لم تكن مريم عبدلاوي (28 عاما)، إحدى العاملات بشركة النقل الكرامة، تدرك أن مشاركتها في وقفة احتجاجية إلى جانب العشرات من مطرودي شركة الجماني للنقل الحضري، عصر أمس الثلاثاء قبالة ولاية الرباط، ستكلفها فقدان الأمل في القبض على حلم طال انتظاره يتمثل في مولود لازال جنينا بين أحشائها. فقد كانت عبدلاوي، التي تعيل براتبها الشهري المفقود أسرة بكاملها، عندما دقت ساعة مفارقة حلمها الجميل بأن تصبح أما بعد شهور قليلة، تحمل قطعة خبز في يسراها وصورة الملك محمد السادس في يمنها، قبل أن يباغتها أحد رجال القوات المساعدة ويوجه عصاه في غفلة من الجميع بعنف في اتجاه بطنها ليتم إجهاضها. مجموعة من النساء المحتجات على طردهن من العمل حاولن حماية عبدلاوي من هراوات المخازنية، لكن الأخيرة كانت قد هوت على الأرض في لحظة، تقول زملية لها، «ضاع فيها كل شيء». خلال تدخل قوات الأمن سقط 47 متظاهرا بين مصاب وجريح، بينما بقيت هذه السيدة تئن تحت وطأة الألم، إلى أن نقلتها سيارة الإسعاف التي حضرت إلى موقع الاحتجاج للخضوع لفحوصات طبية بمستشفى بن سينا، خلصت إلى «تعرضها لعملية إجهاض، إثر تلقي الجنين ضربات عنيفة». لم تكن مريم عبدلاوي هي الضحية الأولى والأخيرة لهذا التدخل الأمني العنيف الذي يتهم فيه باشا مقاطعة حسان من قبل «تنسيقية مطرودي شركة الكرامة» بإعطاء الأمر بالاستعمال المفرط للقوة، بل تعرض شخصان لكسور فيما تعرض45 محتجا لإصابات متفاوتة الخطورة، من بينهم نساء ومعاقون. محمد خزيب، منسق «تنسيقية مطرودي شركة الكرامة»، قال، في تصريح ل«المساء»،» إن الخليفة الأول للوالي والكاتب العام لولاية الرباط هما من يتحملان مسؤولية ما وقع»، قبل أن يضيف: «إن هناك تنسيقا لمقاضاة الخليفة الأول، أي باشا مقاطعة حسان، لتحريضه القوات المساعدة على التدخل بعنف لتفريق احتجاج سلمي. ورفع المحتجون شعارات تدعو سلطات الرباط إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة في قضية تسريح ثلاث مائة مستخدم دفعة واحدة، حيث يقول عبد العزيز عباد، عن «تنسيقية مطرودي شركة الكرامة»: «إننا قصدنا الوالي العمراني لدفعه إلى التدخل الإنقاذ مئات العائلات المغربية من التشرد». وعلق إبراهيم الجماني قرار عدول شركة الكرامة عن تسريح هؤلاء العمال، «بإلغاء الوالي حسن العمراني قرار توقيف الخطين 42 و55، والتعهد رسميا بعدم التضييق على حق الشركة في استغلال هذين الخطين، كما ينص على ذلك دفتر التحملات»، محملا إياه مسؤولية تشريد هاته الأسر. وتعذر على «المساء» أخذ وجهة نظر الوالي حسن العمراني لأسباب لم تكشف عنها ولاية الرباط ، في وقت علم فيه أن قضية «الخطين 42 و55» ستطرح للنقاش داخل مجلس مدينتي الرباط وسلا خلال دورة أبريل الجاري بعدما تعالت احتجاجات ساكنة العدوتين على احتجاب «نقل الكرامة» عنهما.