طنجة .. مناظرة تناقش التدبير الحكماتي للممتلكات الجماعية كمدخل للتنمية    جمعية المحامين ترحب بالوساطة للحوار‬    حموشي يخاطب مجتمع "أنتربول" بالعربية    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    النصيري يزور شباك ألكمار الهولندي    المدير العام لإدارة السجون يلوح بالاستقالة بعد "إهانته" في اجتماع بالبرلمان    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    الموقف العقلاني والعدمي لطلبة الطب    المغرب يمنح الضوء الأخضر للبرازيل لتصدير زيت الزيتون في ظل أزمة إنتاج محلية    المنصوري تكشف عن برنامج خماسي جديد للقضاء على السكن الصفيحي وتحسين ظروف آلاف الأسر    مجلس الجالية يشيد بقرار الملك إحداث تحول جديد في تدبير شؤون الجالية    حموشي يترأس وفد المغرب في الجمعية العامة للأنتربول بغلاسكو    إحصاء سكان إقليم الجديدة حسب كل جماعة.. اليكم اللائحة الكاملة ل27 جماعة    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"        هذه حقيقة الربط الجوي للداخلة بمدريد    المغرب يعتمد إصلاحات شاملة في أنظمة التأمين الصحي الإجباري    1000 صيدلية تفتح أبوابها للكشف المبكر والمجاني عن مرض السكري    الأسباب الحقيقية وراء إبعاد حكيم زياش المنتخب المغربي … !    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    اعتقال رئيس الاتحاد البيروفي لكرة القدم للاشتباه في ارتباطه بمنظمة إجرامية    توقيف 08 منظمين مغاربة للهجرة السرية و175 مرشحا من جنسيات مختلفة بطانطان وسيدي إفني    بايدن يتعهد بانتقال "سلمي" مع ترامب    ‬‮«‬بسيكوجغرافيا‮»‬ ‬المنفذ ‬إلى ‬الأطلسي‮:‬ ‬بين ‬الجغرافيا ‬السياسية ‬والتحليل ‬النفسي‮!‬    الخطاب الملكي: خارطة طريق لتعزيز دور الجالية في التنمية الاقتصادية    2024 يتفوق على 2023 ليصبح العام الأكثر سخونة في التاريخ    الجماهير تتساءل عن سبب غياب زياش    "أجيال" يحتفي بالعام المغربي القطري    ياسين بونو يجاور كبار متحف أساطير كرة القدم في مدريد    المنصوري تكشف حصيلة برنامج "دعم السكن" ومحاربة دور الصفيح بالمغرب    مجلس جهة كلميم واد نون يطلق مشاريع تنموية كبرى بالجهة    ليلى كيلاني رئيسة للجنة تحكيم مهرجان تطوان الدولي لمعاهد السينما في تطوان    انطلاق الدورة الرابعة من أيام الفنيدق المسرحية    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    صَخرَة سيزيف الجَاثِمَة على كوَاهِلَنا !    ما هي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين        خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد مذبحة عيد الميلاد بالإسكندرية ماذا عن : دور الإعلام فى الصراع الطائفى والتوتر الديني فى مصر ؟؟


بقلم دكتور. مجدي الداغر
دور الإعلام فى الصراع الطائفى والتوتر الديني فى مصر ؟؟
سؤال يتردد لأيام وأسابيع قادمة إلى أن تتوقف الصحافة ووسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية عن الكتابة أو بث رسائلها الصوتية والمرئية حول هذا الحدث المأسوي الذي راح ضحيته (23) قبطياً ، و(115) جريحاً لا ذنب لهم فيما حدث ، إلا أنهم تواجدوا في المكان المنكوب وقت الانفجار .
والحقيقة التي قد نغفل عنها عمداً في كتاباتنا حول مثل هذه الأزمات ، أو تناساها كل من تناول الحدث بالنقد والتحليل ، أن ما حدث بالإسكندرية ليس جديداً على الشارع المصري ، أو حتى جديداً في العلاقة المتوترة بين المسلمين والأقباط منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، كان فى مقابل ذلك المظاهرات التي تندد بالعنف والإرهاب واستنكار ما حدث وبراءة الإسلام من هذه الجريمة النكراء ، وشجب الجماعات الدينية ما حدث بما فيها جماعة الإخوان المسلمين ، وكذلك بعض شيوخ التيار السلفي الذين سبق وأن كفروا معتنقي الإنجيل من قبل ، وعادوا هذه المرة بعد أن تم إغلاق منابرهم الإعلامية بأجندة جديدة تقوم على محبة أهل الكتاب ، وسيادة التسامح بين الأديان ، وبث قيم المواطنة وحب الوطن والانتماء له ، وتشير كذلك إلى ضرورة حماية دور العبادة لغير المسلمين وأن الحدث كان مؤلماً وغير إنساني ، إلا أن الواضح أن ذلك الرد المتسامح ما هو إلا تعبيراً عاطفياً حول الحدث لبعض الوقت ثم ينتهي .
