بعد أزيد من ثلاث ساعات من النقاش، لم يخرج اجتماع مجلس مدينة سلا، الذي تم تخصيصه لمناقشة أزمة المقابر، بأية حلول عملية، الأمر الذي دفع أحد المستشارين إلى المطالبة بضرورة تدخل الملك من أجل إيجاد مخرج لهذا الوضع، حيث اتهم المستشار لعربي أيت سليمان المجلس بالتقصير في تدبير هذا الملف لكون المعنيين به هم الفقراء، أما الميسورون فيملكون مقابر خاصة، معتبرا أن مساطر الامتيازات والاستثناءات التي يتم بموجبها تفويت مئات الهكتارات للشركات العقارية كان من الأجدر تفعيلها لتيسير دفن أموات المسلمين. الاجتماع، الذي حضره ممثل عن كل من وزارة الأوقاف ووكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق وعمالة سلا وعشرة مستشارين من أصل 71، استغله البعض لأخذ قيلولة بالارتماء على الطاولة أو قراءة الجرائد، فيما فضل البعض الآخر الانسحاب امتعاضا من الحديث عن مسألة تتعلق بالموت، خاصة بعد أن تم اجترار نفس النقاش الذي عرفته دورات سابقة عن أزمة تعود إلى أكثر من خمس عشرة سنة والتي وصلت قمتها إلى حد دفع حفاري القبور إلى اقتلاع الإسمنت المحاذي للطريق العام من أجل صنع قبور باعتراف من العمدة في وقت دافع فيه أحد المستشارين وبشدة عن طرد رفات الذين شبعوا موتا بحجة صدور فتوى واضحة في الموضوع. ويبدو أن حمى السكن الاقتصادي، التي جعلت من الشقق أقفاصا إسمنتية، ستنتقل قريبا إلى القبور بعد أن دخل العمدة في سجال مع رئيس مجلس العمالة حول المساحة التي يتعين تخصيصها للقبر بشكل سيهدد بدفن الأموات مستقبلا بشكل عمودي أو في مقابر جماعية على موضة الثمانينيات لدواع اقتصادية. ممثل وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق استقبل بالصمت احتجاجات صريحة وحادة اللهجة ضد ما تم اعتباره حجرا وتطاولا على مقابر المدينة بعد أن تبين أن مقبرة سيدي بلعباس تدخل ضمن نطاق المشروع، وكذلك الشأن بالنسبة إلى مقبرة سيدي بنعاشر الممتدة على مساحة 18 هكتارا والتي سيتم تحويلها إلى فضاء أخضر، حسب ممثل الأوقاف الذي أكد أن هامش تدخل الوزارة في هذه الأزمة ضيق جدا بعد أن تم الترامي على نسبة مهمة من الرصيد العقاري الذي تملكه بسلا. من جهته، حاول العمدة إدريس السنتيسي رمي الكرة تارة في ملعب العامل وتارة أخرى في ملعب وزارة الأوقاف، مؤكدا أن المسؤولية يتحملها الجميع ويجب التفكير في حلها بعيدا عن المزايدة السياسية، وهو الحل الذي يبدو بعيد المنال أمام غياب تصور واضح لما يتعين القيام به، مما يعني أن مواكب الجنائز سيتعين عليها القيام بجولات في المقابر الموزعة على ضواحي المدينة والدخول في مزاد علني مفتوح للحصول على حفرة أمام استمرار مسؤولي المدينة في سياسة «شد ليا نقطع ليك».