بدأت الاستعدادات لانتخابات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي أنشئ عام 2003 في إطار توحيد صفوف مسلمي فرنسا، وذلك على إيقاع مواجهة ساخنة بين الجزائر والمغرب، يزيد من حدتها هذه المرة انقسام في صفوف ممثلي المغاربة في فرنسا، بعد الانشقاق الذي حصل في الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا التي كان يرأسها محمد البشاري. وأعلن الجزائري دليل بو بكر، إمام المسجد الكبير بباريس الذي يرأس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية منذ إنشائه، أنه سيقاطع انتخابات تجديد هياكل المجلس المقرر إجراؤها في الثامن من يونيو المقبل، بدعوى أنها ستكون غير نزيهة، مشيرا إلى عملية اختيار المندوبين الذين سيُسمح لهم بالتصويت، وفقا لمساحة مكان الصلاة في مساجدهم، وقال إنها «ليست هذه هي الطريقة التي ينظم بها الإسلام في فرنسا»، موضحا أن نظام الانتخاب يضمن أن الشبكة القومية للمسجد الكبير التي تضم 100 مسجد تابعة للجزائريين سينتهي بها الأمر في موقع متأخر عن شبكات أخرى، تبني مساجد جديدة كثيرة. وأعلنت الشبكة القومية للمسجد الكبير، مقاطعة النظام الانتخابي، ووصفته في بيان لها بأنه «آلية انتخابات سخيفة». ورأى مراقبون أن تصريحات دليل بو بكر ترمي فقط إلى إحداث نوع من الضغط المعنوي على الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي، الذي كان خلف دعمه في انتخابات 2003 عندما كان وزيرا للداخلية، لكن بعض الملاحظين استبعدوا ذلك حتى لا يبدو ساركوزي مؤيدا للجزائريين على حساب المغاربة، خاصة وأن بعض المصادر تتحدث عن أن دليل بو بكر تولى منصبه من خلال نوع من التراضي لفتح الطريق أمام إنجاح التجربة، وأنه بعد خمس سنوات ودورتين انتخابيتين لم يعد ذلك التراضي ممكنا. ويقول كثير من المطلعين على هذا الملف إن الغرض الأساسي من وراء مقاطعة الانتخابات من قبل رئيس مسجد باريس هو الخلافات المزمنة بين الجمعيات والمنظمات الإسلامية الموالية للجزائر من جهة والموالية إلى المغرب من جهة أخرى، ويضيف هؤلاء أن بوبكر يعلم أن هناك اتفاقا ضمنيا قد تم مع السلطات الفرنسية يقضي بأن يعفى من مهامه كرئيس لمجلس الديانة الإسلامية بعد انتخابات يونيو المقبل، وأن الفيدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا المقربة من المغرب هي التي ستتولى مبدئيا رئاسة المجلس بعد هذه الانتخابات. وكانت هذه الرابطة قد تفوقت على رابطة مسجد باريس في الانتخابات الماضية التي جرت عام 2005، بيد أن السلطات الفرنسية سعت إلى الضغط على مختلف المنظمات الإسلامية لجعلها تقبل بمنح بوبكر مدة ثانية يترأس خلالها المجلس تنتهي في يونيو المقبل. غير أن الانقسام الذي حصل داخل الفيدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا من شأنه أن يؤثر على وزن المغرب في هذه الانتخابات. ففي بداية دجنبر الماضي انشق عدد من أعضاء الفيدرالية بزعامة محمد بوصوف، الذي عينه الملك محمد السادس أمينا لمجلس الجالية المغربية في الخارج، وأنشأوا جمعية أطلقوا عليها»جمعية منتخبي المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية»، عهدت رئاستها إلى عبد الرحيم بركاوي. وقالت يومية «لوموند»الفرنسية قبل أسبوعين في تفسيرها لهذا الانشقاق إن بوصوف يحظى بدعم الدولة المغربية ويعتبر»مرشح أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية». وتعذر الاتصال بمحمد بوصوف لأخذ وجهة نظره في هذه الانتخابات، لكن محمد البشاري قال في تصريحات ل»المساء» إن حظوظ المغرب تظل ضئيلة بسبب الانقسام داخل الفيدرالية، وعزا ذلك أيضا إلى ضعف التواجد المغربي في المجال الديني بفرنسا مقارنة بالجزائر التي تتوفر على عدد كبير من المساجد ومئات الأئمة المؤطرين الذين يتقاضون رواتبهم من الدولة، فيما المغرب لا يتوفر على أطر مؤهلين، كما لا يتوفر على مساجد كثيرة خلافا للجزائريين. ويتشكل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من مجموع المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية ومن اتحادات بين مختلف الجمعيات التي تتولى إدارة شؤون أماكن العبادة، والمساجد الممثلة من خلال الجمعيات التي تديرها، ومن الشخصيات المنتقاة من الأعضاء القدامى في هذه الجمعيات. ويهدف المجلس إلى الدفاع عن رفعة الإسلام ومصالحه في فرنسا وتيسير وتنظيم تقاسم المعلومات والخدمات بين مختلف أماكن العبادة وتشجيع الحوار بين الديانات وتمثيل أماكن العبادة الإسلامية لدى السلطات العامة.