نبيلة منيب- الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموح تنعقد هذه الجامعة"مغرب ما بعد 20", في ضل ظرفية صعبة تتميز بأزمة المشروع الديمقراطي, أزمة اقتصادية-اجتماعية, ثقافية, بيئية, أخلاقية, قيمية, تؤثر فيها المتغيرات الإقليمية و الدولية و المستجدات الوطنية الشيء الذي يؤكد أن التغيير الديمقراطي وبناء دولة الحق و القانون لن يتحقق إلا عبر استمرار النضال الديمقراطي و توضيح المشروع المجتمعي الحداثي المتكامل, المستحضر للأخطاء الكبرى, خصوصا المرتكبة ما بين 96 و 2011 , ومستوعبا اللحظة التاريخية التي نمر منها و التي يجب أن نستغلها لمصلحة حاضر و مستقبل الشعب المغربي. -الضرفية تتميز باحتداد الصراع بين القوى الديمقراطية و الحداثية التي تسعى إلى تحرر شعوب العالم من الاضطهاد و الاستبداد و الظلم و الفقر و الجهل و تقرير مصيرها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي، و بين القوى الامبريالية و الاستبدادية التي تستحوذ على الثروة و المال و التكنولوجية و تستعمل كل الوسائل من أجل تكريس هذا الوضع و بسط سيطرتها الفوق- وطنية. -الضرف يتميز بالحاجة الماسة للاستفادة مما يقع على المستوى الدولي و الإقليمي عبر تحليل و قراءة استشرافية للمتغيرات, التي سيكون لها, لا محالة, تاثيرا على بلداننا: أزمة مالية و اقتصادية دولية غير مسبوقة,و بروز تعددية قطبية, ممكن أن تفضي إلى توازنات جيواستراتيجية جديدة وخلق شروط لإعادة ترتيب علاقاتنا الدولية بشكل تراعى فيه مصالح شعوبنا. ثورات, و انتفاضات و بداية نهضة في المنطقة العربية و المغاربية, لازالت تعرف مخاضا عسيرا في ضل تحامل القوى الإمبريالية, من جهة ، في محاولة التحكم في نتائجها و إجهاضها, حفاضا على مصالحها الإستراتيجية و تقسيمها للمنطقة و الهيمنة على الخيرات و استعباد الإنسان و من جهة أخرى تواطؤ حلفاء المراكز الامبريالية من مملكات البترول ، و التي تتوجس من عدوى مطالبة الشعوب بالتحرر من الاستبداد و الفساد. الخطورة هي أيضا داخلية, ثورة و ثورة مضادة, تعيشها البلدان التي عرفت حراكا, حيث برز تناقض ما بين جبهتين: الأولى ديمقراطية' تؤمن بالسيادة الشعبية و التداول السلمي على السلطة و ربط المسؤولية بالمحاسبة لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحداثية, والثانية أصولية مناهضة لمجتمع الديمقراطية و الحداثة و التي تختبر السلطة السياسية لأول مرة و تقرن السلطة بنوع جديد من الاستبداد. و تأسيسا على هذا ، فإن تطلع الشعوب للديمقراطية الشاملة و إحداث قطيعة مع ماضي الإستبداد و الفساد, يتطلب الدفع بمشروع ديمقراطي قادر على استقطاب جهات واسعة من التعبيرات السياسية و الاجتماعية و المدنية الديمقراطية و اتخاذ مبادرات لمواجهة الثقافة المحافظة و تقوية و تعزيز الخيارات الثقافية التنويرية و التحديثية، و تأطير المجتمع ليكون في مستوى المشاركة السياسية والصراع الفكري والاجتهاد الديني كجزء من معركة عقلنة الفكر السياسي و بناء المجتمع الحداثي ،و نبد العنف و التعصب و الإقصاء و تكريس الحق في الاختلاف. ومن ناحية أخرى فإن استمرار المخاض يفرض، أكثر من أي وقت مضى، التعاون و إقامة تحالفات و شراكات بين التيارات الديمقراطية و اليسارية داخل المغرب و مع دول المنطقة و الحركات المطالبة بعالم عادل تتحقق في ضله العدالة الاجتماعية كترجمة لطموحات الشعوب في الحرية و التحرر و الكرامة. في المغرب انطلقت