منذ عودته من داكار في الثامن عشر من مارس الماضي، لم يوقف محمد السادس جولاته المتسلسلة في مناطق ما كان يسمى المغرب «غير النافع»، حيث أطلق هناك مشاريع تساوي ملايين الدراهم، حتى إنه بدا وكأنه يسكن في سيارته. في الثاني والعشرين من الشهر الماضي، توقف الملك بصفرو في زيارة أقل ما يقال عنها إنها تاريخية، فقد كان محمد الخامس آخر ملك مغربي وطئت قدماه أرض صفرو وذلك قبل حوالي خمسين سنة. وأثناء زيارته لصفرو أطلق بها الملك محمد السادس عددا من المشاريع الصغيرة ذات الطابع الاجتماعي. زيارة تلقاها أهالي مدينة صفرو بالكثير من السرور، هم الذين لم ينسوا بعد أثر «انتفاضة» صفرو في 23 شتنبر2007 والتي اعتقل فيها 47 شخصا من أبناء المدينة. وبعد استراحة قصيرة في مدينة طنجة، حيث أعطى الانطلاقة لبعض المشاريع في منطقتي الزياتن وبني مكادة، اتجه العاهل المغربي إلى بني ملال، حيث تم إرساء مشاريع لتوفير الماء الصالح للشرب في المنطقة يوم فاتح أبريل، غير أنه فاجأ الجميع وحط الرحال في اليوم الموالي بمنطقة سوق السبت، حيث وضع حجر الأساس لمشروع قرية للصناع التقليديين. في الثالث من الشهر نفسه، ظهر الملك محمد السادس في مدينة لفقيه بنصالح حيث أعطى الانطلاقة لمجموعة من المشاريع الأخرى، منها مشروع غرس آلاف أشجار الزيتون المثمرة وانطلاق أعمال تهيئة حضرية بلغت تكلفتها 540 مليون درهم، وفي الغد، أي في الرابع من أبريل، أعطى الملك الإشارة لانطلاق مشروع مسجد كبير في بني ملال كما أصدر أمره بالعفو لفائدة 17 معتقلا سياسيا، منهم المعتقل المخضرم محمد بوكرين، كان ذلك قبل أن ينتقل إلى أزيلال حيث دشن مشروع دار الطالبة هناك. «لا يمكن للملك أن يأتي إلى منطقة بني ملال دون أن يلتفت إلى معتقلي الرأي الذين حركت قضيتهم عددا من الجمعيات والحركات الحقوقية داخل المغرب وخارجه. إن أقل ما يمكن أن يقال عن زيارة جلالته للمنطقة أنها رفعت ظلما كبيرا عانى منه عدد من أهالي المنطقة» يقول أحد المسؤولين بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببني ملال. في الخامس من أبريل أجرى محمد السادس زيارة سريعة ذهابا وجيئة بين دمنات وأزيلال، من أجل عدد من مشاريع التنمية البشرية حسب ما ذكرته وكالة المغرب العربي للأنباء. وفي اليوم التالي زار محمد السادس خنيفرة (منطقة أخواله) لتدشين عدد من المشاريع، منها دار للمسنين قبل أن يعود من جديد إلى بني ملال. بعدها انتقل الملك إلى قصبة تادلة حيث دشن دار الثقافة، ثم في سابقة من نوعها، إلى زاوية الشيخ حيث أعطى الانطلاقة لبداية الأشغال في مشروع التطهير السائل للمنطقة بقيمة 71 مليون درهم. لكن، ما هي انطباعات الشعب عن هذه الزيارات الملكية؟ «على الأقل، تجعلنا هذه الزيارات نستفيد من النظافة والأناقة التي تكتسي شوارعنا حيث يقوم المسؤولون بإخفاء الوجه القبيح للمدينة بمجرد علمهم بقرب زيارة الملك» يقول أحد النشطاء الجمعويين بخنيفرة، حيث يضيف أنه، بالإضافة إلى حاجة المدينة إلى المشاريع ذات الطابع الاجتماعي، هناك حاجة ملحة إلى مشاريع توفر مناصب الشغل. بينما قال ناشط جمعوي آخر: «المشاريع الكبرى التي يطلقها الملك في مجال البنيات التحتية قد تكون طريقة لتحضير المنطقة لاستقبال مشاريع أخرى قد توفر مناصب جديدة للشغل لأهالي المنطقة». في انتظار ذلك، ينتشي السكان إلى آخر نفس بأيام الزيارة الملكية التي يمضيها الملك بين ظهرانيهم. «تلعب الزيارات الملكية دور المضاد الحيوي الذي يخفف من غضب السكان المهمشين على السلطات التي تضع أذنا من طين وأخرى من عجين»، هكذا يفسر الأمر أحد الفاعلين الجمعويين بمنطقة صفرو، والذي قابل الملك في صفرو في جو من البهجة والسرور كما ذكرت وكالة أنبائنا الرسمية. «الحدث الأبرز سيتحقق فعلا إذا ما ذهب الملك إلى منطقة أنفكو بعد زيارته لمريرت» يقول مصدر مطلع من مدينة خنيفرة حسب «مجموعة من الإشارات». أنفكو هي قرية نائية محاصرة وسط جبال الأطلس، توفي فيها ثلاثون طفلا السنة ما قبل الماضية جراء البرد القارس أو ربما نتيجة مرض غريب لازالت ماهيته غامضة إلى حد الآن. وحسب مصادر موثوقة، فإن السلطات المحلية تقوم حاليا بإعداد القرية الصغيرة لأي زيارة ملكية محتملة. ومن المنتظر بعد ذلك، أن يحط محمد السادس الرحال بمنطقة ميدلت ثم بمنطقة أخرى من مناطق «المغرب غير النافع» نواحي الراشيدية.