لكن الشيء الجديد في هذا الحدث أن الإعلام المصري لم يصرح- على غير عادته- أن هناك مجنوناً أو معتوهاً أو فاقد البصر والهوية وراء الحدث ، وتحدث فقط على استحياء حول جهات أجنبية من الممكن أن تكون ضالعة فيما حدث ، وأكدها خطاب الرئيس مبارك عند قوله " لن أتوانى عن قطع رأس الأفعى التي حصدت عشرات الأبرياء على أرض مصر "، إلا أن عشرات الصحفيين وقبل التفكير فيما حدث راحوا وأكدوا أن إسرائيل هي المدبر الأول والمستفيد الفعلي من الفتنة الطائفية فى مصر ، وخاصة بعد أن أعلنت الجهات الأمنية المصرية عن سقوط شبكة تجسس تعمل لصالح الموساد الإسرائيلي من بينها مصري ، وبالطبع لم يعجب هذا الخطاب القيادة الإسرائيلية وراح الإعلام الإسرائيلي ، بل والإعلام الموالى للصهيونية في العالم أيضاً يبث رسائل مكتوبة وصوتية بل ومقاطع يوتيوب على شبكة الإنترنت تؤكد تورط القاعدة في مذبحة الإسكندرية ، حتى يترسخ في الأذهان أن تنظيم القاعدة - دون شك - كان وراء الحادث الإرهابي بالإسكندرية ، وأن العقل المصري يجب أن يتخلى عن التهم المعلبة والجاهزة لجهاز مخابراتها والتي تشير فى الأغلب والأعم إلى أن مشاكل وكوارث وأزمات مصر تقف وراءها إسرائيل ، ومن ثم كان صدور التعليمات والتوجيهات من رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي بعودة سفيرها للقاهرة فوراً للرد على اتهامات الإعلام المصري لإسرائيل في حادث الإسكندرية وتقديم مذكرة احتجاج للخارجية المصرية حول ما يتم نشره وبثه فى وسائل الإعلام المختلفة عن إسرائيل وعلاقتها بمذبحة الإسكندرية .
وفى نفس اليوم الذي أعلنت فيه إسرائيل عن استياءها من جراء الزج باسمها في كل حوادث العنف في مصر ، كان هناك البديل الإفتراضى للإعلام المصري ، وذلك عندما أشارت إلى تقرير الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية إلى وجود رأس وأشلاء لجثة بمكان الحادث لم يتعرف عليها أحد من الجرحى أو شهود العيان ، ويرجح أن تكون الرأس لشخص باكستاني أو أفغاني وربما عراقى أو سنغالى ومن ثم يُصبح تنظيم القاعدة هو مخطط ومنفذ الحادث الإرهابي بالإسكندرية وفق رؤية الإعلام المصري .
بالطبع هذا الكلام الذي تناقلته وسائل الإعلام المصرية لتغطية صفحات يجب أن تملئ دون الإشارة إلى إسرائيل ، وساعات بث تم إعدادها لشغل وقت ومساحة زمنية طويلة فى برامج التوك شو الليلية ، تعويضاً عن ندرة المعلومات من الجهات الرسمية أو حتى من شهود العيان الذين فوجئوا بما حدث ، بل إن أغلبهم لم يتذكر المشهد قبل الحدث بثواني ماذا كان يحدث بالفعل .
وقد واكب ذلك مكافأة (مليون جنية) أعلن عنها رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس عبر قنواته التليفزيونية ، والصحف والمجلات التي يساهم بأمواله فيها ، لمن يدلى بمعلومات صحيحة عن مرتكبي المذبحة ، بل أكد انه على استعداد لأن يضاعف قيمة التبرع أضعاف مضاعفة للمعلومات التي توصل الأمن المصري للعناصر المشاركة فى الحادث ، هذا التبرع فتح الباب واسعاً لمئات الاتصالات - فى أقل من 40 دقيقة - من كل محافظات مصر ومن خارجها للإدلاء بمعلومات عن حادث الإسكندرية الإرهابي طمعاً في المليون جنية مما سبب نوعاً من الفوضى فى هذا الحدث الجلل ومن ثم كان الإعلام أهم روافدها .
