لم يكن تعيين الفرنسي روجي لومير مدربا للمنتخب الوطني إلا حلقة مكشوفة من مسلسل امتد لأسابيع طويلة، وقدم للرأي العام صورة حقيقية عن الطريقة التي يتم بها تدبير الشأن الكروي في المغرب، وكيف أن مزاج الجنرال بنسليمان هو الذي يحكم القرارات الكبرى. عندما انتقد المدرب السابق هنري ميشيل السياسة الرياضية في المغرب بعد الإخفاق في نهائيات غانا، لم تتردد جامعة بنسليمان في التأكيد أمام ضغط الرأي العام أن المدرب المقبل للمنتخب سيكون مغربيا، بل وقدمت لائحة ضمت أسماء ستة مدربين. وعندما كانت الجامعة تتجه إلى تعيين بادو الزاكي مدربا، غضب الجنرال لأن الصحافة سبقت الجامعة إلى إعلان الزاكي مدربا قبل اجتماع المكتب الجامعي، لذلك ألغى الاجتماع، بل وأصر على توجيه بوصلة الاختيار نحو المدرب الأجنبي والفرنسي روجي لومير تحديدا. لكن عندما سبقت الصحافة الجامعة مرة أخرى إلى إعلان لومير مدربا، لم يغضب الجنرال ولم يثر، لأنه في حالة الزاكي وجد نفسه مرغما على اختياره أمام الأصوات التي تعالت بإعادته، لذلك كان يبحث عن ذريعة ولو كانت واهية، ليقلب خريطة الاختيار، أما مع لومير فالأمر يتعلق بمدرب يحمل الجنسية الفرنسية، وكانت لبنسليمان رغبة خاصة في جعله مدربا للمنتخب. لقد كشف التعاقد مع لومير أن جامعة بنسليمان تحركها حسابات شخصية وضيقة، وأنها لا تضع أي اعتبار للرأي العام، بدليل أنها لم تلتزم بما وعدت به. لقد أكد بنسليمان أن اختيار مدرب المنتخب سيشارك فيه جميع أعضاء المكتب الجامعي وسيبدون رأيهم وملاحظاتهم، قبل إعلان الاختيار النهائي، لكن الذي حصل أن الاجتماعات ظلت تتأجل أكثر من مرة، وإذا عقدت فإن قضايا أخرى غير المدرب الوطني هي التي كانت تناقش. وعندما سمح مزاج الجنرال بنسليمان بإعلان لومير مدربا، فإن خبر التعاقد مع لومير كان في علم دائرة ضيقة من أعضاء المكتب الجامعي، أما بقية الأعضاء فكانت المفاجأة ترتسم على وجوههم كلما وجدوا أنفسهم ملزمين بالإجابة على أسئلة الصحفيين، ذلك أنهم لم يكونوا على علم حتى بتواجد لومير في المغرب وظلوا يتابعون المستجدات عبر الإعلام، وتحولوا إلى مجرد كومبارس يصفقون على قرارات لم يشاركوا في صناعتها. إن من العبث حصر مشكلة الكرة المغربية في مدرب المنتخب فقط، بل إنها أكبر من ذلك، فمادامت هناك نوعية من المسيرين تصنع قراراتها وفق المزاج، وتدخل في معارك صغيرة، فإن الكرة المغربية لن تمضي قدما. في كل مرة يحصد فيها المنتخب الوطني الفشل، تبادر جامعة بنسيلمان إلى اختزال الأزمة في المدرب، متى تدرك الجامعة أن المدرب ليس إلا شماعة تعلق عليها الأخطاء، فإذا كان النظام الكروي مبنيا على قواعد صلبة، فيمكن لأي مدرب أن ينجح سواء أكان وطنيا أم أجنبيا.