حركة 20 فبراير في خضم الربيع الديمقراطي الذي عرفته المنطقة,و عملت هذه الحركة، على إعادة سؤال التغيير الديمقراطي للواجهة خاصة بعد فشل مقاربة الانتقال الديمقراطي و إغلاق الحقل السياسي و تأسيس حزب الدولة, وبرهنت على أن الشباب المغربي في الفعل، و ليس في رد الفعل, منخرط في الثورة المعلوماتية التواصلية و معبأ لاكتساح ساحة النضال و خوض معركة التغيير الديمقراطي و الصمود أمام القمع و البلطجة. حركة 20 فبراير خلقت الحدث و فرضت إعادة النضر في الحتميات, رغم أنها لم تحقق أهدافها في تغيير الثوابت المخزنية والتقدم نحو البناء الديمقراطي نضرا لأن النظام حاربها بشراسة و دهاء كما حارب اليسار بالأمس القريب, ولأن الحركة لم تتمكن من استقطاب أوسع، و لم تصل إلى مرحلة ألا عودة و تعبئة نسبة مئوية مهمة من الطبقات الشعبية و المتوسطة، لتحقيق الضغط الذي يفرض التغيير,ونضرا لضعف تيار سياسي ديمقراطي واسع, داعم كتعبير عن صيرورة النضال الديمقراطي من أجل تحقيق التغيير الديمقراطي المأمول. ساهمت حركة 20 فبراير, في ضل الربيع الديمقراطي, بنفس شبابي في الدفع بفتح ملف الإصلاحات الدستورية و السياسية لكن النظام تحكم في منحى الإصلاحات و لم يسمح بفتح الطريق نحو التأسيس الديمقراطي الحقيقي. لكن بالرغم من محاصرة النظام للحركة إلاأن سقوط قناع الخوف و تنامي الحركات الاحتجاجية, ينبأ بأن انطلاقة قوية لازالت ممكنة, إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار التعثرات و رسم أفق واضح للتغيير المنشود كما عبرت عنه الأرضية الأولى للحركة التي حددت مطلب الملكية البرلمانية قبل أن يتم الانقلاب عليه. إن الحزب الاشتراكي الموحد, يتطلع إلى المساهمة النوعية في مسار التأسيس للديمقراطية، حزب داعم للنضالات الجماهيرية و منفتح باستمرار على مختلف المكونات الديمقراطية ، يطمح إلى بناء قوة تحول في اتجاه الديمقراطية الفعلية حيث التجسيد الحقيقي للسلطة الشعبية و تحقيق العدالة الاجتماعية . إننا نعي جيدا أيتها الرفيقات، أيها الرفاق، أن طموحنا كبير و صعب خاصة بعدما ما آلت إليه الأوضاع السياسية في بلادنا، ونجاح النظام السياسي في الالتفاف على مطالب التغيير الديمقراطي و بسط سيادته على كافة مناحي الحياة السياسية. لهذا فالتغيير المنشود، يتطلب مجهودا قويا من لدن كافة أجهزة الحزب،لتطوير الالتزام السياسي و النضالي دي و يتطلب إلى جانب هذا تصحيحا و تقوية لهياكله التنظيمية والسعي لتطوير المواطنة الحزبية، كي يتمكن الحزب من تبوء المكانة التي تليق به في المشهد السياسي كأحسن عرض سياسي و كمشروع ديمقراطي حداثي, يقترح البدائل من أجل المواطنة الكاملة و المساواة والحرية و التضامن و تحقيق العدالة الاجتماعية و الحفاض على السلم المجتمعي. و قادر أن يحتضن و أن يدعم نضالات المحتجين و القوى المطالبة بالتغيير الديمقراطي. -الحزب قدم التضحيات الجسام على طريق النضال الديمقراطي, رغم القمع الممنهج الذي ضل يعاني منه, -الحزب خاض و لازال معارك دارية لنصرة القضايا العادلة, و المطالب المشروعة للفئات و الجهات و الدفع بترجمة السيادة الشعبية إلى حقيقة -الحزب كان سباقا لتجميع قوى يسارية حول مشروع التغيير مع الانفتاح الدائم على الحلفاء و الفعاليات الديمقراطية و السعي إلى توسيع مجالات التحالف و التعاون (الكتلة الديمقراطية, تحالف اليسارالديمقراطي و الرقي به إلى مستوى أرقى من العمل, تجمع اليسار الديمقراطي, فضاءات