قال محمد الشايب، النائب في البرلمان الكتالاني من أصل مغربي إن المجلس الأعلى للجالية المغربية في الخارج لن يحل مشاكل الجالية في المغرب بل داخل بلدان الإقامة خاصة المرتبطة بتقديم الدعم للمهاجرين حتى يتمتعوا بكامل حقوق المواطنة في بلدان المهجر. وأضاف الشايب في حوارمع «المساء» أن كونه نائبا في البرلمان الكتالاني يسهل عليه الاتصال بمختلف الشخصيات السياسية وطرح مشاكل الجالية عليها، موضحا أن الحزب الاشتراكي الإسباني في كاتلونيا غير مواقفه كثيرا في ما يخص قضية الصحراء، بفضل العمل الذي أنجز طيلة السنوات الماضية. وكشف الشايب عن اتصالات جارية للبحث حاليا عن شخصيات كتالانية صديقة للمغرب من أجل ضمان تأييدها لمشروع الحكم الذاتي الذي يروم إحقاق السلام في المنطقة ويضمن مستقبل الصحراويين. - كانت هناك عدة احتجاجات على اختياركم عضوا في المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج، لماذا في نظركم هذه الاحتجاجات؟ < أولا يجب أن أوضح أنني لست من اقترح اسمي من أجل أن أكون ضمن لائحة أعضاء المجلس، بل إن المجلس الاستشاري لحقوق الانسان هو من اقترحني، والمهم ليس الأشخاص الذين تم اختيارهم، بل ما يمكن أن يقوم به هؤلاء من أجل خدمة مصالح الجالية، ولا أخفيكم أنني أعتبر دائما ألا أحد أفضل من الآخرين، بيد أن كل شخص له تاريخه الشخصي وعمله الذي يقدمه، و لو لم يتم اختياري لما قمت بالاحتجاج على ذلك. وهناك بعض الأشخاص الذين يتهمونني بكوني أحب الخوض في جميع المجالات، وهذا ليس نابعا من رغبة لدي في الإمساك بجميع الخيوط أو الوجود في مختلف الساحات، بل فقط لكون مشاكل الجالية متنوعة، و يجب أن أوضح أيضا أنني لم أسقط من السماء من اجل العمل في مجال الهجرة، فهؤلاء الذين يحتجون يعلمون أنني تربيت وسط الجالية المغربية في كاتلانيا وأحد أبنائها، و الجميع يعلم قيمة العمل الذي أقوم به، واقول دائما للمعارضين أنه إذا لم يعجبهم العمل الذي أقوم به فليفعلوا أحسن منه. - لكن توجه إليكم انتقادات بكونكم تقدمون دائما أنفسكم كنائب في البرلمان الكتالاني وقطعتم منذ مدة مع المغرب؟ < أعتقد أن الاشخاص الذين يروجون لمثل هذه الأمور لا يريدون الخير للجالية المغربية في إسبانيا، لأنه لا يمكن لأحد أن يمنعني من أن أكون مغربيا أو يكون لي اتصال مع المغرب، وهذا الأمر ليس مستحدثا بحكم أن نشطاء البوليساريو كانوا أول من روج هذه الأقاويل عني عندما صعدت إلى البرلمان الكتالاني، وعبروا عن امتعاضهم من وجود مغربي في المؤسسة التشريعية للإقليم، وقالوا إنني أتحرك مثل النواب في البرلمان المغربي، وهي أقاويل خارجة عن السياق الحقيقي. وسأحاول في مجلس الجالية المقيمة في الخارج نقل التجربة المتواضعة التي اكتسبتها في المجال الثقافي والاجتماعي في أوساط الجالية بإسبانيا، وأنا أمارس هذا العمل منذ سنوات طويلة، حتى يتمكن المهاجرون المغاربة من الجهر بكونهم كتالانيين بحقوقهم وواجباتهم ومغاربة بأصولهم. - لكن يروج أنكم أعضاء في مجلس الجالية بيد أنكم لا تملكون تصورا واضحا عن العمل الذي سيقوم به؟ < مثل هذه الأمور سابقة لأوانها بحكم أنه يجب أن يعقد الاجتماع الأول لمجلس المغاربة المقيمين بالخارج حتى نتعرف على بعضنا أولا ونحدد التوجهات التي سنشتغل وفقها، وما زلنا إلى حدود الساعة لم نعقد هذا الاجتماع الأولي، وفعلنا طالبنا المجلس بتقديم مقترحات للعمل في العام المقبل، لذلك يجب ترك الأمور لكي تأتي في وقتها. - لكن هذا المجلس سبقه نقاش دام على الأقل مدة عامين، ورغم ذلك يبدو أن أدواره غير واضحة، كيف ترى شخصيا العمل الذي يمكن أن يقوم به؟ < أرى أنه يمكن أن يسهل مجموعة من الأمور ويحل عدة مشاكل وشخصيا أعمل على حل مشاكل الجالية حتى بدون وجود المجلس، وهؤلاء المهاجرون يطالبوننا بحل المشاكل المرتبطة بأوراق الإقامة والأنشطة الثقافية، بحكم كوني نائبا في البرلمان الكتالاني، فهذا يسهل اتصالي بمختلف الشخصيات السياسية وطرح مشاكل الجالية عليها. وأظن أن الخلط الحاصل هو أن المهاجرين يعتقدون أن المجلس سيقوم بحل مشاكلهم في المغرب، بل على العكس فإن مهمته ستكون هي حل مشاكلهم في بلدان الإقامة، والمجلس يجب أن يقدم الدعم للمهاجرين حتى يتمتعوا بكامل حقوق المواطنة في بلدان المهجر. - كانت للمغرب تجربة مع الوداديات التي كانت تؤطر الجالية المغربية في الخارج، لذلك مازال يعتقد أن من بين أهداف المجلس الحالي هو مراقبة الجالية، كيف ترون هذا الأمر؟ < أنا لا أفهم ما معنى مراقبة الجالية. - تعاني عدة دول أوروبية من مشاكل التطرف الديني وتضخم مشكلة الهوية وتورط مغاربة في عدة أحداث إرهابية مثل 11 مارس بمدريد، هذا هو المقصود؟ < فعلا اقترحت منذ سنوات أن يكون لدينا مجلس إسلامي قوي للجالية، واكتشفت شخصيا أن هناك عدة مشاكل في المجال الديني، مثلا فعدد من الأئمة كانوا بدون أوراق إقامة، فعقدت عدة اتصالات من أجل تسوية وضعيتهم، بحكم أن القانون يعطيهم هذه الإمكانية، فكيف يمكن تأطير الجالية المغربية في الوقت الذي يوجد فيه الأئمة خارج مسلسل الإدماج. ولاحظنا فعلا في البداية أن هناك شبابا مهاجرا ولدوا في إسبانيا يعانون من مشاكل مع الجيل الأول الذي كانوا ينعتونه بالتخلف، وبعدها بدأنا نلمس تيارات أجنبية تخترق الجالية تقدم الإسلام بشكل غريب عن التربية الدينية السنية والمالكية التي تلقاها الجيل الأول في المغرب ونقلها لأبنائه، والواقع أن السلطات الإسبانية لا تنظر إلى هذا الأمر إلا من زاوية أمنية، لذلك وجب على الجالية أن تؤطر نفسها بنفسها حتى تطرد هذه الأفكار الغريبة عن ديننا ومعتقداتنا. - استطعتم الوصول إلى مرتبة مهمة في المجتمع الكتالاني، هل يمكن أن نعتبر هذا مجرد نجاح شخصي سينتهي عند محمد الشايب أم أنكم تفكرون في دفع مغاربة آخرين ليصلوا إلى نفس ما وصلتم إليه أو أكثر داخل بلد المهجر؟ < لقد ارتكب خطأ كبير في صفوف الجالية المغربية بالخارج بحيث إن النخبة ابتعدت عن القواعد المهاجرة، وهو ما جعلنا ما زلنا نناقش إلى حدود الساعة بعض القضايا التي كان يجب أن نكون قد تجاوزاها في الوقت الراهن، وهذا ما لا أريد أن أكرره، فأنا شخص عابر، وأردد دائما أنني النائب البرلماني الأول، لكن لا يجب أن أكون الأخير، وأنا اعمل في هذا المسار سياسيا واجتماعيا في صمت من أجل تحضير مهاجرين مغاربة للترشح للانتخابات. الحزب الاشتراكي غيّر موقفه من قضية الصحراء - يعاني المغرب من مشكل دعم قوي في إسبانيا داخل المجتمع المدني لانفصاليي البوليساريو، ما الذي يمكنكم فعله لدعم الموقف المغربي؟ < الجميع داخل الحزب الاشتراكي في كاتلانيا يعرف موقفي من قضية الوحدة الترابية للمغرب، وكنت أقول للبوليساريو إن الديمقراطية تفترض علينا النقاش الذي بواسطته أحاول أن اقنعهم أنني على حق. - ألا تشعر بأنك معزول بحكم عدم وجود لوبي مغربي يدافع عن هذه الطروحات في إسبانيا؟ < فعلا أحسست منذ مدة بأنني كنت تقريبا وحيدا داخل الحزب الاشتراكي، هو إحساس خامرني بيد أنه لا يمنع من كون الحزب الاشتراكي غير مواقفه كثيرا في ما يخص قضية الصحراء، بفضل العمل الذي أنجز طيلة السنوات الماضية، فالحزب كان أول من عبر عن موقفه بعدم حضور احتفالات تيفاريتي التي نظمها البوليساريو وتأييده لمجهودات الأممالمتحدة التي تروم إيجاد حل متوافق عليه للنزاع. ولا أدعي أنني قمت بهذا العمل لوحدي، بل ساهم فيه عدد من النشطاء في الجالية والسلطات المغربية، وأظن أن هذا العمل كان يجب أن يقام به منذ مدة طويلة، وليس الآن. - معنى أنكم فاشلون إلى حدود الساعة في خلق لوبي مغربي لتوضيح هذه المواقف بشكل أوسع داخل إسبانيا؟ < أقول إننا لم نبلغ مواقف المغرب إلى الأوساط الإسبانية في الوقت المناسب، بيد أننا اليوم باعتبارنا جالية مغربية صرنا نمثل قوة، وصحيح أنه في حالة وجود لوبي مغربي كان يمكن أن يقوم بعمل جيد، فمثلا نحن الآن بصدد إنشاء فيدرالية للجمعيات في كاتلانيا من أصل مغربي، حتى نؤكد للإسبان أننا لن نظل طيلة الوقت مجرد مهاجرين، بل مواطنين لنا حقوق وواجبات، وبالتالي فأنا سعيد بكون عدد من الأحزاب في كاتلانيا باستثناء الأحزاب ذات الميولات الانفصالية بدأ هناكنوع من الاعتراف بشكل واضح بكون مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب يعد خطوة إلى الأمام، يعني أن الجميع بات يتفهم أنه يجب توجيه الدعم للجهة التي تقدم الحلول، والمغرب هو من أعطى الحل بتقديم مشروع الحكم الذاتي في الصحراء. - الكتالانيين هم رجال اقتصاد بالأساس، ألا يمكن مقايضة تسهيلات اقتصادية مقابل دفاع من جانبهم عن موقف المغرب من قضية الصحراء؟. < نحاول أن نبحث حاليا عن الشخصيات الكتالانية التي تعتبر صديقة للمغرب، لكننا نلمس أن المغاربة وكأنهم يرفضون الحديث مع الكتالانيين أو الإسبان حول موضوع الصحراء، ويجب أن نوضح للجميع أن مشروع الحكم الذاتي يروم إحقاق السلام في المنطقة ويضمن مستقبلا للصحراويين المغاربة، ولدينا عدة أدلة للحديث مع الإسبان ليتعرفوا على موقفنا، ولذلك نحاول خلق لوبي مغربي مع شخصيات كتالانية للدفاع عن مشروع الحكم الذاتي