كان هذا هو المدخل لعنوان مقالي اليوم عن (الإعلام والتوتر الديني فى مصر) حيث فرضت وسائل الإعلام نفسها على المجتمع المصري في العشر سنوات الأخيرة وأصبحت جزءاً رئيساً من الحياة اليومية للأفراد والجماعات والتيارات المختلفة ، حيث لم يعُد بمقدور الإنسان اليوم الحياة دون متابعة ومواكبة ما يدور حوله من أحداث ، سواء على المستوى المحلي أم الدولي ، بالتالي أصبح المجتمع بكل فئاته وتياراته الفكرية والسياسية أسيراً لهذه الوسائل والتي تحاصره فى كل وقت وحين، ومن ثم لم ُيعد يستطيع الفكاك منها أو الحياة بدونها.
وعلى هذا فقد تضاعفت مكانة الإعلام وتزايدت أهميته بعد أن أظهرت الاكتشافات الحديثة معطيات وتقنية جديدة ، ووسائل إلكترونية ووسائط متعددة ترتبط بقدرات وإمكانيات اتصالية وتفاعلية لم تكن متاحة من قبل ، والتي أسهمت بصورة عملية فى تحقيق الإحاطة الكاملة بكل ما يحدث ويتم إنتاجه من معلومات وأخبار فى بلدان العالم المختلفة بهدف الإعلام والإخبار والإرشاد والتوجيه وتحقيق الرفاهية ، والأمن والاستقرار داخل المجتمع بشرط إذا ما أحسن توظيفها بصورة جيدة .
وقد تتباين العلاقة بين النظام السياسي السائد فى مجتمع ما وخاصة فى مصر ، والمؤسسات الإعلامية كأحد الأدوات الخاضعة له ، إلا أن العديد من الدراسات والبحوث العلمية قد توصلت إلى أن العلاقة بين الدولة ووسائل الإعلام هي علاقة ارتباطية وثيقة الصلة مهما اختلف النظام السياسي داخل الدولة ، ذلك أن الوسيلة الإعلامية تظل هي أداة التواصل بين السلطة بكل أنماطها ، والرأي العام بكل مستوياته والتي يتعاظم دورها وقت الكوارث والأزمات وذلك لتقديم المعلومات المتعلقة بالحدث ، وحجم أعمال العنف ، وبؤر التوتر وأماكن وقوعها وتأثيرها على الأفراد والممتلكات العامة ووسائل مواجهتها ، وغير ذلك مما يحتاجه الجمهور من معلومات وتوجيهات .
وعلى هذا فقد يتكرر ظهور المسئولين الرسميين للرأي العام من خلال وسائل الإعلام على مدار اليوم وقت الحدث لنقل رسائل ذات مضامين محددة وموجهة في إطار السعي نحو معالجة الحدث أو تدارك الأزمة دون الإخلال بالدور الإعلامي فيها .
ومن هنا لم يُعد الإعلام مهتماً بصياغة ونقل الحدث فقط، وإنما أصبح جزءاً من الحدث ذاته، يلون المعلومات ويُعيد إنتاجها وفقاً لرؤيته ، وبالتالي فقد يتسبب أحياناً في ظهور حالة من الفوضى وعدم الجدية في التعامل مع قضايا من شأنها أن تؤثر فى حالة الاستقرار داخل المجتمع .
أما فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية لقضايا التوتر الديني والصراع الطائفي بين المسلمين والأقباط فى الصحافة المصرية ، فقد يلاحظ إعلامياً وجود نزعة إلى تديين الصراعات والنزاعات على المستوى العربي والدولي ، فقد يصبح احتلال العراق جزءاً من مخطط غربي مسيحي لغزو بغداد والتي كانت فى السابق مقراً للخلافة الإسلامية ، كما تصبح الحرب في منطقة البلقان ووسط أوربا في البوسنة والهرسك وإقليم كوسوفا ، وضد الحجاب والنقاب في فرنسا وبريطانيا وألمانيا حرباً دينية يقوم بها الغرب المسيحي ضد الأقلية المسلمة على أرضه ، وكذلك الحال في أسيا الوسطي في جمهورية الشيشان ، وإقليم أبخازيا ......) ، والتأكيد على أن ما يقوم به الهندوس والبوذيين في إقليم كشمير ، وتركستان الشرقية إنما هى مخططات من الصهيونية العالمية للقضاء على الإسلام .
