تشير المعطيات الأخيرة إلى تراجع مرتقب للطلب الخارجي الموجه للمغرب، وهذا ما يؤشر عليه بطء نمو الصادرات في الربع الأول من السنة الجارية، حسب ما تجلى من الإحصائيات الأخيرة التي نشرها مكتب الصرف. وردت المندوبية السامية للتخطيط هذا التراجع إلى أن التباطؤ الحاد الذي عرفه الاقتصاد الأمريكي بدءا من غشت 2007، امتدت آثاره إلى منطقة الأورو، مما أدى إلى مراجعة معدلات النمو في هذه البلدان نحو الانخفاض، الشيء الذي ستكون له تداعيات على الطلب الموجه للمغرب. وتجلى تراجع الصادرات أكثر في سنة 2007، حيث عرف نموها تباطؤا كبيرا، لم يتجاوز 7 في المائة، نتيجة استقرار نمو الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب، مما لم يساعد على التخفيف من حدة عجز الميزان التجاري، الذي اتسع بما يعادل 39.1 في المائة في السنة الفارطة، تحت تأثير مشتريات المواد الطاقية و السلع الغذائية. ومن جانب آخر، أشارت المندوبية السامية للتخطيط ، إلى أن ان المناخ الاقتصادي الحالي في المغرب، واقع تحت تأثير عدم استقرار الموسم الزراعي جراء نقص الأمطار، فضلا عن تداعيات ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الاساسية في الأسواق العالمية. وأضافت المندوبية في تقريرها لشهر أبريل أن من المتوقع لإنتاج المغرب من الحبوب في الموسم 2007-2008، أن يبلغ «50 مليون قنطار أي أقل من 18 في المئة عن معدل سنة عادية.» وكان المغرب أعلن، الشهر الماضي، رفع سعر القمح في السوق المحلية ب20 في المائة «لمساعدة المزارعين المحليين» وذلك في وقت يواجه المغرب فيه ضغوطا لخفض واردات الحبوب المتزايدة بسبب مساهمتها في ارتفاع عجز الميزان التجاري. وشهد عجز الميزان التجاري للمغرب في عام 2007 ارتفاعا بنسبة 39 في المئة عندما لم تعوض الصادرات الصناعية زيادة تكاليف واردات الحبوب والوقود. وعلى صعيد أسعار المواد الغذائية قالت المندوبية إنها ارتفعت ب3.2 في المئة على أساس سنوي في مارس الماضي. وعزت المندوبية «صمود الاقتصاد المغربي في وجه التأثيرات السلبية لموجة ارتفاع الأسعار العالمية «إلى سياسة الحكومة المغربية بشأن أسعار المواد الأساسية كالزيت والدقيق وغاز البوتان. وتعمل الحكومة على دعم أسعار المواد الأساسية عن طريق ما يعرف بصندوق المقاصة. وكانت الحكومة رصدت، في ميزانية العام الحالي، 20 مليار درهم للصندوق، مقارنة مع 14 مليار درهم العام الماضي.وأعلنت في الآونة الأخيرة أنها ستضيف عشرة مليارات درهم أخرى نظرا لاستمرار ارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية. وأظهرت أرقام وفرتها المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل البطالة في المغرب تراجع إلى 9.6 في المائة في الربع الأول من العام الجاري مقابل 10.1 في المائة في الفترة المقابلة من العام السابق، حيث وفر قطاعا الخدمات والبناء المزيد من الوظائف. وقالت المندوبية السامية للتخطيط ّإن إجمالي عدد العاطلين عن العمل بلغ 1.078 مليون شخص في الربع الأول، بانخفاض بلغ 55 ألفا مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. ووفرت القطاعات غير الزراعية 152 ألف فرصة عمل، خلال تلك الفترة، أغلبها في قطاعي البناء والخدمات، حيث بلغ معدل نمو الوظائف 10 في المئة و2.4 في المئة على التوالي. ووفر قطاعا الصيد والزراعة نحو عشرة آلاف وظيفة بزيادة بلغت 3.6 في المئة مقارنة مع الربع الأول من العام السابق. وقفز عدد العاطلين في العام الماضي إلى 1.092 مليون عاطل بسبب ضعف أداء القطاع الزراعي. ويعمل بقطاع الزراعة في المغرب أكثر من 40 في المائة من اليد العاملة، ويجني القطاع ما يصل إلى 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويمثل خفض البطالة أولوية للحكومة المغربية، التي تسعى لخلق 1.2 مليون فرصة عمل في الفترة من عام 2008 حتى عام 2012 من 0.8 مليون في السنوات الخمس السابقة بحسب التقديرات. وقال تقرير رسمي، إنه يتعين على المغرب توفير 400 ألف وظيفة سنويا خلال العشر سنوات القادمة لمنع تفشي البطالة التي تهدد الاستقرار.