إلى حدود يوم الجمعة الماضي كان بإمكان ملايين زوار الموقع العالمي لتحميل مقاطع الفيديو «دايلي موشن» مشاهدة النسخة الكاملة لفيلم «فتنة» المناهض للإسلام، لمخرجه النائب الهولندي اليميني المتطرف «غيرت فيلدرز». الفيلم مدته 15 دقيقة، وسبق لموقع «يوتوب» أن قام بحدف مئات النسخ التي بعث بها العديد من مستعملي الموقع، بعد الإنذارات التي وجهها العديد من زوار الموقع إلى المسؤولين عن الرقابة الأخلاقية بشركة «يوتوب»، حيث تم حذف كل النسخ. وحده موقع «دايلي موشن» لا زال يبث النسخة الكاملة للفيلم المترجمة إلى اللغة الفرنسية، والتي لا زالت تحمل الرسم الكاريكاتوري للنبي (ص) رغم قرار «غيرت فيلدرز»، مخرج الفيلم، نهاية الأسبوع الماضي، «سحب الرسم الكاريكاتوري» تفاديا لملاحقات هدده بها صاحب الرسم، الدنماركي «كارت فسترغارد». «المساء» تعيد كتابة السيناريو الكامل لهذا الفيلم مع حذف العديد من التعليقات والصور التي تمس مشاعر المسلمين. المشهد الأول الصورة الأولى: واجهة القرآن وبجوارها كلمة «فتنة»، يفتح المخرج الكتاب بيده اليمنى، ويظهر «الرسم الكاريكاتوري للرسول (ص)»، والذي أثار غضب مسلمي العالم في العام الماضي عندما نشرته الصحف الدانماركية، المشهد صادم، لأن المخرج أضاف إلى «الكاريكاتور الدانماركي» خيطا مشتعلا، حيث يجعل «الرسم الكاريكاتوري في شكل قنبلة ستنفجر بعد 15 دقيقة وهي المدة الزمنية للفيلم»، كما يوضح هو بنفسه، بعد ذلك ينتقل المشهد إلى صفحة من صفحات القرآن، ويسمع صوت أحد المقرئين يتلو قوله تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون»، بعد ذلك يعود صاحب الفيلم إلى صور أحداث 11 شتنبر ويربط بين الآية القرآنية وبين الأحداث الإرهابية، وليكون المشهد أكثر قوة يضيف الكاتب أصواتا لضحايا كانوا داخل برج التجارة العالمي يطلبون النجدة قبل أن يتحطم كل شيء، ويركز على مشاهد الهلع في وجوه الأمريكيين، ثم يمر لينقل صور قطارات مدريد، ويسمع صوت سيدة تدعى «مونتسي» تطلب النجدة قبل أن ينفجر القطار. المشهد الثاني يخصص «غيرت فيلدرز» هذا المشهد لنقل فتاوى العديد من الأئمة الوهابيين، والتي اختارها بعناية، حيث يظهر أحدهم يقول: «ما الذي يجعل الله تعالى راض عنا؟ الله جل جلاله يرضى عنا عندما نقتل المشركين»، ثم ينقل صوت إمام آخر يقول: «اللهم احصهم عددا، واقتلهم مددا ولا تبقي منهم أحدا»، ثم يقدم نصوصا أخرى لفتاوى متطرفة، ويقدم صورة لأحد الأئمة وهو يخرج سيفه ويدعو إلى قتل اليهود والكفار، ويعود من جديد ليربط بين الآيات القرآنية والخطب وصور ضحايا التفجيرات الإرهابية، ويبرز صور إسرائليين مصابين بجروح وصور ضحايا آخرين دون أن يشير إلى مصادر الصور، أو جنسيات الضحايا، أو البلدان التي وقعت فيها. المشهد الثالث يعتبر من أقوى مشاهد هذا الفيلم، حيث يختار «غيرت» لقطات مأخوذة من حوار تلفزيوني كانت أجرته إحدى القنوات العربية مع طفلة فلسطينية (عمرها 3 سنوات)، حيث كانت الطفلة تجيب عن أسئلة معدة البرنامج، وركز «غيرت» على وجه الطفلة الصغيرة حين سألتها المقدمة كالآتي: «هل أنت مسلمة؟» تجيب الطفلة «أجل»، تسألها المقدمة من جديد: «هل تعرفين اليهود؟» تجيب الطفلة: «نعم»، تستطرد المقدمة «هل تحبينهم؟»