فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصفقة السرية بين الملك والهمة
نشر في هسبريس يوم 24 - 10 - 2007

"حزب الدفاع عن المؤسسات الملكية " قادم، هذا هو ما تلهج به ألسن بعض المراقبين، وهم يتابعون بمزيج من الدهشة والاستغراب كيف يسجل "برلماني سيدنا" فؤاد عالي الهمة،النقطة تلو الأخرى في المشهد السياسي، وآخرها- ولن تكون الأخيرة بالتأكيد - نجاحه في استقطاب عشرات النواب إلى الثلاثة مقاعد التي حصدها تحت يافطة اللانتماء خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، فبما يتعلق الأمر إذن؟ هل الرجل بصدد الإعداد لتأسيس حزب بالاسم المذكور، وبذلك يُعيد التاريخ السياسي المعاصر للمغرب الواقعة الثانية " العجيبة " من نوعها، تُضاف إلى تلك التي أقدم عليها صديق الملك الراحل الحسن الثاني، ومستشاره أحمد رضا اكَديرة خلال بداية الستينيات وذلك بتأسيسه لحزب " الدفاع عن المؤسسات الدستورية" الذي خاض انتخابات سنة 1963 التشريعية وفاز بأغلب مقاعد برلمانها؟ يصعب الحسم بذلك لاختلاف الظرفين، ذلك أن المشهد السياسي المغربي، لم يكن يشكو فقرا مدقعا كما هو عليه الحال راهنا، فقد كان هناك حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وما أدراك ما هذان الحزبان إبانئذ. ""
وعلى كل حال فإن ثمة الكثير من القواسم المشتركة بين الأمس واليوم وعلى رأسها وجود قصر يصر دائما على لعب الدور الأول في المشهد السياسي ولو كان ذلك على حساب الكثير من الاعتبارات، وعلى رأسها جعل الأحزاب في موقف ضعف وهوان لا تُحسد عليه.
تفيد الكثير من المعطيات أن السيد فؤاد عالي الهمة بصدد لعب دور محوري في المشهد السياسي المغربي عبر واجهتي البرلمان والحكومة، أو هذا على الأقل ما تفيد به المعطيات الأولية التي استقيناها من أكثر من مصدر، حيث وقفنا مثلا عند الخطوط العريضة لإستراتيجية بدأت ب "استقالة" الهمة من الداخلية وخوضه للانتخابات التشريعية الأخيرة، واستقطاب العديد من نواب بعض الأحزاب، وبين هذا وذاك نسج خيوط شبكة "تحالف" عريضة في أوساط رجال المال والأعمال والسياسة.
تتبعنا خيوط هذه "الصفقة" عبر أكثر من مصدر كما استقصينا آراء فاعلين سياسيين وإعلاميين ومثقفين حول "الظاهرة"، لنضع حصيلتها بين يدي القارئ.
ما هي الصفقة التي تمت بين الملك ورجل ثقته؟
يبدو أن مهمة فؤاد عالي الهمة تقع ضمن رؤية تقوية الشرعية الشعبية و"الديمقراطية" في مرحلة الانتقال الديمقراطي، في عصر المواطنة والديمقراطية.
ومن المعلوم أن الشرعية الشعبية و" الديمقراطية" تستوجب تعبئة الجماهير سياسيا، وهذا هو جوهر تلك الرؤية التي اضطلع ببداية تطبيقها فؤاد عالي الهمة الآن كرجل القصر.
وهي رؤية فرضتها مجموعة من التطورات، أهمها: فشل تجربة التناوب السياسي وفشل الأحزاب السياسية، سواء القديمة منها أو المستحدثة والمفبركة، إذ أنها جميعها خسرت رهان التعبير عن إرادة الشعب وأحلامه وآماله وتجميع شروط إعادة ثقته في المؤسسات وإخراجه من الإحباط.
