من الأخطاء الفادحة التي ارتكبها فيلدرز في فيلمه بالإضافة إلى توظيفه لآيات قرآنية في غير سياقها، عرضه لمشاهد متتالية لعمليات قتل وذبح وانفجارات لا قدرة للمشاهد على معرفة مرتكبيها، علما أن مثل تلك الجرائم، وأبشع منها، تمارسها قوات الاحتلال يوميا بفلسطين والعراق وأفغانستان.. وبدا واضحا سعي فيلدرز لدفع المشاهد نحو الاقتناع بأن القرآن هو الذي يحرّض المسلمين على العنف والإرهاب. واستعرض الفيلم صورا لثيو فان غوخ، المخرج الهولاندي الذي اغتاله المغربي محمد بويري في نونبر 2004، بعد إخراجه لفيلم يدين ما يعتبره قمعا للنساء في الإسلام.. وأتبع صوره مباشرة بصورة شخص على أنه هو القاتل، لكنها لم تكن سوى صورة عداء هولاندي من أصل مغربي اسمه صلاح الدين. وقد كان هذا الأخير على وشك «جرجرة» فيلدرز أمام القضاء لولا أنه سارع إلى استبدال صورة صلاح الدين بأخرى لمحمد بويري، مبررا خطأه ذاك أمام وسائل الإعلام بأنه غير مقصود «لأن الشبه كبير بين هذين الشخصين». بعده مباشرة، برز فجأة كيرت فيستريارد، وهو الكاركاتوريست الدنماركي الذي أوقد فتنة في العالم بعد نشره ل12 رسما مسيئا للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، عام 2005. خرج من مخبإه ومنفاه الاضطراري الذي لجأ إليه خوفا من ملاقاة نفس مصير المخرج الهولاندي فان غوخ، ليهدد هو الآخر فيلدرز بمقاضاته بتهمة استخدام أحد رسوماته في «فتنة» دون استئذان. وليس هذا فقط، بل يتهمه بتوظيف الرسم خارج سياقه الأصلي، كما صرّح بذلك الرسام فستريارد للتلفزيون الدنماركي، مبديا عدم موافقته على توجه فيلدرز ومؤكدا على أن رسومه كانت فقط احتجاجا على الإرهاب وليس ضد الإسلام ككل. ولام الرسام الدنماركي المخرج الهولاندي استخدامه لذلك الرسم الكاريكاتوري، لأن من شأن ذلك أن يعرضه للخطر مجددا. وهكذا اضطر فيلدرز إلى حذف الرسم الذي افتتح به فيلمه، وتعويضه برسم آخر دون أن يؤثر على مضمون الفيلم ورسالته المناهضة للإسلام. واضطر أيضا إلى إضافة اسم مقدم البرامج الهولاندي روبي مونتر إلى جينيريك الفيلم، بعد أن احتج مونتر على توظيف صوته في سياق الفيلم دون الإشارة إلى اسمه.