اليسار, الإتيلاف من أجل الملكية البرلمانية الأن ........) كما يسعى إلى تكوين جبهة ديمقراطية واسعة كقوة ضاغطة و كمشروع بديل متكامل, سياسي, اجتماعية, فكري لفرض التغيير الديمقراطي - الحزب أسس للتيارات من أجل التدبير المتقدم للاختلاف و تطوير و تقوية الحزب و أدائه, و هو مكسب يجب دعمه و تشجيعه و تطويره -مأسسة التيارات في إطار وحدة الحزب : و دعم المواطنة الحزبية, حيت تعدد الآراء والتأسيس للاختلاف الخلاق، و النقد البناء في ضل احترام أخلاق المناظرة و أدب الجدل, و التعاون والتكامل و التضامن و الإنسجام الرفاقي المتحضر, لتقديم البدائل المتقدمة و تقوية الانتماء إلى المشروع و التعبئة و الانخراط و العمل البناء و الفعل المتواصل من أجل حشد الدعم لتحقيق التغيير الديمقراطي المنشود. -مأسسة التيارات للمساهمة في تطوير رؤى حزبية متقدمة، و تجديد صياغة الأدبيات السياسية, للدفع بالحزب إلى احتضان الواقع في جدلياته المتحركة. فالنظام المخزني اجتاز الحراك الشعبي الذي عرفه المغرب مع حركة 20 فبراير بأقل خسائر, دستور 1�72011 , انتخابات سابقة لأوانها ل 25112011 و التي أوصلت ح ع و ت إلى رئاسة الحكومة . -دستور حافظ على التوابث المخزنية و لم يحسم مع الملكية البرلمانية بالمعايير الدولية و بالتالي لم يؤسس لفصل حقيقي للسلط و لبناء دولة الحق و القانون و وضع حد للإفلات من العقاب و لمأسسة الفساد. فالأوضاع تتسم بالإستمرارية فالنظام المخزني ما زال مستفردا بالشأن العام السياسي و الاقتصادي بالتحكم في جل السلط، و ربط السلطة السياسية بسلطة المال و الأعمال مع ما يترتب عن ذلك من استمرار للفساد و الاحتكار و المحميين و اقتصاد الريع و الإفلات من العقاب و التحكم في القطاعات العمومية الإستراتيجية و غيرها واعتماد التوجهات و الاختيارات ألاشعبية التي تكرس الظلم الاجتماعي بكل تمظهراته. و تبارك خطواته في ذلك طبقة سياسية ريعية تقليدية محافظة ، و تمييع الحياة السياسية من خلال استقطاب و إدماج نخب سياسية، انتهازية لإضفاء المشروعية على مخططات غير ديمقراطية, و إجهاض كل محاولة بروز قوة مضادة، قادرة على تغيير موازين القوى باتجاه التغيير الديمقراطي و فرض اختيارات ديمقراطية تستجيب لطموحات فئات واسعة من المغربيات و المغاربة في تحقيق المواطنة الكاملة و الكرامة الإنسانية. بالمقابل برز في المجتمع قطب القوى الأصولية ذات مرجعية إسلامية مستفيدة من المحيط السوسيو ثقافي ومتوفرة على قواعد واسعة، سهل لها المأمورية، عموما، تراجع القوى اليسارية و الديمقراطية في الحقل السياسي، خاصة بعدما قبلت نخب محسوبة على الصف الديمقراطي الدخول في دائرة النظام عوض النضال من أجل تغيير أسسه البنيوية الا ديمقراطية. هذا بالإضافة إلى محاولة الاستحواد على الشارع و إغراقه بالجمعيات المخزنية, بتواطئ السلطات ( مسيرة دعم فلسطين..), بالموازات مع ارتفاع وتيرة قمع الحريات، و استعمال أساليب القمع و الزجر و الاعتقال و المحاكمات المفبركة الصورية, و تلفيق التهم, للترهيب و القمع الممنهج,لثني المناضلين و المحتجين عن المطالبة بحقوقهم المشروعة, الشيء الذي يؤكد أن التغيير الديمقراطي الحقيقي وبناء دولة الحق و القانون لازال يتطلب مجهودا كبيرا متعدد الأبعاد و تعبئة أقوى من قبل القوى الديمقراطية ذات المصلحة في التغيير,اعتمادا على التأطير لتنمية الوعي و لتقوية التعبئة و الانخراط و الاجتهاد في العمل على مختلف الواجهات. و عليه فمنظورنا للتغيير الديمقراطي وإسقاط الفساد و الاستبداد لن يحصل إلا بالقطع مع التوافقات الانهزامية ومع منطق "البيعة"، و العمل على أخد العبرة مما وقع و الاستفادة من أخطاء التناوب التوافقي واعتماد النضال الديمقراطي بشقيه المؤسسي و الجماهيري.