، تجيب الطفلة: «لا». تضيف المقدمة «لماذا لا تحبينهم؟»، تجيب الطفلة: «لأنهم قردة وخنازير»، تسألها المقدمة: «من قال لك ذلك؟»، وتجيب الطفلة «لقد جاء ذلك في القرآن»، وهذا ما اعتبره مئات المعلقين على الفيلم «محاولة من المخرج لجعل كل أطفال المسلمين مشاريع إرهابيين». المشهد الرابع يستمر «غيرت» في تقديم الآيات القرآنية التي تشرع الجهاد «دون تقديم أسباب النزول التي لا يعرفها المخرج»، كما علق أغلب من شاهدوا الفيلم من المسلمين على «دايلي موشن»، وسيصل استفزاز النائب الهولندي اليميني لمشاعر المسلمين أقصاه عندما سيقارن الديانة الإسلامية ب«النازية»، ويقدم تشبيها بين الحركات العسكرية ل«حزب الله» اللبناني، أثناء الاستعراضات العسكرية، وبين الحركات العسكرية لجيش «هيتلر»، ولا يتوقف «غيرت» عند هذا الحد، وسيستمر في تقديم المسلمين على أنهم «أعداء الحرية ومتخلفين وعنصريين»، من خلال تقديمه للعديد من التصريحات المنتقاة جيدا، والتي خضعت لعملية «المونتاج» القبلي وخرجت عن سياقها، كما يختار العديد من الشعارات التي يحملها المسلمون الأوربيون خلال تظاهراتهم الاحتجاجية، وأيضا المقالات المنشورة في الصحافة، والمنتقاة أيضا بعناية، لتصريحات العديد من الوهابيين «التي تحلل جهاد الكفار والمشركين»، وتنبئ بأن «الإسلام سيغزو العالم». المشهد الخامس في هذا المشهد يتنبأ غيرت بمستقبل هولندا، بعد «غزوة المسلمين»، ويبرز بالصور والتعاليق أن «المساجد والإسلام سيدخلان مستقبلا في النظام الحكومي الهولندي»، وأن «كل الهولنديات سيجبرن على ارتداء البرقع»، وأن «الشواذ والسحاقيات الهولنديين سيتم شنقهم جميعا»، و«الأطفال سيتحولون إلى قتلة صغار بلا براءة». المشهد الأخير إنه من المشاهد الأكثر استفزازا في الفيلم، حيث يقوم المخرج بتمزيق صفحة من صفحات القرآن، ويعلق المخرج ساخرا: «ما سمعتموه الآن ليس الصوت الذي تتوقعونه إنه صوت صفحة مفبركة من دليل الهاتف»، ويضيف «غيرت»: «ليس أنا من ينبغي عليه تمزيق آيات الحقد والكراهية القرآنية ولكن المسلمين أنفسهم»، وهنا يلخص المخرج كل ما جاء في الفيلم في نص يصعد على شكل جينيريك للفيلم حيث يقول «غيرت»: «المسلمون يريدون أن نجد لهم مكانا بيننا لكن دينهم ليس فيه مكان لنا»، ويضيف: «الإسلام يريد أن يدمر حضارتنا، يجب أن ننتصر على الإسلام»، وينتهي الفيلم بعبارة: «أوقفوا الأسلمة، ولندافع عن حريتنا»، وينفجر الرسم الكاريكاتوري في نهاية الفيلم. الفيلم تعرض لنقد شديد في أوربا وأمريكا ومن قبل الأمين العام للأمم المتحدة