كما أن من الأسباب التي دعت إلى هذه الرؤية، حسب بعض العالمين بخفايا الأمور، تكريس الملكية كخيار وحيد وأوحد لمستقبل الديمقراطية المغربية ووضع "استراتيجية" عمل لاستقطاب الأغلبية الصامة.
وملء هذا الفراغ هي المهمة التي استقال من أجلها فؤاد عالي الهمة من مهامه الرسمية الجسيمة، وهي المهمة التي شكلت محور صفقة الملك معه حسب ما يبدو.
إن تحقيق المشروع الذي يحمله الآن فؤاد عالي الهمة بتكليف وتفويض، حسب البعض، يتطلب تكوين "امبراطورية" ظهر أنها تنطلق جغرافيا من الرحامنة لتشمل باقي المناطق، وإلى الحضور القوي في المجال الإعلامي.
البداية من الرحامنة
وقع الاختيار على فؤاد عالي الهمة لإعداد المشهد السياسي لمغرب ما بعد 5 سنوات لأنه، حسب عبارة محمد العربي المساري، "رجل العمل الاستراتيجي وصاحب الأفكار الخلاقة"، لأن المغرب الآن بحاجة ماسة، أكثر من أي وقت مضى، إلى مشهد سياسي تؤثثه مؤسسات وأحزاب سياسية قوية، باعتماد المنهجية الديمقراطية.
ومادام فؤاد عالي الهمة قد تكلف بإعداد مشهد الغد القريب، فإنه تم الاعتماد على رجال الحسن الثاني، لاسيما مزيان بلفقيه، خصوصا هندسة حكومة ما بعد السابع شتنبر.
والمشروع الذي يقوده فؤاد عالي الهمة يستهدف تقوية المؤسسة الملكية مسنودة بمؤسسات دستورية قوية مبنية على أساس الشرعيتين، الدينية التاريخية من جهة، والشرعية الشعبية من جهة أخرى، في انتظار القيام بالإصلاحات السياسية برضى الملك ورغبته.
ففي كل مرحلة تجند رجال للقيام بالتحكم في هندسة الخريطة السياسية، فخلال الستينات برز رجال من أمثال الجنرال محمد أوفقير وبلعالم ورضا كديرة وغيرهم، وفي السبعينات كان دور إدريس البصري بدون منازع، ومع العهد الجديد برز فؤاد عالي الهمة كعصب "حكومة الظل"، إلا أن قواعد اللعبة لم تعد تسمح بالتحكم في الركح السياسي بنفس السهولة التي كانت سائدة في السابق بحكم غياب هاجس الديمقراطية، لذلك لم يعد يكفي التقرير وإصدار الأوامر لاتباعها، وإنما أضحى من الضروري الفعل في الساحة السياسية لتوفير شروط التحكم في المشهد السياسي، فعصر الإملاءات المباشرة قد ولى، وبالتالي أصبح ضروريا احترام مجموعة من قواعد اللعبة من طرف جميع الفاعلين بما فيهم القصر ورجاله.
لماذا فؤاد عالي الهمة وليس غيره؟
من المعروف أن فؤاد عالي الهمة هو الذي هندس فعليا العملية الانتخابية الأخيرة، عندما كان في وزارة الداخلية، من خلال الإعداد لانتخابات وسن قانون الأحزاب السياسية والتقطيع الانتخابي... إلخ.
كما تمكن عالي الهمة من استخدام نفوذه وتحكمه في مجموعة من الملفات الأكثر حساسية، هذا فضلا عن قربه من الملك والثقة الكبيرة التي ظل يحظى بها لديه.
وبالتالي فإن له رصيده من الخبرة والدراية تمكنه من إمساك خيوط إعادة هندسة المشهد السياسي عبر احترام قواعد اللعبة.
علما أن مختلف المؤشرات الظاهرة (حضوره إلى جانب الملك، لقاءاته به) تفيد أن حضور فؤاد عالي الهمة في دواليب صناعة القرار مازال قائما، وما زال له دور في المفاوضات المتعلقة بالصحراء والتي كان له دور حيوي في إعداداها.
