أمام قضية كبيرة كالتي ميزت نهاية الأسبوع الفارط والتي أفضت إلى الإطاحة برأس رئيس مجموعة «أونا» السابق سعد بنديدي، يعتقد البعض أن مثل هاته الأمور تخص جماعة رجال المال والأعمال بالدرجة الأولى.. في ما يبقى المواطن البسيط بعيدا عن الموضوع. في الواقع هذا الطرح صحيح وخطأ في نفس الوقت. ولمعرفة لماذا هذا الحكم، قمنا بتمرين ظريف من خلال جرد ردود فعل قرائنا على الأنترنيت والخاص بالمقاولات المواكبة لإقالة بنديدي. لم يكن التمرين اعتباطيا لأن نتيجته بينت تباينا كبيرا في المواقف من هذا الحدث داخل الرأي العام. البعض اعتبر أن الحديث عن ملايير الدراهم لا يعنيه مادام لم يتسلم بين يديه في حياته أكثر من ألفي درهم، وهناك من اعتبر أن هذا الموضوع لا يهم سوى شريحة ضيقة من المغاربة وآخرون قالوا: «واحْنا ما لنا..». هؤلاء اعتبروا أنفسهم غير معنيين، لكنهم لم يكونوا لوحدهم في الميدان، فمجموعة ردود ركزت على الاختلالات التي وقف عليها المساهمون وتحدثوا عن خطورتها وثمنوا الموقف، ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك وطالبوا بمحاسبة بنديدي وآخرون طالبوا برأسه... وأغرب تعليق جاء من مواطن يقول لبنديدي: «رد لينا رْزقنا». الظاهر أنه اختلط عليه مال الهولدينغ الملكي بالمال العام.. والواقع أن هناك مواطنين بسطاء يعتقدون أن شركات الملك هي في حكم المؤسسات العمومية! قارئ من ألمانيا تمنى «أن تكون هذه الاجتماعات للمحاسبة تشمل كذلك القطاعات الأخرى لتسقط رؤوس آخرى...»، وآخر من فرنسا قال: «هؤلاء يتكلمون عن الملايير.. وهناك آخرون يبحثون عن دراهم معدودة فلا يجدونها». ويبدو أن هذا هو حال قارئ من أكادير قال إنه لا يفهم كيف يبذر البعض الملايير وهو يبحث عن ألف درهم منذ سنين لشراء «بشكليط» ولم يستطع إلى ذلك سبيلا! ولعل الشفافية التي تعاملت بها «أونا» في هذا الملف أدت أكلها بالنسبة إلى الهولدينغ الملكي بحيث ساعد سرد تفاصيل الإشكال الذي أدى إلى قرار مساهمي «أونا» (وهو قرار سيد على اعتبار أن الأمر يتعلق بمجموعة خاصة لكن لا يجب أن ننسى أنها مدرجة بالبورصة) إلى استيعاب تفاصيل القضية من طرف الرأي العام عموما ولم يبق الأمر حكرا على دائرة ضيقة.. وإن كان من الأنسب أن يصدر بلاغ المجموعة باللغة العربية كذلك! من نتائج هذه الشفافية أن ردود فعل الرأي العام (حسب موقعنا الإلكتروني) لم تكن متطرفة وأن بعضها تعاطف مع القرار وطالب بتعميمه على باقي القطاعات.. ولعل ذلك أكثر مما كانت تتوقعه مجموعة «أونا» نفسها، لكنه ينم عن تعطش المغاربة إلى قرارات زجرية في ظل واقع مطبوع بسياسة اللاعقاب التي دفعت ببعض المسؤولين إلى التمادي في غيهم. ويبقى أطرف رد فعل لمواطن اختصر كل النقاش في جملة واحدة يعرفها المغاربة جيدا ولعب بشكل لافت على الكلمات حينما قال: «لا ديدي.. لا حب الملوك»!.