داكار مدينة إفريقية تحمل الكثير من علامات التميز والتفرد حتى بالنسبة إلى باقي المدن الإفريقية المجاورة. وجود داكار في أقصى غرب القارة وفي منطقة مندفعة نحو البحر، أعطاها الكثير من الخصائص الاجتماعية والسياحية والاقتصادية التي لا توجد عند غيرها من العواصم الإفريقية. إنها تشبه جزيرة في عرض المحيط الأطلسي، وحولها توجد الكثير من الشواطئ التي تغري السياح بإعادة الكرّة وزيارتها باستمرار. إن التواضع المادي الذي يعيشه أغلب سكان داكار لا يمنعهم من الافتخار الكبير بمدينتهم، وهو افتخار يصل درجة الإعجاب النرجسي. شواطئ داكار ليست وحدها التي تجلب السياح، إنها واحدة فقط من المعالم الطبيعية لهذه المدينة التي تعتبر الأجمل في غرب إفريقيا. أحياء داكار مزيج غريب من المعمار الإفريقي السنغالي والفرنسي الكولونيالي. وعلى الرغم من كل مساوئ الاستعمار الفرنسي، فإنه ترك على الأقل بعد خروجه من السنغال معمارا لا يزال إلى اليوم يحظى بإعجاب كبير. أكثر المناطق شهرة تلك التي توجد على مقربة من الميناء، حيث كان المعمرون الفرنسيون يعشقون بناء مساكنهم قرب البحر، ليس فقط عشقا في البحر، بل أيضا لأن ثقتهم في نظام الاستعمار لم تكن كبيرة، وكان الكثير من الفرنسيين يتوقعون أن يسقط الاحتلال الفرنسي في أي وقت، ويجب أن يكونوا قريبين من الموانئ، حتى يرحلوا بسرعة لو حاقت بهم أخطار. ربما بسبب الوجود الكبير للمعمرين الفرنسيين في هذه المنطقة القريبة من الميناء، فإن السنغاليين يطلقون على هذا المكان ساحة الاستقلال، وقرب هذه الساحة سيارات الأجرة الصفراء والسوداء، وقرب الساحة شوارع فسيحة تؤدي إلى عدة مناطق من المدينة. إن ساحة الاستقلال هي بمثابة البوصلة التي يتفرق منها الجميع نحو المناطق التي يريدون. من بين الأماكن التي تستحق الزيارة في السنغال هناك أيضا القصر الرئاسي، ومتحف الفن المعاصر، والكاتدرائية الإفريقية، وجامعة الشيخ عنتر ديوب، والجامع الكبير، وباب الألفية الثالثة. جزيرة غوري.. الألم والرهبة في كتب الإرشاد السياحي، توجد أيضا جرعة من النفاق التاريخي، حيث تشير إلى جزيرة غوري على أنها واحدة من أجمل المناطق التي تنبغي زيارتها، وسبب ذلك هو أنها كانت محطة مهمة في المبادلات التجارية بين إفريقيا وبين أوروبا وأمريكا. هذا كلام كله كذب، لأن «المبادلات التجارية» الوحيدة التي كانت تقوم بها هذه الجزيرة هي أنها كانت سجنا كبيرا للأفارقة الذين يلقي عليهم النخاسة الأمريكيون والأوروبيون القبض في انتظار شحنهم على ظهر سفن شراعية عملاقة، ونقلهم إلى القارتين الأوروبية والأمريكية، ليتحولوا فيها إلى عبيد يعملون أكثر من الحيوانات في الحقول والمنازل. من الصعب أن يزور الإنسان السنغال ولا يذهب إلى جزيرة غوري. في هذه الجزيرة يكتشف الزائر المعنى الحقيقي للإنسانية، والفظاعات التي قامت بها الحضارة الأوروبية تجاه الإنسان الإفريقي. لكن رغم أن بعض الدلائل السياحية الدولية تكذب وتصف هذه الجزيرة بأنها كانت محطة للمبادلات التجارية، فإن الأغلبية الساحقة من وكالات الأسفار أصبحت تنظم رحلات خاصة إلى هذه الجزيرة لكونها كانت بداية لمآسي ملايين الأفارقة الأحرار الذين تحولوا إلى عبيد لمجرد أن لونهم مختلف. في هذه الجزيرة لا توجد مبان تاريخية، بل سجون كبيرة كان يتم فيها تخزين آلاف العبيد، وعندما