أن تكون قاضيا ، معنى ذلك أنك العدل يمشي على قدميه ، والعدل والحكم بين الناس يجب ان يكون بالقسط ، وهو من أهمّ واجبات مَن ولي أمر القضاء. استقلال القضاء وبعده عن التأثيرات السياسية والأدبية والاجتماعية يعدّ أمرا مهمّا في كفاءة القاضي على تحقيق العدالة وإحقاق الحقوق. العلم والمعرفة ركنان رئيسان في بناء شخصية القاضي. تطبيق العدالة سبب لجلب الأمن والاستقرار ورغد العيش وحياة سعيدة هادئة آمنة في الدول. وتطبيق العدالة سبب لجلب الأمن والاستقرار ورغد العيش وحياة سعيدة هادئة آمنة ، تستطيع الأمة أن تقوم بواجباتها ، وأن تسير على نسَق واحد يسوده التعايش السلمي والتكاتف الاجتماعي ، ولذلك قيل : " إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة ...وتدوم الدنيا مع العدل والكفر ، ولا تدوم مع الظلم والإسلام" . وبما ان العدل لا يتحقق إلاّ إذا قام عليه مؤهّلون مخلصون مؤتمنون ، فعلى الحكام بثلاث : ألاَّ يتبعوا الهوى ، وأن يخشوه ولا يخشوا الناس ، وأن لا يشتروا بفصول القانون ثمنا قليلا. واستقلال القضاء وبعده عن التأثيرات السياسية والأدبية والاجتماعية يعدّ أمرا مهمّا في كفاءة القاضي على تحقيق العدالة وإحقاق الحقوق ، ولا شكَّ أنَّ الأمانة والتعفّف والابتعاد عن الشبهات والنزاهة هي الأخرى من أهمّ الصفات . وأن يكون القاضي صادق اللهجة متوقّيا المآثم ، بعيداً عن الريب ، مأمونا في الرضا والغضب ، متصفا بالأناة عند إصدار احكامه ، و ينبغي للقاضي أن يلتزم بآداب معيّنة تقتضيها مصلحة القضاء ، وتستدعيها رسالة العدل ، وتستوجبها المكانة العظيمة التي يرقى إلى منصَّتها شخص تحمَّل الفصل بين الخصوم ، وحمل أمانة إيصال الحقوق إلى أصحابها ، فبقدر ما يكون القاضي من الالتزام والاستقامة وحسن السيرة وجميل السلوك يكون له من الثقة والقبول عند الناس. فيجب على من ولي القضاء أن يعالج نفسه على حفظ المروءة وعلوّ الهمة، ويتوقّى ما يشينه في دينه ومروءته وعقله ، أو يحطه في منصبه وهمته ، فإنه أهل لأن ينظر إليه ويقتدى به ، ولا يسعه في ذلك ما يسع غيره ، فالعيون إليه مصروفة ، ونفوس الخاصة على الاقتداء بهديه موقوفة ، ولا ينبغي وهو في هذا المنصب سواء وصل إليه برغبته فيه وطرح نفسه عليه ، أو امتحن به وعرض عليه ، أن يزهد في طلب الحظ الأخلص والسَنَن الأصلح ، وأدهى من كل ما يتوقع من البلاء ، فليأخذ نفسه بالمجاهدة ويسعى في اكتساب الخير ويطلبه ويستصلح الناس بالرهبة والرغبة ، ويشدّ عليهم في الحق ، فإن الله تعالى بفضله يجعل له في ولايته وجميع أموره فرجا ومخرجا ، ولا يجعل حظه من الولاية المباهاة بالرئاسة ، والزهو بالمنصب ، وإنفاذ الأوامر والتلذذ بالمطاعم والملابس والمساكن، فيكون ممن خوطب بقوله تعالى (أدهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) وليجتهد ما أمكن أن يكون جميل الهيئة، ظاهر الأبّهة، وقور المشية والجلسة ، حسن النطق والصمت، محترزاً في كلامه من الفضول وما لا حاجة به، كأنما يعدّ حروفه على نفسه عدّا ، فإن كلامه محفوظ ، وزلله في ذلك ملحوظ ، وليقلل القاضي عند كلامه الإشارة بيده والالتفات بوجهه ، واللمز والغمز، خصوصا ضد زملائه القضاة ، فإن ذلك من عمل المتكلفين ولا أريد ان أقول من صنع غير المتأدبين ، وليكن ضحكه تبسّما ، ونظره فراسة وتوسّما ، وإطراقه تفهّما ، وليلزم من الصمت الحسن والسكينة والوقار ما يحفظ به مروءته، عيب في أخلاق القاضي . فنحن كلنا قضاة ، وقد يكون منا من أخطا في حياته القضائية ، لكن لجوءه إلى التوبة يجب ما قبله ، فكيف يقبل الله التوبة من عبده وهو في آخر أنفاسه ، فان كان العبد يحتضر فقال اشهد ان لا اله إلا الله فهو إلى الجنة سائر ، ولا نقبلها نحن البشر ممن تاب واحتمى بالنادي ، ولا نقول كما قال البعض منا ( أن النادي ليس ماكينة التصبين ) ، والله لم يسجن إبليس ولم يدخله جهنم مباشرة بعد عصيانه لما أمره بالسجود لآدم ، بل قال له أنت من المنظرين ، كان العدل منذ بدء الوعي الإنساني ، وما زال هدفاً سامياً للإنسان ، أيّاً كانت توجهاته وتطلعاته ، ووقه النهى عن مقارفة الظلم والانسياق وراءه تحت أية ذرائع أو مسوّغات ،فلا ينساق المرء وراء هواه فيحيد عن العدل يقول الله تعالى ( فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) وأن لا تكون الروابط الاجتماعية مهما بلغت درجتها سبباً لمجافاة ، كما لا تكون الخصومة سبباً للوقوع في الظلم ، ومن وقع في ظلم الناس في معاملاته أو أحكامه أو أيّ شكل من أشكال التجاوز والاعتداء على حقوق الآخرين فليس له عند الله نصير ولابد في القاضي من الاجتهاد الذي هو استفراغ الوسع في طلب علم الحادثة وبذل المجهود في طلب حكم الحادثة ، وفي الأخير أقول : تضامنوا تضامنوا تضامنوا.. المستشار محمد المرابط عضو نادي قضاة المغرب باستئنافية القنيطرة