لا يفتأ نور الدين، مقدم «سبت الحيحة» و«في أي بي»، يردد «يعتقدون أنني ساذج، لكن الحقيقة أنني أتحدث بصراح، فليست لدي أية استراتيجية». فقد استغنت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة عن خدماته بطريقه وجده هو أنها «مهينة»، خاصة بعدما عممت هذه الشركة قرار الاستغناء عنه في بيان أرسلته إلى وكالة المغرب العربي للأنباء. في الحوار التالي نتعرف على وجهة نظر نور الدين كرم في ما حصل. - لماذا تمت إقالتك من إذاعة الرباط الدولية؟ < هذا سؤال أطرحه على المسؤولين الذي أصدروا هذا القرار المفاجئ، بدون مبررات، لدرجة أنني حسبت أنه كذبة أبريل. لقد صادفتني في الفترة الأخيرة بعض المشاكل أعتقد أنها السبب غير المباشر في القرار الذي توصلت به كتابيا. مثلا، قبل فترة كنت في فرنسا، اتصلت إحدى المستمعات، وطلبت التحدث إلي، أجابها الريجيسور وقال لها إنني غير موجود وطلب أن تترك رقم هاتفها، بعد ذلك أعاد هو الاتصال بها ليلا وكذب عليها وقال إنني أنا كلفته بأن يتصل بها، قالت له الفتاة إن لديها مشكلا وأقنعها هو بأن بإمكانها مقابلتي وحدد معها موعدا، والأسوأ من ذلك أنه طلب منها أن تحضر معها إحدى صديقاتها، فذهب للقائها وأخذ معه زميلا آخر. عندما قابلتهما الفتاة وفهمت اللعبة الحقيرة التي وقعت ضحيتها جاءت لمقابلتي بعد عودتي من فرنسا وكشفت أمامي كل شيء قائلة: «عندكم هنا ناس مامزيانينش»، فما كان مني إلا أن طلبت منها أن تقول ذلك على الهواء لكي تعرف أننا لسنا شركاء معه في فعلته، فعلاقتي مع المستمعات والمستمعين تنحصر في وقت البرنامج وليس من عادتي أن ألتقي المستمعات خارج وقت بث البرنامج. وعدتها أنني سأقوم بالبحث وأتأكد مما حصل، ولما أعطتني الرقم الذي اتصل بها منه تأكدت أنه رقمه بالفعل. وأحزنني أن تحدث مثل هذه التصرفات غير المسؤولة التي تضر بسمعة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية. كان ذلك هو السبب الذي جعلني أطلب من المستمعين أن يتصلوا بي على رقم هاتفي المحمول بدل رقم الهاتف الثابت الذي كانوا يتصلون به، ومن جهة أخرى، ذهبت إلى المنزهي، مسؤول المعدات الثابتة في الإذاعة، وطلبت منه الأستوديو رقم 10 لتفادي مشكل المكالمات، لكنه رفض وقال لي إنه استوديو احتياطي لا يمكن تشغيله إلا في حالة طارئة، فقلت له كيف بوسعي أن أستعمل استوديو من السابعة مساء إلى العاشرة ليلا دون أن يتدخل أحد في الخطوط الهاتفية للبرنامج، فقال لي بلهجة مستفزة أنه لن يعطيني الأستوديو وأن علي إذا أردت الأستوديو أن أذهب إلى فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام شخصيا، في تلك اللحظة لمست أنه يسخر مني ويحاول تعجيزي فهل يحتاج الحصول على ميكرو في استوديو إلى طلب مقابلة المدير الرئيس العام شخصيا؟ هذه بيروقراطية، فلدي رؤساء مباشرون من المفروض أن يحلوا مشاكلي، فقلت له إذا ذهبت إلى الرئيس المدير العام فسأذهب لأخبره بأنك أنت أرسلتني إليه وأخبره بما تفعلونه بي. وكان هذا سبب إعلاني انقطاعي عن العمل لمدة ثلاثة أيام نظرا لما لمسته من انعدام المهنية، وأخبرت مدير البرمجة مسبقا بانقطاعي ومساعدتي تشهد على ذلك، غير أني ما لبث أن عدت للعمل لأنني أحب الجمهور. وإذا كان هذا هو سبب طردي فأنا أستغرب، هناك من انقطع عن العمل داخل الإذاعة عدة أشهر ولم يطرد، فكيف بي أنا الذي لم أتقاض راتبي منذ ثلاثة أشهر؟ - كيف توصلت بقرار الاستغناء عنك؟ < توصلت به كتابيا وبطريقة تفتقد إلى أي نوع من أنواع اللباقة، بل إنها طريقة مهينة لكرامتي. جئت ذلك اليوم بشكل عادي فمنعني رجال الأمن من الدخول، وسلموني رسالة طردي. اتصلت بالمدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة محمد عياد، الذي وقع رسالة طردي، واتصلت بجلال عواطف، مدير الإنتاج بالإذاعة، فلم يجبني أحد. انتابني إحساس عميق بالظلم، خاصة أنهم بعثوا برسالة طردي إلى وكالة المغرب العربي للأنباء التي عممتها على جميع وسائل الإعلام بالمغرب، أول مرة أشعر بأنني بمثل هذه الأهمية، وأتساءل الآن، من أكون أنا حتى يجعلون من رسالة طردي شأنا لوكالة الأنباء الرسمية، وكأنني مجرم خطير، وإذا كنت فعلا كما ذكروا في بيانهم أتطرق إلى أمور تخدش الأخلاق والحياء... فلماذا صبروا علي مدة عامين؟ أم أن خلافي مع أديب مشرفي الذي دخل قبل يوم من طردي إلى الاستوديو الذي كنت أعمل به وشتمني وضربني وأنا على الهواء، ثم ادعى أنني ضربته هو السبب؟ يقول مشرفي إنني أنا السبب في مرضه، فكيف إذن استطاع أن يقدم برنامجا طوال ثلاث ساعات بعد شجاره معي؟ - كان يقال إنك مساند من الرئيس المدير العام شخصيا، وأن لك مكانة خاصة لديه، بدليل أن كل الانتقادات التي وجهت لبرنامجك من جهات محافظة لم تؤثر على مكانتك داخل الشركة في شيء.. < أولا أنا لا أعرف فيصل العرايشي بصفة شخصية، وليس بيني وبينه سوى الاحترام الواجب بين كل رئيس ومرؤوس. ثانيا، إذا كان فيصل لعرايشي يحترمني كما تقولون فذلك لأنه يستمع إلى برامجي مثله مثل جميع المغاربة، ويلمس بنفسه مدى الإقبال على مثل هذه البرامج التي نفتقر إليها في إذاعتنا. لقد قدم البرنامج خدمات اجتماعية ونفسية للمستمعين، حيث اتصل بنا ضحايا الاغتصاب ومرضى يعانون من قصور كلوي حاد وغيرهم كثير.. تصوروا أن الكثير من المستمعين الذين يعانون من حالات يائسة كانوا يتصلون ويقولون: «أعرف أنه ليس بوسعكم أن تفعلوا بي شيئا لكنني أريد فقط أن تصغوا إلي». من جهة أخرى، كانت إذاعة الرباط الدولية تكسب مداخيل إشهارية بأرقام خيالية بفضل برنامجي الاثنين، إلى درجة أن الإشهار في إذاعة الرباط الدولية يبث فقط ما بين السابعة مساء والعاشرة ليلا، وهي الفترة التي أكون فيها على الهواء مع المستمعين، ولن تصدقوا إذا قلت لكم أن من يحاربوني داخل الإذاعة قد بلغ بهم الحسد إلى أن جعلوا التقنيين لا يمررون الإشهارات خلال البرنامج، مما اضطرني إلى القيام بهذا العمل بنفسي. ولو كان أولئك الذين وقفوا وراء قرار طردي وتوقيف البرنامج يهتمون بمصلحة الإذاعة ونجاحها وبمصلحة المستمعين، لما أقدموا على اتخاذ هذا القرار. - كيف إذن كان التحاقك بالإذاعة المغربية ومنحت فرصة تقديم برنامجي «في أي بي» و«سبت الحيحة»؟ < عام 2003 جئت إلى المغرب للمشاركة في أحد أنشطة مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، كنت آنذاك أقدم برنامج «في أي بي» على «راديو سولاي» بفرنسا، كنت فرحا لأنني سأرى جلالة الملك لأول مرة، وبالفعل رأيته ولو عن بعد. أمي السيدة المغربية البسيطة لما أخبرتها بالأمر زغردت. حينها قابلت الدكتور زاهد الذي قال لي: نتمنى أن تكون لدينا إذاعة مغربية في فرنسا، فقلت له أتمنى أن أعمل في واحدة من الإذاعات الجديدة في المغرب. بعد ذلك، وعام 2006، تلقيت دعوة من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية وقابلت السيد فيصل لعرايشي، الذي رحب بي في إذاعة الرباط الدولية، حيث قدمت لمدة شهر ونصف أثناء الصيف برنامج «ماروكان» وكان برنامجا ناجحا. جئت إلى المغرب في رمضان 2006 ولما هممت بالرجوع إلى فرنسا، لم تسمح لي الشركة الوطنية بذلك، حينها بدأت بتقديم برنامجي «في أي بي» و«سبت الحيحة» في إذاعة الرباط الدولية. وحتى عندما قدمت البرنامج التلفزيوني «الأولى شو» وكان ناجحا، رفضت أن أتقاضى عنه أي أجر، لكن البرنامج لم يستمر ولا أعرف لماذا. كانت الأولى شو سابقة من نوعها لأنها كانت أول سهرة تفسح المجال لموسيقيين شباب من الموجة الموسيقية الصاعدة لكي يظهروا في تلفزيونهم الوطني أمام جمهور بلادهم. - إذا تلقيت عروضا من محطات إذاعية أخرى، هل ستقبل وكيف ترى مستقبلك اليوم؟ < مستقبلي، أنا أشعر كأنني أمام حائط، لا أرى أي شيء أمامي، أشعر بالظلم، أعرف أن برنامجي كان يزعج الكثيرين لكن ليس لأنه جريئ، ولكن لأنه ناجح ويحبه الناس. ما لا يعرفه الناس أنه بسبب البرنامج وحبي للجمهور المغربي تركت عملي الإذاعي في فرنسا وتركت زوجتي وحدث انقلاب في حياتي، عدت إلى المغرب لوحدي لكي أعمل في الإذاعة الوطنية، وأصبح استقراري العائلي مهددا لأن زوجتي التي لا تريد العودة إلى المغرب أصبحت تطلب مني الطلاق بعد ابتعادي عنها لمدة عامين. «حالتي ما فيها مايتشاف»، كنت أحتمل الغربة وأنا في فرنسا لكني لا أقدر على احتمال الغربة وأنا في وطني المغرب. توقيف البرنامج يعني أننا نقول للمغاربة «اسكتوا». لقد أعطتني الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الكثير من الأشياء، صنعت اسمي وأعطتني جمهورا لكن هناك دائما أعداء للنجاح. أما عن عروض العمل فأنا لا أدري بخصوصها شيئا، لأنني أغلق هاتفي النقال هذه الأيام أولا أجيب سوى عن الأرقام التي أعرفها.