بدأت تحركات «غير طبيعية» تعم مدن وعمالات المملكة، أعمال «تزفيت» طرق ظلت لمدة سنوات بلا صيانة، إنارة أحياء كانت لشهور غارقة في الظلام. زيارات نادرة لوجوه التسيير الجماعي إلى الأحياء الشعبية.. إنها نار الحملة الانتخابية السابقة لأوانها اشتعلت وقد وصلت هذا الأسبوع إلى «بلاتو» برنامج حوار للصحافي مصطفى العلوي الذي استضاف عمدة مدينة فاس المثير للجدل، حميد شباط. هكذا فقد رأى قياديون في حزب العدالة والتنمية في استضافة حميد شباط عمدة فاس في برنامج حوار بالقناة الأولى، الثلاثاء المنصرم، للحديث عن تجربته في تدبير الشأن المحلي بالمدينة إشارة مبكرة من وزارة الداخلية إلى جود مخطط يرمي إلى منع حزبهم من تسيير بعض المدن الكبرى. وقال قيادي في العدالة والتنمية إنه ليس هناك شك في أن وزارة الداخلية دخلت في تواطؤ مباشر مع عمداء المدن الكبرى في المغرب، خاصة في فاس وسلا، من خلال تغاضيها عن بعض التجاوزات المرتبطة بتمرير الصفقات في هذه المدن. ويضيف مصدرنا في اتصال مع «المساء» أن بعض أجهزة الدولة غير مستعدة لتتحلى بقدر من النزاهة والشفافية في تسيير المدن الكبرى ولهذا قد تضطر إلى دعم أي شخص بغض النظر عن نزاهته، إذا كان يخدم استراتيجية التضييق على العدالة والتنمية، مذكرا في هذا السياق بأن وزارة الداخلية كانت ضد حميد شباط قبل انتخابات 2003، وكانت متحفظة على طريقته في تسيير شؤون المدينة، لكن سرعان ما سيزول هذا التحفظ بعد أن دخل شباط في مواجهة دامية مع قيادات العدالة والتنمية في المدينة. وبدوره، أعرب لحسن الداودي، نائب الأمين العام للعدالة والتنمية والبرلماني عن مدينة فاس، عن استغرابه لاستضافة شباط في برنامج تلفزي، وقال، في اتصال مع «المساء»، إن هذه الاستضافة تندرج في سياق الدعاية الانتخابية قبل الأوان، خاصة أن الضيف لم يتوان في توجيه الاتهامات للحزب ورموزه في المدينة على شاشة التلفزيون. واستبعد الداودي أن تكون هذه الاستضافة لشباط في برنامج تلفزي بريئة، لأنها لو كانت كذلك، «فلماذا بالضبط شباط وليس غيره، اللهم إلا إذا كانت الدولة دشنت عهدا جديدا بانفتاحها على رؤساء المقاطعات وعمداء المدن». وحول ما إذا كان حزب العدالة والتنمية يعد لتسيير المدن الكبرى بعد الانتخابات الجماعية المقبلة، قال الداودي إن تسيير المدن مرتبط بمدى توفر حزبه على الأطر والكفاءات اللازمة في هذه المدينة أو تلك، مؤكدا أن حزبه أعطى تجارب نموذجية في التسيير سواء في مدينة مكناس أو في مدينة القصر الكبير، رغم ما روِّج حول هذه التجارب من إشاعات. واعتبر أحمد الزايدي، رئيس الفريق النيابي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن استضافة شخص في برنامج تلفزيوني لا تعني أن الدولة تعد مخططا ضد حزب سياسي بعينه، وقال في تصريح ل«المساء» إن الأمر يتعلق هنا بأحكام جاهزة في قضايا لها خطورتها وتمس مستقبل الديمقراطية في البلد ومصداقيتها، مؤكدا أنه يرفض الدخول في جدل عقيم تكون فيه الذات الحزبية هي المهيمنة بدل الموضوع. واستبعد محمد ضريف، الباحث في العلوم السياسية، أن تكون وزارة الداخلية تعد مخططا لمنع العدالة والتنمية من تسيير المدن الكبرى، فقط لأنه تمت استضافة حميد شباط، الخصم رقم واحد للحزب بفاس، في برنامج تلفزيوني، وقال في تصريح ل«المساء» إنه يتحفظ على القول بذلك في هذه القضية لأن الداخلية لا يمكن أن تلمع صورة شخص معين بهذه السهولة، مشيرا إلى أن رموزا من العدالة والتنمية سبق أن استضافتهم وسائل إعلام رسمية في عدة مناسبات.