من أمثلة العناوين الصحفية التي تصدرت بعض الصحف المصرية قبيل الغزو الأمريكي للعراق: (رامسفيلد يُغير القرآن ، مؤامرة أمريكا لهدم الكعبة ، بوش الصليبي يستعد لحرق العالم، الغرب ينتقم من المسلمين فى بغداد ، عودة الحروب الصليبية بقيادة بوش إلى العراق، أسرار صمت أوباما فى دعاوى حرق المصحف ، القاعدة وراء الفتنة الطائفية فى مصر ، فتش عن إسرائيل فى حادث الإسكندرية ، الموساد .. هل نفذ حادثة الإسكندرية رداً على فضح عملاءها فى مصر الأسابيع الماضية .....) إلا أن مضمون هذه العناوين لم يكن صحيحاً على المطلق ، وإن كان ذلك لا يعني إسقاط دور الدين في الصراعات القائمة والتغطية الصحفية لها، حيث تتداخل العديد من العوامل فى تشكيلها كالسياسة والاقتصاد ، والثقافة السائدة ، وربما يكون دورها أكبر من العامل الديني فى بعض الفترات الزمنية التي تشمل مراحل تطور الحدث ، وتتشابك جميعها فى إنتاجه .
كما أن بعض الصحف المصرية ومنها جريدة " الأسبوع " قد أكدت على أن هناك حملات تنصير المسلمات لم يتم الكشف عنها حتى الآن ، بينما قالت جريدة "صوت الأمة" أن الأقباط يملكون نصف ثروة مصر؟ وقالت جريدة "الدستور" أن المرأة القبطية تُعانى من مشكلات عديدة بسبب الطلاق ومسائل الأحوال الشخصية لديهم ، وأخيراً قالت جريدة الأهرام – الحكومية- أن البابا شنودة هو سبب أزمة كنيسة العمرانية ، وهو نفسه وراء الفتنة الطائفية في مصر منذ توليه البابوية مع مطلع السبعينات من القرن الماضي، بل لقد نشرت جريدة الأخبار – وهى حكومية أيضاً - وفى زاوية أسبوعيات يوم الجمعة للمفكر الدكتور محمد عمارة أن البابا هو السبب المباشر فى تأزم قضايا إسلام القبطيات وخاصة وفاء قسطنطين ، وكاميليا شكرى " .
وكان رد البابا "شنودة" على ذلك سريعاً في حوار له مع جريدة الوفد حيث قال أنه" لم يتم إكراه "وفاء قسطنطين" للعودة إلى المسيحية بعد إسلامها، وأننا لسنا دولة داخل الدولة كما تردد بعض التيارات الدينية فى مصر ، وأن الكنيسة هى أم تهتم بأبنائها فى الداخل والخارج ، وأن صلابة مصر من الداخل لا تسمح لأى عنصر خارجي أن يفتتها أو يضعف من وحدتها".
وفي حوار آخر مع جريدة الأسبوع قال : " إننا لم نتعمد الإثارة أو التحريض في الكاتدرائية" " وأن الرئيس مبارك كان متعاوناً في حل أزمة وفاء قسطنطين" ، وأن "الذين تم إطلاق سراحهم فى أحداث "وفاء قسطنطين" اعتقلوا دون سبب" ، وأن" قواعد الزواج والطلاق هى تعاليم الكتاب المقدس" .
كما ساهمت الصحف القبطية مثل جريدة (وطني) في زيادة حدة التوتر بين المسلمين والأقباط عبر صفحاتها حيث انتقدت شعائر وعبادات المسلمين ، وتعمدت السخرية من الإسلام ، مما كان سبباً فى وجود أزمة بين الحكومة والكنيسة من ناحية ، وبين الكنيسة وجريدة وطني من ناحية أخرى ، حيث تم منع دخول الجريدة الكنائس القبطية ، وامتنع البابا عن إرسال مقاله الذي اعتاد نشره أسبوعياً بها ، فضلاً عن رعايتها مؤتمراً ضد البابا والكنيسة وكان عنوانه" رؤية علمانية في الإشكاليات الكنسية" وحضره عدد من الأقباط ذوى التوجه العلماني ،الأمر الذي أغضب قيادات الكنيسة وعلى رأسهم البابا شنودة حيث اعتبره مؤتمراً منشقاً عن الكنيسة ، وبعد ما يقرب من ستة أشهر انتهى الخلاف بعقد جلسة صلح بين طرفي الأزمة جمع بين الأسقف موسى أسقف الشباب ، والأنبا أرميا سكرتير البابا شنودة من جهة ، وبين يوسف سيدهم رئيس تحرير جريدة وطني ، ومنير عزمي عضو مجلس إدارة الجريدة من ناحية أخرى.
