تعد جريدة الأهرام المصرية أعرق وأقدم الجرائد العربية التي مازالت مستمرة حتى الآن منذ 1876، رغم مرور أكثر من مائة سنة على تواجدها، حيث تعد صوت مصر في العالم، والقناة التي عبرت عن موقف العالم العربي من القضايا العالمية. بدأت الأهرام، التي أسسها الأخوان سليم وبشارة تقلا كصحيفة أسبوعية في أربع صفحات، في مدينة الإسكندرية في 5 غشت سنة 1876، ولكن بعد مرور أقل من 5 سنوات تحولت إلى صحيفة يومية، توزع يوميا حوالي 800 ألف نسخة، ويعتبرها كثيرون صحيفة «قومية» رسمية. تعاقب على إدارة ورئاسة تحرير الأهرام على مدار أكثر من 130 عاما عدد كبير من أعلام الصحافة والأدب من أبرزهم: محمد حسنين هيكل، فكري أباظة، وإحسان عبد القدوس. كما كان لجريدة الأهرام الفضل في تقديم نخبة من الأدباء والمفكرين لقرائها، من بينهم أحمد شوقى ومصطفى لطفى المنفلوطي وطه حسين والعقاد، ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وبنت الشاطئ ويوسف إدريس وثروت أباظة وإحسان عبد القدوس. وقد وصف طه حسين الأهرام بكونها «ديوان الحياة المعاصرة»، فهي «ليست صحيفة امتد بها العمر حتى شاخت ووصلت من الحياة إلى أرذل العمر، ولكن مرور الزمن كان يزيدها أصالة، ومن ثم فهي صحيفة تحمل على ظهرها تاريخا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، محليا ودوليا، فشمولها للأحداث جعلها ديوانا للأحداث بلغة عصرها وانفعالاته واهتماماته». تصدر جريدة الأهرام حاليا ثلاث طبعات يومية محليا إلى جانب طبعة دولية تطبع يوميا بعد أن تنقل صفحاتها بواسطة الأقمار الصناعية، في لندن ونيويورك وفرانكفورت، وطبعة عربية تطبع في دبي والكويت، إضافة إلى طبعة إلكترونية على شبكة الأنترنيت. استحدثت الأهرام، في بداياتها، بعض الفنون الصحفية التي لم تكن تعرفها الصحافة المصرية، من بينها «الحديث الصحفي» مع كبار السياسيين ورجال الفكر، وكان من أبرز تلك الأحاديث الحوار الذي أجراه «بشارة تقلا» مع الخديوي إسماعيل (خامس حكام مصر من الأسرة العلوية، والذي حكم من 18 يناير 1863 إلى أن خلعته إنجلترا عن العرش في 1879)، وهو ما غير النظرة إلى الصحافة التي كان ينظر إليها على أنها حرفة «دنيئة». أعطت الأهرام في سنواتها الأولى اهتمامها الأكبر للأحداث الخارجية، وكان اهتمامها بالأحداث المحلية المصرية قليلا، حيث كان لها حوالي 12 مراسلا في سوريا، في حين لم يتعد مراسلوها في مصر كلها 6 مراسلين فقط. واجهت جريدة الأهرام في بدايتها خصومة مع القصر، عندما كتبت مقالا تحت عنوان «ظلم الفلاح»، انتقدت فيه تصرفات الخديوي إسماعيل المالية، حيث أدى هذا المقال إلى زج بشارة تقلا في السجن، إلى أن تم الإفراج عنه بعد تدخل القنصل الفرنسي. وقد شكل هذا الحادث نقطة تحول في خط تحرير الجريدة، التي انتهجت سياسةً «مسك العصا من المنتصف» بحيث أصبحت أكثر حيادا في تقديم الأخبار مع تجنب الرأي. لكن الجريدة هاجمت الاحتلال الإنجليزي وناصرت الزعيم الوطني مصطفى كامل، وفتحت صفحاتها لنشر مقالاته، واعتبرت نفسها «صحيفة مصرية للمصريين»، وفتحت صفحاتها للكتابة الوطنية. وبعد الحرب العالمية الأولى وفي فترة ما بين الحربين، زادت الأهرام من عدد صفحاتها، وتوسعت في معالجة كافة الموضوعات، وأنشأت لأول مرة شبكة من المراسلين لها في أنحاء مختلفة من العالم. وفي فترة الخمسينيات وتحت رئاسة تحرير «محمد حسنين هيكل» بعد عملية تأميم الصحافة وإلحاق ملكيتها بالدولة، خطت الصحيفة خطوات واسعة في اتجاه تدعيم وجودها كصحيفة «قومية» تعبر إلى حد كبير عن رأي الدولة المصرية ومواقفها، وهو النهج الذي استمرت عليه حتى يومنا هذا. رغم الدور الكبير الذي لعبته الأهرام عبر التاريخ ومعاصرتها لثلاثة قرون، فإن المفكر المصري المعروف فاروق الباز يتوقع أن يحدث تدهور في مهنية الجريدة في الفترة المقبلة، خاصة بعد انتهاء مدرسة هيكل، والممثلة في كل من سلامة أحمد سلامة وصلاح الدين حافظ وفهمي هويدي ومكرم محمد أحمد، مؤكدا أن «الأهرام اليوم أصبحت خاضعة لتوجيهات النظام».