لماذا المغرب بلد فقير؟ كيف يندحر هذا البلد الأمين في سلم التنمية؟ وهل يعقل أن يكون المغرب مصنفا في نفس رتبة موريتانيا واليمن بعد كل الدول العربية الأخرى؟ هل نستسيغ أن يكون مستوى التعليم في غزة (المنكوبة) أفضل من المستوى بالمغرب؟ هذه ليست استنتاجات شخصية وإنما خلاصات لتقارير دولية. وحتى لا نتهم بالركوب على «الحيط القصير» ونوجه السهام للحكومة التي لم تعمر بعد لأكثر من ستة أشهر، لابد من وضع الأصبع على الداء الحقيقي. وفي هذه الحالة فإن أفضل اللغات هي لغة الأرقام، فلا سطور فيها حتى يقرأ ما بينها. تصوروا أن المغرب ظل لسنوات عديدة يبيع فوسفاطه لزبونه الأول وهو الهند بحوالي 40 دولارا للطن الواحد، في وقت كان سعره الحقيقي في السوق العالمي حوالي المائة دولار للطن. كيف كان يتم ذلك؟ من كان يرسم السياسة التجارية للمكتب الشريف للفوسفاط؟ من كان وراء ضياع ملايير الدولارات على المغرب. والسؤال الأهم والمؤلم.. لفائدة من؟ هذا الواقع، هو مرة أخرى ليس من «نسج خيالنا الصحفي» كما يعتقد البعض. إنه مكتوب في تقرير افتحاص قام به واحد من أكبر مكاتب «الأوديت» بأمريكا. لم يعد الأمر كذلك، لأن رجلا مغربيا قحا جاءنا من البنك الدولي بعقلية براغماتية ويعرف متى يقول لا.. وحتى متى يضرب على الطاولة! لكن هل نقف اليوم ونضرب كفا بكف ونقول لقد كان الأمر يتعلق بخطأ في التدبير.. وكفى الله المؤمنين شر القتال! إن أخطر ما يعانيه المغرب هو سياسة اللا عقاب أمام نهب ثرواته، وهذه السياسة هي التي جعلت المغرب دولة فقيرة، رغم أنها غنية بمواردها الطبيعية وغنية بكفاءات رجالاتها ونسائها الأحرار! سياسة اللاعقاب هي التي مازالت سائدة وتحكم بعض العقليات التي مازالت تعتقد أن المغرب ضيعة كبيرة يحلو لهم أن يتصرفوا فيها كيفما يشاؤون. في ملف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نهبت أكثر من 15 مليار درهم. في ملف القرض العقاري والسياحي ضاعت على المغرب الملايير وتركت الحيتان الكبيرة تسبح بحرية فيما تم الاقتصار على سمك «السردين»! في ملف البنك الشعبي يعرف الجميع المتهم الرئيسي وهو ينعم اليوم بكامل الحرية ويمارس هوايته المفضلة وهي الكولف بكل سلام! نقتصر على هاته الملفات التي تهم مؤسسات عامة تمول من أموال دافعي الضرائب والتي نهبت فيها الملايير.. والنتيجة أنه لم يتابع ولا مسؤول واحد! هل هناك عجب أكثر من ذلك. بعد كل هذا، هل سنظل نتساءل لماذا المغرب دولة فقيرة؟ هل سنبقى نرضى بدوس كرامتنا بقبول فتات مساعدات الدول وأموالنا تستخدم لتنمية ثروات الغير؟ كم من الزمن بإمكاننا احتواء هذا الكم الهائل من الظلم والجور واللاعدالة التي تجثم على صدورنا؟ السؤال الكبير الذي يواجه كل المغاربة الأحرار والشرفاء، هو إلى متى سيبقى المغرب عرضة لهذه الهجمة الشرسة على ثروته دون عقاب أو محاسبة؟ أي رسالة يُبعث بها لرجال الفساد مع استمرار اللاعقاب؟ الله يجعل العاقبة بخير!