ومما يزيد الأمر احتقاناً هو عدم وجود من يتحمل المسئولية وتُصبح الأمور وكأنها شائعات، فمعظم الأحداث تنتهي كما بدأت منذ أحداث الزاوية الحمراء وشبرا والزيتون والكشح مروراً بالعديسات والأقصر والإسكندرية، وسمالوط ، وأبو فانا والعمرانية وتبقى اجتهادات الصحافة والانفجار الإعلامي في سياق من غياب الضوابط المهنية.
وعلى هذا فقد تبرز مكانة وسائل الإعلام في تحقيق التفاعل والتناغم والتقارب والانسجام بين أفراد المجتمعات البشرية، ويأتي الحوار بين الطوائف الدينية في مقدمة هذه القوالب التي تسهم في تحقيق الغايات والأهداف التي يسعى إليها كل طرف، إلا أن كل نمط من أنماط الاتصال يمتلك قدرات خاصة على استثمار الجانب الحواري بحسب السمات المميزة التي تحكم نشاط كل واحدة منها، والتي تختلف من وسيلة إلى أخرى وفقاً للموضوع الذي تعالجه، والجمهور الذي تخاطبه والبيئة الاجتماعية والثقافية التي تتوجه إليها ، وهذا يعنى أن نجاح الحوار يتوقف على حسن اختيار الوسيلة والظرف الاتصالى المناسبين لذلك .
وعلى هذا فإن الإعلام بمختلف وسائله قد يتحمل مسؤولية كبيرة عن الخلل الذي قد يطرأ على جوانب المعالجة للحدث ، وضعف دوره في مجابهة مظاهر التوتر الديني والصراع الطائفي بين أفراده ، والكشف عن أسبابها وأدواتها ومخاطرها وتأثير ذلك فى العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
إلا أن الصحافة المصرية ومضامين ما تقدمه قد يحاط بأطر وقوانين ومحددات داخل المجتمع ، والتي لم تنجح كثيراً في تخطي عقبات الرقابة الداخلية التي تفرضها طبيعة البنية المجتمعية في ظل تعدد السلطات المرتبطة بجرائم الصحافة ومحظورات النشر، فبقدر ما تعمل الصحافة على خدمة الأهداف العامة وتساهم بفعالية في مجابهة تحدياته الكبرى فإنها أيضاً شكلت هدفاً لهذه الفوضى الأمنية العارمة وخضعت لتداخلات من تيارات داخلية وخارجية كان لها تأثيرها الكبير في تأجيج الصراع وإشعال نار الفتنة بين المسلمين والأقباط في مصر بين الحين والآخر ، فقد يُصدر الإعلام الشعور بالهزيمة لدى قطاعات واسعة من الشعب إلى حد أن كلاً من الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية باتت تشكو من اضطهاد ديني، ليخلق حاجزاً نفسياً بين المسلمين والمسيحيين يجعل من أي حدث عابر حدثاً طائفياً.
إن أقباط مصر كانوا ومازالوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الوطني المصري ، ساعد على ذلك التداخل السكاني بين المسلمين والأقباط ، حيث لم تعرف مصر نظام الكانتونات الطائفية على مدار تاريخها، مما ساهم في ذوبان الفروق بين الجانبين، كما لم تعرف الاضطهاد المنظم للأقباط ، وما سُجِّل منه كان حالات فردية لا تُعبِر عن طبيعة الدين الإسلامي الداعي إلى التسامح وقبول الآخر في إطار ضوابط الشريعة الإسلامية ، والمواثيق والمعاهدات الدولية .
وتستطيع الصحافة الاضطلاع بأدق المهام وأخطر الأدوار في تقديم الحقائق وتصحيح الصورة وتحقيق التقارب بين الأديان والمذاهب والأفكار المختلفة لما تتمتع به من التنوع والتعدد في مضامينها ، وسعة الانتشار، والقدرة على الوصول إلى الجمهور في أي مكان، وبالتالي يصبح على الإعلام تحمل مسئولية الجزء الأكبر من تحقيق الأمن والسلام الاجتماعي وإعلاء القيم التي جاءت بها الأديان السماوية وعرض الحقائق وتقديم وجهات النظر وترسيخ التعاون بين الجميع.
د. مجدي الداغر
إعلامي مصري
أستاذ تكنولوجيا الإعلام والصحافة – كلية الدعوة والإعلام
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.