كما يتطلب العمل على إعادة بناء تيار ديمقراطي مجتمعي واسع ، في استقلالية تامة عن المشروع المخزني المحافظ من جهة و عن المشروع الأصولي المناهض للديمقراطية من جهة ثانية. مشروع مجتمعي يروم استنهاض رأي عام مساند ومرشح لتعبئة واسعة، مداخله الأساسية: قواعد الدولة المدنية الديمقراطية الحداثية؛ الملكية البرلمانية كما هي متعارف عليها اليوم في التجارب الدولية ؛ احترام حقوق الإنسان و الحريات و المساواة بين النساء و الرجال. -مداخل للمشروع السياسي الديمقراطي نجملها في القضايا التالية: § مشروعية استمرار معركة الإصلاحات الدستورية و المؤسساتية و السياسية § خوض ثورة ثقافية ومصاحبتها بتشجيع البحث العلمي في مجالات الفكر السياسي و فلسفة السياسة و علوم الاجتماع للفعل إيجابا في مجريات الأحداث و اعتماد مركزة العلم و المعرفة .و خوض صراع فكري حضاري لتأهيل المجتمع لمساندة التغيير الديمقراطي الحداثي. § مواكبة السياسات العمومية بهدف تقوية الانخراط السياسي للمواطنين والمواطنات وبلورة البدائل و تشكيل قوة اقتراحيه و نضالية على مختلف الواجهات. § إشراك الفاعلين الأساسيين في بلورة المشروع المجتمعي الديمقراطي البديل المتكامل في إطار وضوح الرؤى و استشراف المستقبل: سياسي, اقتصادي, اجتماعي, ثقافي, بيئي, أخلاقي, قيمي. § تقوية الديناميات الاجتماعية و التشبيك والتكتل في جبهة ديمقراطية، بهدف خلق حركة ديمقراطية،فكرية- سياسية – اجتماعية لتعديل ميزان القوى لفائدة التغيير الديمقراطي. § الربط بين النضال السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و خلق تلاحم بينهما عبر التفكير و الحوار و المشروع الاقتصادي البديل لليسار. § توضيح مداخل الإقلاع الاقتصادي و القضاء على الفساد و اقتصاد الريع و الامتيازات و تحقيق التوزيع العادل للثروة و التلاحم المجتمعي. § العمل على إمكانية الالتقاء بين الدينامية النقابية و السياسية لتفعيل دعامات التغيير الديمقراطي و بناء خيارات جديدة و استعادة الدور السياسي للطبقة العاملة للقضاء على الاختلالات البنيوية: الاستبداد السياسي و الفساد الاقتصادي و الإقصاء الاجتماعي. § الانفتاح على الشباب و الطلبة والنساء عبر خلق فضاءات للحوار و التأطير و بلورة فهم مشترك للعلاقة بين إقرار المساواة بين النساء و الرجال و إقرار الديمقراطية باعتبار القضية النسائية في صلب القضية الديمقراطية. § تطوير آليات التواصل بين مختلف الفاعلين لتطوير منظورنا للنضال الديمقراطي اليوم في المغرب § العمل على إعادة بناء و إعادة تأسيس اليسار و توحيده،لكونه يشكل النواة الأساسية لتقوية جبهة ديمقراطية فكرية- سياسية- اجتماعية § تحريك الدعامات: النقابية, المدنية (حقوقية, نسائية, أمازيغية........) و الاجتهاد في خدمة الطبقات الكادحة و الدفاع عن حقوق الفلاحين و العمال و المعطلين و كل المحرومين § تجديد الفكر, وتحديث أدوات الاشتغال,تقوية التنظيمات § إعادة بناء جسور التعاون والتواصل و التضامن § تطوير اليات للتجدر داخل المجتمع § تجديد النخب: التشبيب و التأنيت: التأطير وإشاعة القيم الحضارية الإنسانية و المبادئ الكونية.