باستثناء الفلاحة، تواصل تباطؤ النشاط الاقتصادي في المغرب منذ بداية السنة الجارية في ظل استمرار تدهور الظرفية العالمية الذي انعكس على العديد من القطاعات الاقتصادية في المغرب، بعضها خصته الحكومة بمخطط لمواجهة الأزمة. ويبقى محصول الحبوب الذي أعلنت عنه وزارة الفلاحة، والمقدر ب102 مليون قنطار، الخبر الاقتصادي الوحيد السار في النصف الأول من السنة الجارية، فقد ارتفعت القيمة المضافة للقطاع الفلاحي ب26.6 في المائة خلال الفصل الثاني من السنة الجارية، وهو ما سيكون له تأثير إيجابي على الصناعات الغذائية، وسيساهم، إلى جانب تراجع فاتورة البترول، في التخفيف من تفاقم العجز التجاري، وإن كان الحساب الجاري لميزان الأداءات، الذي يشير إلى احتياطي العملة الصعبة، قد سجل عجزا ب9.3 ملايير درهم في الفصل الأول من السنة الجارية، مقابل 6.8 ملايير درهم في الفترة نفسها من السنة الماضية، متأثرا أكثر بانخفاض عائدات السياحة وانحسار تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وتراجع الاستثمارات الخارجية المباشرة. الفلاحة ساهمت في التخفيف من تداعيات الأزمة الاقتصادية، التي انعكست سلبا على الطلب الخارجي الموجه إلى المغرب، ب4.5 في المائة، والذي ترجم بتراجع ملموس في الصادرات المغربية. في نفس الوقت الذي تباطأ فيه الطلب الداخلي، خاصة استثمارات المقاولات، على إثر ضعف الطلب الخارجي، علما بأن الطلب الداخلي كان، في السنوات الأخيرة، المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في المغرب. وفي نفس الوقت لوحظ تراجع أداء الأنشطة الصناعية، الشيء الذي ترجم بفقدان 60 ألف منصب شغل فيها، حسب البحث الوطني حول التشغيل، ناهيك عن عدم تمكن الأنشطة السياحية من تجاوز دورة الركود التي انخرطت فيها منذ الفصل الثاني من 2008، وهو ما تجلى في استمرار تراجع المبيتات السياحية. قطاع البناء والأشغال العمومية كان المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في المغرب في السنوات الأخيرة، غير أن المندوبية السامية للتخطيط تشير إلى أن مقاولي القطاع يبدون تفاؤلا حول احتمال تطوره خلال الأشهر القادمة، خاصة في ظل توقع ارتفاع القروض الصافية الموجهة إلى القطاع. وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط أن يفضي نمو القيمة المضافة للقطاع الفلاحي في السنة الجارية إلى بلوغ معدل نمو اقتصادي في الفصل الثاني من السنة الجارية ب4.6 في المائة، غير أنها تلاحظ أن هذا التطور قد يواكبه تحسن أقل على مستوى قنوات تمويل الاقتصاد الوطني، ولاسيما في ظل استمرار تباطؤ القروض المقدمة إلى الاقتصاد.