يتحدث الفقيه ابن سيرين في باب «في الأطعمة والحلوى واللحمان وما يتصل به من القدر والمائدة والسفرة والقصاع والمعرفة والأثفية «من كتابه» تفسير الأحلام، مثل أي عالم سيميائيات، أو عالم نفس، قارئا العلامات والرموز وجاعلا من الخبز رمزا للحياة والموت وعنوانا على الحلال والحرام. لننظر إليه في بعض تخريجاته العجيبة. < دقيق الحنطة مال مجموع وعيال وعجنه سفر عاجنه إلى أقاربه والعجين مال شريف في التجارة يحصل منه ربح كثير عاجل إن اختمر وإن لم يختمر فهو فساد وعسر في المال وإن حمض فهو قد أشرف على الخسران. < من رأى انه يعجن دقيق شعير فإنه يكون رجلا مؤمنا ويصيب ولاية وثروة وظفرا بالأعداء والنخالة شدة في المعيشة وأكلها فقر. < من رأى أنه يخبز خبزا فهو يسعى في طلب المعاش لطلب منفعة دائمة فإن خبز عاجلا لئلا يبرد التنور نال دولة وحصل مالا بيده بقدر ما خرج الخبز من التنور ومن أصاب رغيفا فهو عمر والرغيف أربعون سنة فما كان فيه من نقصان فهو نقصان ذلك العمر وصفاؤه صفاء الدنيا وقيل الرغيف الواحد ألف درهم وخصب وبركة ورزق حاضر قد سعى له غيره وذهب عنه حزنه. < فإن رأى رغفانا كثيرة من غير أن يأكلها لقي إخوانا له عاجلا وإن رأى بيده رغيفا كشكارا فهو عيش طيب ودين وسط فإن كان شعيرا فهو عيش نكد في تدبير وورع فإن كان رغيفا يابسا فإنه قتر في معيشته وإن أعطى كسرة خبز فأكلها دل على نفاد عمره وانقضاء أجله. < والرغيف للعزب زوجة والرغيف النظيف النضيج للسلطان عدله وللتاجر إنصافه وللصانع نصحه وحرارة الخبز نفاق وتحريم فإن رأى رجل رغيفا معلقا في جبهته دل على فقره والخبز المتكرج مال كثير لا ينفع صاحبه ولا يؤدي زكاته وأما خبز الملة فهو ضيق في المعاش لآكله لأنه لا يخبزه إلا مضطرا. < من رأى أنه يأكل الخبز بلا أدم فإنه يمرض وحيدا ويموت وحيدا وقيل الخبز الذي لم ينضج يدل على حمى شديدة وذلك أنه يستأنف إدخاله إلى النار ليستوي وقيل الخبز الحواري الحار يدل على الولد وأكل الخبز الرقاق سعة رزق وقيل أن رقة الخبز قصر العمر وقيل إن الرقاق من الخبز ربح قليل يتراءى كثيرا. < من رأى أنه يشرب الزيت فإنه يدل على سحر أو مرض والخل مال مبارك في ورع وقلة لهو وطول حياة لمن أكله بالخبز والدردي منه مال ساقط قليل المنفعة ذو وهن وسكرجة الخل جارية وخيمة وقيل إذا رأى الإنسان كأنه يشرب الخل فإنه يعادي أهل بيته وذلك للقبض الذي يعرض منه للفم والمري مرض والصفن هم وحزن مع خصومة منفعة قليلة وأما الملح فقد اختلف فيه فمنهم من قال إن الأبيض منه زهد في الدنيا وخير ونعمة وكرهه ابن سيرين وقيل إن المبرز منه هم وشغل وشغب ومرض ودراهم فيها هم وتعب ومن أكل الخبز به فقد اقتنع من الدنيا بشيء يسير والمملحة جارية ملحة وقيل من وجد ملحا وقع في شدة أو مرض شديد. < وأما اللحوم فأوجاع وأسقام وابتياعها مصيبة والطري منها موت.