تافيلالت خلال القرن 13 الهجري و 19 الميلادي مع وفاة السلطان سيدي محمد بن عبد الله تولى الملك من بعده ابنه المولى اليزيد الذي لم يدم حكمه سوى عامين حيث خلفه أخوه مولاي سليمان الذي كان رجل علم وزهد وعاش قسطا من حياته بتافيلالت. ووفقا لسنة سابقيه، زار مولاي سليمان المنطقة سنة 1215 هجرية / 1804 ميلادية فعين محمد السريدي عاملا عليها وأقام فرقا مسلحة بالقصور قصد حراستها ضد هجمات القبائل. و"أشرف على تنصيب حاميات الجيش بمختلف المناطق التي عين عليها ولاة جددا ومن بينها غريس وزيز ومدغرة"[1]. كما قام السلطان في 1225 هجرية / 1814 ميلادية بإنشاء "مخزن للبارود بالمكان المعروف بالمصرية والواقع بداخل السور المحيط بقصر الريصاني ودار الزياني"[2]. وبذلك أصبح قصر الريصاني المقر الإداري لإقليم تافيلالت والذي عوض القصبة السجلماسية التي تعرضت ربما للتخريب حوالي سنة 1228 هجرية / 1818 ميلادية بفعل الصراعات القبلية، هذا في الوقت الذي أصبح فيه قصر أبو عام مركز الحركة الاقتصادية بالمنطقة. ومع ذلك لم تنمحي القصبة السجلماسية من ذاكرة السكان المحليين على الأقل في جانبها الروحي، إذ ظل مسجدها الجامع حيا إلى غاية بداية القرن الرابع عشر الهجري / العشرين الميلادي وكانت تقام فيه صلاة الجمعة والعيدين. بعد وفاة السلطان مولاي سليمان سنة 1232 هجرية / 1822 ميلادية خلفه مولاي عبد الرحمان بن هشام الذي كان بدوره يقيم بتافيلالت ولفترة طويلة، قبل أن يستقدمه السلطان مولاي سليمان فولاه على الصويرة وأعمالها ثم حاكما على مدينة فاس. وخلال عهد هذا الأخير يمكن تلخيص الأحداث التي عرفتها المنطقة كما يلي: * فقد شهدت هذه الفترة "أزمة في تاريخ تافيلالت والأيالة السجلماسية كما يسميها المؤرخ المغربي أبي القاسم الزياني.. وخاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وعرفت المنطقة هجرة بشرية مكثفة نحو شمال المغرب ومدنه الكبرى مثل فاس، مكناسة الزيتون، تازة، مراكش، الرباط وغيرها.. [مما] أثر بشكل سلبي على الحياة العامة لتافيلالت وأضعف إمكانياتها"[3]؛ * تمرد مولاي عبد السليم بن مولاي سليمان الذي بويع بتافيلالت بوصفه الوريث الشرعي لعرش أبيه، إلا أنه فشل في حركته؛ * ما بين 1232 هجرية / 1822 ميلادية و1240 هجرية / 1830 ميلادية كان عامل تافيلالت هو مولاي أحمد بن عبد الواحد؛ * في سنة 1246 هجرية / 1836 ميلادية كان يحكم المنطقة القائد العربي الرحماني. * ما بين 1265 هجرية / 1855 ميلادية و1266 هجرية / 1856 ميلادية عين مولاي عبد الرحمان، إبراهيم يسمر – زعيم قبيلة آيت إزدك- عاملا على المنطقة، إلا أن هذا الأخير كبر طموحه وأغواه المنصب، فتمرد قبل أن يقتل فيما بعد؛ * في هذه المرحلة أيضا ازداد انقسام سكان تافيلالت إلى أحلاف متصارعة أهمها حلف آيت يافلمان وحلف آيت عطا. وكان لهذا الانقسام أن غرقت المنطقة طيلة النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري / التاسع عشر الميلادي في دوامة من الصراعات المتتابعة كان لها الأثر السلبي في انعدام الاستقرار والأمن؛ * في سنة 1269 هجرية / 1859 ميلادية توفي السلطان مولاي عبد الرحمان فخلفه ابنه سيدي محمد الذي عين ابنه مولاي رشيد حاكما على تافيلالت وعلى كل الواحات الجنوبية [توات، وكَورارة] كما أعاد تنظيم المنطقة بشكل محكم، فكانت إدارتها تتكون من: خليفة السلطان (مولاي رشيد)، والمستشارين، والقائد (علي وداود في 1270 هجرية / 1860 ميلادية، ثم عمر، ثم لحسن بن محمد الدليمي في 1282 هجرية / 1872 ميلادية)، وقاضي الجماعة، وشيوخ القبائل، وشيوخ الجماعات، والمحتسب وموظفي المخزن.. يتبع في العدد المقبل.. ——————————————————— 1. حركات (إبراهيم)، المغرب عبر التاريخ. الدارالبيضاء، دار الرشاد الحديثة، الطبعة الثانية، ثلاثة أجزاء 1984. الجزء الثالث، ص: 147. 2. Dastugue (H): op-cit)p: 371. 3. العلوي القاسمي (هاشم)، المرجع السابق، ص: 10.