المسائية العربية بقلم : عكرمة ثابت كان حريا بالفضائية التي تقف وراء إخراج وبث فيلم " كشف المستور " بعد أن إختارت ببراعة - ليست بريئة – أبطاله الذين سوف يلعبون دور " الحماة الأشاوس " و" الفرسان المغاوير" في الدفاع عن القدس ومقدساتها ، أن تتوخى الدقة في النصوص وسيناريوهات الحلول التي وقعت بين ايديها في وقت تثار حوله كثير من التساؤلات وكم كنت أتمنى لو أن " الجزيرة " قد توجهت بكشف كل ما هو مستور لديها أمام اصدقائها من الساسة الإسرائيليين أمثال شمعون بيرتز و تسيبي ليفني – فكلاهما قد لعب دورا مهما في عملية التفاوض مع الفلسطينيين وتربطهما علاقة وثيقة بقناة الجزيرة وسبق لهما ان حلا عليها كضّيفين مرحب بهما . وعند الحديث عن خفايا أي عملية تفاوض سياسي ، بالتأكيد سيكون هناك سيناريوهات ومقترحات ووجهات نظر يتم طرحها وتناولها من جميع أطراف العملية التفاوضية ، وبغض النظر عن طبيعة ما تحمله هذه السيناريوهات والمقترحات تبقى النتيجة مرهونة بالموقف التفاوضي النهائي ، فهل تستطيع قناة الجزيرة ان تثبت مثلا أن القيادة الفلسطينية قد تنازلت فعليا عن متر واحد تملكه ولها سيطره عليه في مدينة القدس ؟!! وإذا كان لديها أي إثبات فعلي وحقيقي يؤكد تنازل القيادة الفلسطينية في قضايا القدس واللاجئين والحدود ، فما الذي يمنعها او يمنع حكومة اسرائيل أو الدول الراعية لعملية السلام من أن تخرج " إتفاق التنازل " الذي تدعيه الى حيز التنفيذ ، وبهذا تكون قد أنقذت عملية السلام من حالة الجمود والموت السريري التي تعيشها منذ رحيل القائد الرمز أبو عمار وحتى الآن ؟!! وإلا فما هو الهدف الذي تريد أن تصل له قناة الجزيرة – وفي هذه المرحلة تحديدا- عندما تصب جام تحليلاتها وفتاويها الخاطئة فوق رأس القيادة الفلسطينية التي لم تنحني ولم تطأطيء رأسها أمام كل الضغوطات الداخلية والخارجية ، وظلت ولا زالت متمسكة بالثوابت الوطنية الفلسطينية التى قضى دفاعا عنها الاف الشهداء والجرحى والاسرى وفي مقدمتهم الشهيد الخالد ياسر عرفات ؟!! أليس من حق المشاهد العربي والفلسطيني أن يتسائل ، لماذا ولمصلحة من ؟! أن تقوم فضائية كقناة الجزيرة التي تتدعي الحيادية والدقة والمصداقية في عملها ببث " سموم إعلامية مفبركة " في وقت يخوض به الشعب الفلسطيني وقيادته - ببسالة وصمود - خضم المعركة السياسية والقانونية ضد الاستيطان والعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني ومقدساته وأراضيه في مجلس الأمن !!! وماذا سيكون موقفها إذا ما تم إتهامها – مثلا – بأن ما تقوم به سيساهم في تبرئة ساحة الاحتلال الاسرائيلي وتغطية عورات جرائمه المتوحشة في قطاع غزة والضفة الغربية وفي مدينة القدس وفي فلسطينالمحتلة عام 1984 ؟!! بالتاكيد فإن فيلم " كشف المستور" الذي تتباهى قناة الجزيرة ببثه على شاشاتها ، هو فيلم ضعيف جدا لم يحمل في سيناريوهاته اي جديد مثير للشعب الفلسطيني ، وهو إذ جاء في وقت تتعاظم فيه حملات التأييد الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية بفعل الدبلوماسية الفلسطينية الحكيمة التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس " ابو مازن " ليؤكد على أنه فعلا قد كشف المستور عن نوايا مخرجيه وابطاله فقط ، كونه ليس أكثر من طوق نجاة تقدمه " قناة الجزيرة " لحكومة نتنياهو اليمينية كي تنقذها من عزلتها الدولية والسياسية !!! . لقد سئم الشعب الفلسطيني من حملات المزاودة والتآمر عليه وعلى قياداته الوطنية والشرعية تحت شعارات المقاومة والصمود البراقة وإدعاءات الحرص الوطني والقومي وأكاذيب الردح الإعلامي ، وإن كان " أهل قطر أدرى بشعابها " فإن الفلسطينيين هم أدرى الشعوب العربية والاسلامية بمكانة القدس لديهم وبحرصهم على المقدسات فيها ، ويعرفون تماما ما هي المقاومة وكيف ومتى تكون ؟!! وعلى أولئك الذين يدعون أنهم الأكثر حرصا ووطنية ، أن لا ينسوا بأنهم اكثر البشر بعدا عن القدس والقضية الفلسطينية ، فالتاريخ العربي والاسلامي زاخر بالمواقف والاحداث الشبيهة بمواقفهم - والتي حتى هذه اللحظة - لم تشر قيد أنملة إلى تحرك الجيوش العربية والاسلامية الجرارة لتحرير القدس وأقصاها من براثن الاحتلال الاسرائيلي !!! وإذا كانت " قناة الجزيرة " حريصة على مدينة القدس وإسلاميتها وعروبتها ، فلماذا لا تحمل المسؤولية للاحتلال الاسرائيلي وتقوم بكشف المستور عن جرائمه اللاإنسانية بحق المقدسات والاماكن الدينية وتجاه الفلسطينيين الصابرين الصامدين فيها الذين يتعرضون يوميا لشتى أصناف التعذيب والإعتقال والترحيل والتجويع والتهجير ، أم أن علاقاتها المستورة لحماية مصالحها وأجنداتها في المنطقة والعالم تمنعها من ذلك ؟!!!