نهاية عالي الهمة
يرى أحد الفاعلين السياسيين، الذي ظل قريبا من فؤاد عالي الهمة منذ اضطلاعه بمسؤولية تدبير الملفات الحساسة، أن استقالته جاءت لأسباب تراكمت منذ مدة.
فهناك مجموعة من التراكمات ساهمت في الوصول إلى هذا الحل، منها علاقاته مع حزب العدالة والتنمية والتي تحكمت فيها المقاربة الأمنية المسؤولة عن تحويل أحداث 16 ماي إلى كارثة مازالت تداعياتها حاضرة حتى الآن، وقد ظهرت بجلاء عندما اقترح فؤاد عالي الهمة بدعم من الجنرال حميدو العنيكري حل حزب العدالة والتنمية.
كما أن في جعبة عالي الهمة العديد من الاصطدامات مع الأحزاب السياسية، حينما كان يدعم إلى حد كبير الحركة الشعبية على حساب باقي الفاعلين في الركح السياسي، وكذلك تراكم مشاكله مع مجموعة من الوزراء، التي غالبا ما كانت تأتي بسبب تجاوزه لاختصاصاته، وفي هذا الصدد كانت حادثة باب سبتة بالحدود الشمالية من النقط التي أفاضت الكأس.
هذا علاوة على تدبير بعض الملفات المرتبطة بالصحافة وحرية التعبير.
وأكد مصدرنا أن مشكلة عالي الهمة أنه لم يكن أحيانا ينتبه لوجوب تقدير القرب من الملك في اتخاذ مجموعة من القرارات وتدبير بعض الملفات الحساسة جدا.
وأضاف نفس المصدر، أن مستقبل فؤاد عالي الهمة يكمن في إثبات وجوده في الركح السياسي، لأنه أضحى الآن يتكلم باسمه، هذا بالرغم من أن طريقة حديثه خلال خرجاته الإعلامية قد توحي بأنه يتكلم باسم حركة أو منظومة متوفرة على رؤية ومشروع، وهذا أمر انطلى على الكثيرين.
إن فؤاد عالي الهمة الآن مجرد فاعل سياسي كجميع الفاعلين الآخرين، عليه أن يعمل على إثبات ذاته في هذا المجال، هذا كل ما في الأمر، وفي هذا الإطار وجب فهم التعليمات الصادرة لوسائل الإعلام الرسمية من أجل تمكين حزب العدالة والتنمية من الرد المباشر على ما جاء على لسان فؤاد عالي الهمة.
المخزن والتحكم في المشهد السياسي
دأب المخزن على التحكم في مختلف التطورات السياسية بالمغرب، وغالبا ما سعى إلى تحديد مسارها ومآلها مسبقا.
وإذا كان من السهل سابقا التحكم في مختلف خيوط الانتخابات والمؤسسات الدستورية والهيئات المنتخبة بالطريقة التي يريد، حسبما يخطط له، وذلك باعتماد مختلف الوسائل الممكنة، فإنه حاليا لم تعد يد المخزن طليقة حرة، وإنما أضحى مفروضا عليه احترام مجموعة من قواعد اللعبة.
ففي السابق كان يستنفر رجالا وآليات، ومؤسسات ومواقع، من أجل التحكم في الخريطة السياسية مسبقا، وهذا ما بينته التجربة السابقة من خلال جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية (الفديك) بعد تجنيد رضا كديرة، وبعدها كانت تخريجة "الأحرار" مع أحمد عصمان، ثم تلاه الاتحاد الدستوري مع المعطي بوعبيد وعبد اللطيف السملالي، وها هي تجربة جديدة في العهد الجديد قد تكون في طور التهييء مع فؤاد عالي الهمة، لكن هذه المرة برؤية جديدة وآليات وأساليب مختلفة تسعى إلى تكريس المصداقية والشفافية وتقعيد المجهودات المبذولة على قواعد صلبة من منطلق التنافس من أجل السيطرة على الركح السياسي واختراق المجتمع المدني، في إطار رؤية مخطط لها سلفا للإمساك بخيوط مختلف المعطيات والمحددات المؤثرة في المشهد السياسي.
