رفض مجلس مدينة سلا بالإجماع مشروع تصميم تهيئة مشروع أبي رقراق بعد أزيد من أربع ساعات من النقاش، ووجه أعضاء المجلس انتقادات شديدة إلى منهجية وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق في الاشتغال، وعدم مراعاتها للجانب الاجتماعي. وعاش المغاري الصاقل، مدير وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، لحظات عصيبة أول أمس، خلال دورة مجلس مدينة سلا التي تدارست مشروع تصميم التهيئة الخاص بضفتي أبي رقراق، بعد أن تناوب مستشارو المدينة على اتهام الوكالة بخرق القانون. كما وجد الصاقل في استقباله عشرات المتضررين من قرارات نزع الملكية، الذين رفعوا لافتات احتجاج داخل القاعة، وقاطعوا أشغال الدورة في أكثر من مناسبة، في الوقت الذي رابضت فيه سيارات الشرطة على مقربة من مقر المجلس تحسبا لأي رد فعل غاضب من طرفهم. واتهم عدد من المستشارين وكالة أبي رقراق بالاستيلاء على الأراضي خارج نطاق المشروع، والتعسف في استعمال القانون، بعد أن أصبح نطاق المشروع محددا في 6000 هكتار، عوض 5000 التي أعلنها وزير الداخلية في تقديمه للمشروع أمام البرلمان، وأكد المستشار عبد الإله المسكيني أنه «لا يمكن نزع ملكية الخواص لمنحها للخواص»، وطالب برفع اليد عن ممتلكات المواطنين والالتزام بالقانون الذي صادق عليه البرلمان. كما أضاف المسكيني أن «الوكالة تهدف حاليا، من خلال الوعود المقدمة، إلى ربح الوقت، في انتظار المصادقة على نزع الملكية، لتفرض سياسة الأمر الواقع»، ردا على الصاقل الذي نفى في البداية أن تكون هناك مسطرة لنزع الملكية. من جهته، أكد المستشار لعربي أيت سليمان أن الحديث عن المشروع يتزامن مع ما يشهده المغرب من «نهب للأراضي، من طرف مجموعات عقارية بطرق فيها تحايل وخرق للقانون»، وانتقد الطريقة «التقنوقراطية» التي تنهجها الوكالة في اتخاذ قراراتها، بعد أن طالبت بمنع الدفن بمقبرة سيدي بنعاشر في الوقت الذي تعيش فيه مدينة سلا أزمة مقابر، ونصح الصاقل بتجنب إثارة المشاكل، والابتعاد عن المناطق الحمراء مثل القرية. واعتبر جامع المعتصم، نائب عمدة سلا، أن رفض المجلس لمشروع التصميم كان «منطقيا أمام التدبير غير الشفاف للمشروع»، وهو ما سيخلق حسب المعتصم «مشاكل كبيرة، بعد أن أتاح الفرصة للاتجار غير المشروع في الأراضي من خلال عقود عرفية، بتواريخ مزورة، إضافة إلى تغيير المساحة التي سيشملها التعمير من 500 إلى 1200». وتساءل مستشار آخر عن القيمة المضافة للمشروع في الوقت الذي «استحوذت» فيه الوكالة على العديد من المرافق، وندد بمحاولة هدم مستشفى العياشي المختص في الترويض قائلا: «يلا ديتوه.. خدو حتا لحبس ما عندنا ما نديرو بيه». وبدا الصاقل منهكا بعد ساعات طويلة من الانتقادات، واضطر في أكثر من مناسبة إلى إسناد رأسه بيده وهو يستمع لتدخلات المستشارين التي استمرت الى حدود الساعة الحادية عشرة ليلا، قبل أن يعقب مستعملا لغة عاطفية لاحتواء غضب المتضررين من قرارات نزع الملكية، الذين صعدوا في الآونة الأخيرة من وتيرة احتجاجاتهم، مخاطبا إياهم بالقول: «يا خوتي غي فهموني». واعترف الصاقل بأن الوكالة ارتكبت بعض الأخطاء، وقال: «ليس هناك شخص معصوم من الخطأ»، وأضاف: «أنا في منصب لا أحسد عليه، وإذا بقيت فيه أعدكم بأن جميع المشاكل ستحل مع نهاية السنة»، وأكد أن الوكالة ستبحث الصيغ المناسبة لإشراك الملاكين في المشروع. وبرر الصاقل إضافة ألف هكتار إلى نطاق المشروع بضرورة وضع حد لزحف البناء العشوائي، والهجرة من القرى إلى مدينة سلا، وأكد أن أصحاب الأراضي يجب أن «ينتفعوا بطريقة معقولة، وهو ما تسعى إليه الوكالة». كما أكد أن قانونية ضم هذه الأراضي يمكن أن تناقش، أو يتم الطعن فيها. وأكد الصاقل أن هناك «سوء فهم» لطبيعة المشروع تسبب في حالة من «التشويش»، وأن الوكالة لا تميل إلى «العنف» وستدرس جميع التعرضات التي تقدم بها أصحاب الأراضي. وكرد على أسئلة المستشارين الذين انتقدوا محاولة تسعير الأراضي على أساس الأثمنة المعمول بها سنة 2005، قال الصاقل: «أضع نفسي مكان صاحب الجلالة الذي لا يقبل بأن يتم تهجير المواطنين»، وأضاف أن الوكالة لم تحدد إلى غاية الآن ثمن الأراضي المعنية بقرار نزع الملكية، وأن هناك لجنة ستباشر عملية تقييم الأراضي في وقت لاحق. وبالرغم من أن رفض مجلس مدينة سلا لمشروع تصميم التهيئة يبقى غير ملزم للوكالة، إلا أنه يشكل رسالة واضحة تعبر عن المشاكل الكبيرة التي يتخبط فيها مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق، والذي أصبح محاطا بأكثر من علامة استفهام، خاصة بعد البطء الملاحظ في وتيرة الأشغال، وتنامي الاحتجاجات ضد قرارات نزع الملكية.