية لا ترث أولادها فيوصي لها زوجها المسلم أو ولدها المسلم بوصية خاصة وهذه إحدى الحالات التي تطبق عليها قوله تعالى: "الوصية للوالدين والاَقربين بالمعروف حقا على المتقين" [البقرة، 179]، وهي تصدق على جميع الأقارب الذين ليسوا بورثة إذ "لا وصية لوارث" كما جاء في الحديث الشريف.. منها السماح للمسلمين بتخصيص قسط من زكواتهم للإنفاق على الفقراء من غير المسلمين نظير الإنفاق على فقراء المسلمين أنفسهم والسماح لهم بإدراج المؤلفة قلوبهم ضمن مصارف الزكاة والمراد "بالمؤلفة قلوبهم" هنا من يتعاطفون مع الإسلام أو يدافعون عن حقوق المسلمين وإلى ذلك تشير الآية الستون الواردة في السورة التاسعة "سورة التوبة" التي تقول "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم" [التوبة، 60] إلى آخر الآية.. يتبع في العدد المقبل… بحث مقدم إلى الدورة الدولية التي عقدتها لجنة "حقوق الإنسان" حول التسامح الديني والفكري بمنطقة الأممالمتحدة في جنيف من 3 إلى14 دجنبر 1984، وقد ترأس الأستاذ محمد المكي الناصري الوفد المغربي الذي مثل المغرب في هذه الدورة، وقدم باسمه هذا البحث..