هبّوا لمساندة عالي الهمة
هناك عدة جهات هبت لمساندة ودعم فؤاد عالي الهمة، ماديا ومعنويا، وفي هذا الصدد تساءل الكثيرون حول أهمية الميزانية، المتعددة المنابع والمصادر، التي صرفت على حملته الانتخابية.
مساندة رياضيين وفعاليات وازنة في المجتمع المدني "الراقي" وفاعلون إعلاميون وضعوا خبرتهم تحت تصرفه، وجمعيات مدنية وازنة وشركات إشهار، كما استفاد من عطايا مقتطعة من ميزانية مؤسسات بنكية مخصصة للمجال الثقافي والإشعاعي.
كما لم تُخْفِ فعاليات في مختلف المجالات مساندتها ودعمها الواضحين له ولحملته، من أمثال رجل الأعمال أخنوش رئيس جهة سوس ماسة – درعة، أبرز الوجوه الجديدة في الحكومة رقم 29، ومحمد مجيد، وعيوش، وفعاليات رياضية ذات صيت واسع من أمثال الكروج والحداوي وناضر، ومثقفين وساسيينبارزين من عيار محمد الكنيدري ومحمد الكحص، وصحافيين وإعلاميين كان يُشْهَد لهم بالأمس القريب بالنزاهة والترفع عن المصالح الموسمية.
كيف نسج " الهمة " شبكة
تحالفاته الاقتصادية والسياسية؟
1 النفوذ المالي
كثيرون تساءلوا عقب " الاستقالة " الشهيرة لكاتب الدولة في الداخلية السابق فؤاد الهمة، عن مغزى ذهاب صديق الملك من المربع الضيق للحكم.. تساءلوا عما إذا كان الأمر يتعلق بإقالة عقب غضبة ملكية على أقرب معاونيه، أم أنه كان عبارة عن إعداد لسيناريو سياسي بين الملك ورفيقه في الدراسة والحكم، تتمثل في إعداده لتسلم منصب الوزير الأول لحكومة ما بعد اقتراع السابع من شتنبر، أو " على الأقل " منصب وزير الداخلية.
انجلت " الغمة " عن المتسائلين، سيما الذين لم يكونوا يريدون الهمة في منصب سياسي حساس، يشفط طموحاتهم الوزارية، بل إن ثمة مَن ذهب إلى حد الاعتقاد بأن دور الهمة المحوري في بلاط محمد السادس كان قد انتهى، كما هو شأن رجل أعمال " مهم " بالدار البيضاء، كان من قبل من المحسوبين على شلة الهمة في أكثر من مجال، يخترق عالم المال، لذا سمح لنفسه بأن " ينفض " يده منه مُعتقدا أن الرجل قضي أمره، لكنه انتبه إلى خطئه - يؤكد مصدر وثيق الصلة بالموضوع – في الوقت المناسب لذا هرول، وهو الرجل المشرف على الستين، ويطوي جسده المنهك عدة أمراض أكثرها مزمن، إلى بلدة الرحامنة في عز حرارة شهر غشت الماضي، ليساند " صديقه " الهمة في حملته الانتخابية، وهناك لاحظ أنه لم ولن يكون الوحيد الذي " نزل " بماله و " وجهه " لمساندة " مرشح سيدنا". بل كانوا كُثر بشكل ضاقت ب " شهرتهم " و " أموالهم " بلدة الرحامنة، وأدخل يداه في أرصدته البنكية المنتفخة - يقول مصدرنا - واغترف منها الكثير، وبطبيعة الحال فإن الهمة لم يُوزع نقودا على " ناخبيه " لكن مستثمرنا الثري، فعل ذلك إلى جانب العديدين من " مناصري " الهمة في " دوره الانتخابي الجديد " حيث تقاطر الدعم " اللوجستيكي " والبقية كانت مجرد تفاصيل الحدث السعيد بفوز الهمة ليس بمقعده الانتخابي فقط، بل أيضا، حصد جراره أيضا المقعدان الملحقان بلائحته ضمن نسبة مشاركة قياسية في الانتخابات على المستوى الوطني.