يتم نقلهم على متن سفن، فإن أفارقة آخرين يتم قنصهم من قراهم ومدنهم ويتم خزنهم فيها. وحول تلك السجون والغرف المظلمة توجد منازل وثكنات للخناسة من تجار العبيد الغربيين، الذين ارتكبوا في حق إفريقيا، ومعهم الغرب كله، أكبر جرائم العصر، وأكبر هولوكوست في التاريخ. في جزيرة غوري يحس الزائر برهبة اكتشاف مكان على درجة كبيرة من الأهمية التاريخية والإنسانية، وفيها أيضا يحس بكثير من الألم وهو يقف في المكان الذي شهد مآس يصعب وصفها. إن جزيرة غوري رمز لاستعباد الإنسان لأخيه الإنسان. البحيرة الوردية في داكار لا يتأخر السياح عن زيارة معلمة طبيعية على درجة كبيرة من الشهرة، إنها البحيرة الوردية، التي سميت بهذا الاسم لأنها بحيرة وردية بالفعل، والذين يقفون على ضفافها يكتشفون أنهم يقفون حول ماء وردي هادئ إلى درجة الموت. إنها بحيرة تشبه وردة كبيرة، بحيرة مالحة يستخرج منها السكان الكثير من الملح، ولهم فيها مآرب أخرى. وعلى بعد 80 كيلومترا من السنغال، يوجد منتجع نيانينغ، وهو منتجع يمتد على مساحات كبيرة وشاسعة، ويحتوي على كثير من المرافق السياحية التي تتوفر بدورها على كل ما يمكن أن يطمح إليه السائح من مسابح وملاعب رياضية ومسالك للغولف، إضافة إلى مرافق خاصة بالأطفال. من أكبر مزايا هذا المنتجع أنه يوجد على مرمى حجر من مياه المحيط الأطلسي، وعلى جهته الشرقية توجد غابات، إنه يجمع بين زرقة البحر وخضرة الغابة. في داكار لا يمكن للزائر أن يضيع فرصة زيارة محمية الطيور والحيوانات «بانديا»، والتي تصنف على أنها واحدة من أكبر وأجمل المحميات في إفريقيا، والتي تضم مئات من أنواع الطيور والحيوانات والأشجار والزهور النادرة. في هذه المحمية توجد حيوانات مثل الزرافات ووحيد القرن والوعل وحيوانات أخرى كثيرة، إضافة إلى مئات الأنواع من الطيور الجميلة والنادرة، والأشجار الضخمة التي يعود عمر بعضها إلى مئات السنين. هذه المحمية تتوفر أيضا على كثير من المطاعم وأماكن الاستجمام والراحة. هناك على سواحل داكار جزيرة أخرى اسمها «جول»، والتي تتميز بمساحتها الأكبر من باقي الجزر، وتوفرها على معالم تاريخية كثيرة، وبها سوق للصيادين والأصداف البحرية، كما توجد بها مراكز ترفيهية وفندق ومراكز للألعاب الرياضية. كما يمكن القيام بجولات ونزهات على ظهور الدراجات الهوائية. في داكار أسواق شعبية لا يستغني عنها السياح والسكان المحليون على السواء. هناك أسواق المنتوجات التقليدية، وهي مزيج مثير من المصنوعات التقليدية الإفريقية والمصنوعات التي تتشابه في الكثير من تفاصيلها مع تلك التي يمكن العثور عليها في أسواق عربية شعبية في مدن مثل الرباط أو تونس أو القاهرة. في الأسواق الشعبية لداكار يمارس الباعة كل مهاراتهم لجلب الزبائن، ومن غير المستغرب ملاحظة كيف أنهم أصبحوا يميزون بين جنسيات السياح من خلال لون البشرة والسحنة والملامح، وأيضا نوعية الملابس التي يرتديها كل سائح. زائر داكار يمكنه أن يتذوق أكل هذه البلاد. وباعتبار أن السنغال متأثرة ببعض تقاليد شمال إفريقيا، ومن بينها المغرب، في الأكل واللباس، فإن أكلاتها تحمل بهارات لا تختلف كثيرا عن البهارات الموجودة في الطعام المغربي أو الجزائري أو التونسي. داكار مدينة تعرف أيضا كيف تطبخ السمك، لأن وجودها على البحر جعلها تتفنن في إبداع أكلات متنوعة للسمك.