خيم الحادث المأساوي الذي أودى بحياة العشرات من عمال مصنع الأفرشة بليساسفة بالدار البيضاء على مجريات الجولة الرابعة والأخيرة من الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية التي اختتمت أمس الثلاثاء. وأوضح العربي الحبشي، القيادي بالفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن وفد نقابته طالب، خلال هذا الاجتماع، بفتح تحقيق معمق وشامل وألا يقتصر على رب العمل وإنما يطال جميع المتدخلين الرئيسيين من سلطات محلية ووزارة الشغل والوقاية المدنية. ولم تحمل هذه الجولة أي جديد يذكر باستثناء إجراء تعديل بسيط يهم العمل بتخفيض الضريبة على الدخل بنقطتين من 42 % إلى 40 % في سنة 2009، وتنزيله مرة أخرى بنقطتين في أفق 2010 عوض 2011 التي كانت متضمنة في العرض السابق، وتعميم الحد الأدنى للأجر على العمال الزراعيين، وتقليص مدة صرف الزيادة في السميك بالنسبة إلى القطاع الخاص من أربع سنوات إلى سنتين، عبر زيادة 5 % كل سنة بدل 2.5 % على أربع سنوات. وبخصوص الترقية، أجرت الحكومة تعديلا طفيفا بالرفع من نسبة الحصيص من 22 % إلى 24 %، منها 13 % عن طريق الاختيار و11 % عن طريق الامتحان. المركزيات النقابية عبرت عن رفضها لهذا العرض نظرا لهزالته، وعلق الميلودي موخاريق، عن الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، بكون الحوار الأخير مع الحكومة لم يأت بأي جديد، مشيرا، في تصريح ل«المساء»، إلى أنهم رفضوا العرض الذي تقدمت به الحكومة نظرا لهزالته، وأضاف أن نتائج هذه الجولة ستلقي بظلالها، لا محالة، على احتفالات فاتح ماي غدا الخميس الذي سيكون «يوما للاحتجاج والنضال والقول بالجهر وفي الشارع: لا للسياسات الحكومية المتبعة في المجال الاجتماعي»، مبرزا، في السياق ذاته، أن كارثة مصنع الموت بليساسفة ستكون حاضرة بقوة خلال هذا اليوم، موضحا أن ما وقع هو نتيجة عدم تطبيق مدونة الشغل وأن الأحياء الصناعية الخمسة الموجودة بالدار البيضاء تتواجد بها مصانع تذكر بالقرن ال18، حيث كان العمال يشتغلون كالعبيد وبدون أدنى حماية اجتماعية، مضيفا أن العمل النقابي في هذه المصانع محرم، والطرد يكون مصير كل من سولت له نفسه الحضور في نشاط نقابي، وحتى مفتشي الشغل يمنعون من ولوج هذه المعامل، حيث يحكم إغلاق أبوابها ولا يترك سوى ثقب صغير لمعرفة من الطارق، لتبقى المعامل محاضن للاستغلال وليس للإنتاج، وهذا يرجع -يؤكد موخاريق، إلى السلطات العمومية التي تقوم بحماية هؤلاء ولا تطبق القانون عندما يكون في غير صالحهم.. ورغم أن مدونة الشغل تنص على ضرورة توفر المصنع الذي يشغل أكثر من 50 مستخدما على لجنة الصحة والسلامة المهنية التي لا تكلف الباطرونا درهما واحدا، فإن 16 % من المنشآت الصناعية الموجودة بربوع المملكة هي التي تتوفر على هذا الشرط. من جانبه، أكد العربي حبشي، في تصريح ل«المساء»، أن الحوار الاجتماعي انتهى فعلا إلى النفق المسدود وأنه لم يبلغ مستوى تطلعات الشغيلة المغربية، مبرزا أن الأجهزة القيادية للفيدرالية الديمقراطية للشغل ستجتمع قصد اتخاذ الرد المناسب وما إذا كانوا سينفذون القرار الذي اتخذ في أعقاب المجلس الوطني الاستثنائي الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي، والقاضي بخوض إضراب وطني في جميع القطاعات باستثناء القطاع الخاص، مضيفا أن فاتح ماي هذه السنة سيكون ذا طابع اجتماعي بامتياز. وحول ما إذا كانت نقابته ستنخرط في الإضراب العام، الذي سبق أن هددت به الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أجاب حبشي بأن هذا الأمر يبقى سابقا لأوانه.