وبذلك كانت الرسالة واضحة جدا للمترددين: الهمة ما يزال مشمولا بالحظوة الملكية، و " كملات الباهية " حينما عُرف ونُشر أن الرجل - أي الهمة دائما - شوهد إلى جانب الملك على متن سيارة مكشوفة، بأحد أكبر الشوارع بالدار البيضاء، لحظات قبل موعد الإفطار الرمضاني، وحينئذ قطع المهتمون " المعنيون " بصعود وهبوط مؤشر أسهم بورصة البلاط الملكي الرمزية، شكهم باليقين.
هل يتوقف القرب والبعد من مربع الحكم بالبلاط، عند مسألة الرمزية فحسب؟ يجيب أحد العارفين وابتسامة ساخرة تعلو محياه: " إننا بصدد مجالات السياسة وتعقيداتها وخصوصياتها المغربية" مستطردا " إن درجة القرب أو البعد من الملك على المستوى البروتوكولي، فضلا عن السياسي تمنح ما نصطلح عليه نحن المغاربة ب " الكلمة " وهذه الأخيرة لها وزنها ذهبا أو فضة أو ما دون ذلك حسب أمتار وسنتيمترات القرب المذكورة".
وحينما استزدنا مصدرنا العارف شرحا قال: " إن المستثمرين الطموحين، سواء مغاربة أو أجانب، يعرفون أن مسالة قياسات القرب المذكورة هي بمثابة المفتاح الذي لا تستعصي عليه الأقفال، وهذا أمر واضح بالنظر إلى أن السلطة في شتى مناحيها السياسية والاقتصادية، مجمعة في يد الملك، وبذلك فإن الكثير من المستثمرين الطموحين لا يضيعون أوقاتهم بالوقوف عند أبواب الحكومة، بل يذهبون رأسا لدق " الباب الكبيرة ".
وبطبيعة الحال فإن " الكلمة " لا تُمنح اعتباطا بل وفق آليات معقدة، ووساطات عديدة، وبذلك يتسنى للمقربين ضمن البلاط الملكي نسج علاقاتهم المعقدة في عالم السياسة والاقتصاد والمال، حيث المطلوب أن تقود " الشطارة " إلى اكتساح أكبر قدر من رقعة النفوذ حيث يتداخل المال بالاقتصاد بالسياسة بالصداقة".
فؤاد الهمة لم يشذ بطبيعة الحال عن القاعدة إياها، إذ يؤكد العديد من الذين " احتكوا " به في أكثر من ملف أن الرجل لم يكتف برتق (خياطة) شبكة المعلومة الاستخباراتية بشتى أنواعها ومضامينها، بل أيضا " تسلل " إلى عالم الاقتصاد والمال، ومن هنا - يؤكد أحد رجال الأعمال المغاربة – استطاع أن يلم شبكة من " الحلفاء " والأصدقاء، وهو ما مكنه من " ضبط " العديد من الأمور داخل بيت رجال الأعمال بالمغرب.
وما زلنا نتذكر كيف استطاع القصر بفضل تحركات رجال البلاط وفي مقدمتهم الهمة " إرجاع فيدرالية الباترونا المغربية إلى " الرشد " بعدما حاول رئيسها السابق " حسن الشامي " منحها استقلالية معينة، أو بالأحرى مسافة ببضع أمتار بعيدا عن القصر، وكان ما تعرفونه من " اندحار " الشامي، حيث وصل الأمر حد هبوط محتسبي وزارة المالية إلى مقاولات قيدوم المستثمرين المغاربة لجرد حساب سجله الضرائبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.