إن الإسلام دين الحركة والعمل لا دين البطالة والكسل لو تتبعنا آيات الأمر بالعمل في القرءان والسنة لطال بنا الوقت ولكن نقتصر على بعض الآيات الشاملة العامة لكل أعمال الخير، فمثلا الآية105 من سورة التوبة: "وقل اعملوا فسيرى الله عمالكم ورسوله والمومنون" [التوبة، 106]، هذه الآية الكريمة ترغب في العمل لان الله تعالى يراه فيجازي صاحبه على قدر إخلاصه ونيته، ويراه الرسول عليه السلام فيستغفر له ويدعوا له ويراه المؤمنون فيثنون عليه ويحبونه ويدعون له، ويفضي بالإنسان العمل الصالح إلى دعوة الخليل إبراهيم عليه السلام "واجعل لي لسان صدق في الاَخرين" [الشعراء، 84] وقوله تعالى: "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الاَرض" [الجمعة، 10]، وذكر الله تعالى النهار بأن جعله معاشا أي لكسب الرزق والسفر في طلبه فقال "وجعلنا النهار معاشا" [النبأ، 11] والله تعالى يحب العبد المحترف، ويبغض الكسول البطال كما أورد الدارقطني قوله صلى الله علبه وسلم "إن الله يحب العبد يتخذ المهنة ليستغني بها عن الناس"، كما روى الطبراني في معاجمه الثلاثة من حديث كعب بن عجرة انه صلى الله عليه وسلم كان جالسا مع أصحابه ذات يوم فنظروا إلى شاب ذي جلد وقوة وقد بكر يسعى، فقالوا ويح هذا لو كان شبابه وجلده في سبيل الله فقال صلى الله عليه وسلم "لا تقولوا هذا فانه إن كان يسعى على نفسه ليكفها عن المسألة ويغنيها عن الناس فهو في سبيل الله، وان كان يسعى على أبوين ضعيفين أو ذرية ضعاف ليغنيهم ويكفيهم فهو في سبيل الله، وان كان يسعى تفاخرا وتكاثرا فهو في سبيل الشيطان"، وقال عمر رضي الله عنه "لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة". وأذكركم معشر الشباب أن أباكم آدم كان فلاحا، وان أول الرسل نوحا كان نجارا، وان نبي الله شعيبا كان كسابا، وان نبي الله إدريس كان خياطا، وان نبي الله وكليمه موسى كان راعيا، وان نبي الله داود مع ملكه كان حدادا، وان خاتم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كان راعيا ثم تاجرا ثم مجاهدا، من هنا تدركون أن العمل شرف وان الاسترزاق من فضل الله تجارة أو صناعة أو زراعة أو ماشية أو حرفة كيفما كان نوعها مادامت في إطار الشرع استغناء في الدنيا عن الناس وحفظا لماء الوجه والكرامة، وجهاد في سبيل الله ليجزى صاحبه في الآخرة جزاء المجاهدين، وان البطالة والكسل والدعة وتضييع الوقت في اللهو واللعب والمجون والسهر في الخرافات قتل للحياة والدين وهدر للكرامة ومدعاة للفقر والمذلة وسوء العاقبة والعياذ بالله، فالشاب المسلم التقي العاقل لا يقبل لنفسه أن يكون حثالة المجتمع يعيش على الهامش، ولا يرضى لنفسه أن تكون كرامته مداسة بل لابد لطموحه أن يشرءب إلى الأفق الأعلى ليكون نجما مضيئا لنفسه ولمجتمعه القريب والبعيد. فقد قال بعض الفضلاء: فكن رجلا رجله في الثرى وهامة همته في الثريا. والعمل الصالح كيفما كان نوعه مصدر السعادتين العاجلة والآجلة، يقول ربنا الكريم في سورة النحل آية 97 "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" صدق الله العظيم…