انتظرت جماعة العدل والإحسان مرور العاصفة التي صاحبت الإعلان عن تفكيك خلية بلعيرج، لترد بطريقتها على مضمون المذكرة التي أصدرها وزير الداخلية في حقها، عبر الإقدام صبيحة أمس الثلاثاء على إنزال ضخم لأعضائها على مستوى مدينة الدارالبيضاء، وتنظيم وقفة احتجاجية أمام مدخل محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، بالتزامن مع انطلاق محاكمة عضو مجلس إرشادها محمد بارشي إلى جانب أحد نشطاء الجماعة بتهمة عقد تجمع عمومي بدون تصريح. لم يترك المحتجون، الذين اصطفوا على شكل طابور طويل امتد من مدخل الشارع المؤدي إلى المحكمة، الفرصة تمر دون أن يسجلوا عددا من الأهداف في مرمى السلطات الأمنية، التي اكتفت بالتفرج عما يقع دون أن تحرك ساكنا، علما بأن بنموسى في مذكرته الأخيرة شدد على التعامل بصرامة مع أنشطة الجماعة وعدم التساهل مع أعضائها في أي نشاط يقومون به صغر أم كبر. وحمل المتظاهرون لافتات تندد بالمحاكمات التي يتعرض لها أعضاء الجماعة، كما رددوا شعارات تستنكر حملة الاعتقالات التي تطالهم، وصبوا جام غضبهم على القضاء مرددين: «زيرو القضاء المغربي زيرو الاقتصاد المغربي»، وطالبوا بوقف حملة الاعتقالات التي تتعرض لها المجالس الخاصة التي تعقدها الجماعة، والتي تقول أنها تخصص لقراءة القران والذكر... «ذكر الله والقرآن عند المخزن مجرّم». مختلف الشعارات لم تخل من حمولات سياسية ورسائل إلى من يهمه الأمر، والتي أجملتها الكلمة الختامية التي ألقاها مسؤول القطاع النقابي بالجماعة، مصطفى الريق، معلنا أن ما تقدم عليه السلطات الأمنية تجاه جماعته لن يؤدي إلى تفتيتها أو كبح جماحها، كما أنها لن تتنازل عن حقها في التنظيم والعمل السياسي. داخل ردهات المحكمة، كانت هيئة دفاع «المتهمين» تخوض بدورها معركة من نوع خاص، انصبت حول الرد على حجج النيابة العامة التي استأنفت الحكم الابتدائي الذي قضى ببراءتهما، بعد أن أسست ملتمسها بكون عناصر جريمة عقد تجمع عمومي بدون تصريح ثابتة في حقهما لتوفر شرط العمومية، واعتبرت أن الحكم الابتدائي قد جانب الصواب. من جانبه، أوضح عزيز أودوني، عضو هيئة دفاع المتهمين، أن ملتمس النيابة العامة لا أساس له في القانون لسببين: أولا، باعتبار أن شرط العمومية، كما ينص عليه الفصل الثالث من ظهير التجمعات، يشترط لتوفره أن يكون الاجتماع مفتوحا في وجه العموم، في حين أن الاجتماع موضوع المتابعة كان اجتماعا خاصا بأعضاء الجماعة وغير مسموح لغيرهم بولوجه، وأن هذا ما ركز عليه الحكم الابتدائي الذي قضى ببراءتهما. أما السبب الثاني -يضيف أودوني في تصريح ل«المساء»- فهو يرتكز على الفقرة الأخيرة من الفصل المذكور الذي تعفى فيه من التصريح المسبق اجتماعات الجمعيات المؤسسة قانونا التي يكون لها غرض ثقافي أو رياضي وكذا الاجتماعات ذات الطابع الخيري وأعمال المساعدة والإحسان. وأكد أودوني أن هذه المحاكمة تأتي في سياق صدور مذكرة وزير الداخلية، والتي حث فيها الولاة والعمال على عدم التساهل مع الجماعة. إلى ذلك، رفض محمد ضريف، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، ربط رد فعل الجماعة بتنظيم وقفة احتجاجية أمام المحكمة بهدوء عاصفة المتابعات، مبرزا في تصريح ل«المساء» أن الجماعة تحرص باستمرار على تسجيل مواقفها إزاء المحاكمات التي يتعرض لها نشطاؤها في إطار التضامن معهم. وأشار ضريف إلى أن الجماعة تحرص، من خلال هذه المواقف، على توجيه رسائل معينة بكونها جماعة شرعية، وأن المحاكمات والاعتقالات التي تتعرض لها هي بمثابة خرق للقانون، كما تدافع عن قانونية تأسيسها وأحقيتها في عقد تجمعاتها.