ظل الهمة قريبا من موقع السلطة والقرار لمدة ثماني سنوات، وقد استفاد من صداقته للملك ومن وجوده في الداخلية، المطبخ السياسي للمملكة، علاوة على ابتعاد الملك عن الأضواء وعن الاحتكاك بالطبقة السياسية... هندس الهمة استحقاقين انتخابيين (2002 و2007)، واستطاع أن يدفع الإسلاميين إلى تقليص نفوذهم دون أن ينجح في إبعاد المال عن الانتخابات... كما ساهم في اختيار التيكنوقراطي إدريس جطو لتعيينه وزيرا أول، لكنه رجع واصطدم به عندما أحس بأن رجل الأعمال يمتلك مواهب كبيرة في التواصل وقيادة فريق من التيكنوقراط نجح في إدارة ملفات هامة في المملكة. هيئة الإنصاف والمصالحة كان واحدا من «عرابيها»، وظل يفتخر بذلك بين مستشاري الملك الذين ظلوا وراء الأسوار العالية للقصور، لكن خروج الهمة من وزارة الداخلية كان مفترق طرق في حياة الرجل... على بعد أسابيع من افتتاح صناديق الاقتراع... خرج الهمة من وزارة الداخلية ونزل إلى مسقط رأسه للترشح في الانتخابات. صديق للهمة يصف ما جرى بالقول: «الهمة تعب من العمل المتواصل، وعائلته بدأت تشتكي، وهو نفسه أصبح خائفا من أن يتحول إلى إدريس بصري جديد، لهذا قرر الخروج من الداخلية بعد تفكير طويل وتردد في طلب الإعفاء من الملك»، أما حكاية الفريق النيابي الذي دخل به الهمة إلى البرلمان، فإنه جاء باقتراح من مقربين منه، أما هو فكان رافضا للمشروع في البداية... رواية أصدقاء الهمة تختلف كليا عن رواية خصومه الذين يعتبرون أن خروج الهمة كان وراءه مشروع سياسي يرمي إلى تشكيل «حزب القصر»، وأن حركة لكل الديمقراطيين ما هي إلا محطة يقف فيها «جرار» الهمة في طريقه نحو الحزب، الذي سيكلف بمواجهة الإسلاميين وإعادة تشكيل قطب من الأطر والتيكنوقراط مؤيد «لمشروع محمد السادس».. مشروع يقوم على انفتاح ديمقراطي متحكم فيه، وعلى اتجاه اجتماعي ليبرالي، وعلى إدارة الشأن الديني تحت يافطة إمارة المؤمنين... راكم الهمة علاقات متشعبة عندما كان في إقامة «ليوطي» وسط الرباط، حيث يوجد مقر وزارة الداخلية، وهو الآن في فصل الحصاد بعد تسع سنوات من الزرع. ماذا سيكون المحصول؟ هذا هو السؤال.