وجه مستشارون معارضون بالمجلس الجماعي بالقنيطرة، خلال الجلسة الرابعة لدورة فبراير، المنعقدة بقاعة الاجتماعات بقصر البلدية والتي دامت أزيد من ثماني ساعات دون توقف، انتقادات لاذعة إلى المكتب المسير والأغلبية المساندة له، لتصويتهما لفائدة منح تفويض تسيير قطاع الإنارة العمومية والإشارات الضوئية الثلاثية للوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء، واصفين هذا القرار بكونه أخطر جريمة يرتكبها هذا المجلس في حق المدينة. وتساءل أعضاء من المعارضة عن جدوى تفويت هذا القطاع إلى مؤسسة أثبتت جميع الاتفاقات التي أبرمتها الجماعة معها أنها فاشلة وغير ملتزمة بمسؤولياتها إزاء المواطنين. وبنبرة مليئة بالاستغراب والدهشة، قال المتحدثون أنفسهم «نحن مجمعون على أن الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء مفلسة من حيث التدبير والتسيير، والتقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات يصب في نفس الاتجاه، ومع ذلك نتحدث عن مسألة تفويت المزيد من القطاعات إليها». واقترحت ذات المصادر المبادرة إلى الإعلان عن طلب عروض، تمنح من خلاله الفرصة لشركات أخرى، أكثر عطاء ومردودية، بدل توريط المجلس في هذا التفويت، على حد قولها. وكالت المعارضة سيلا من الاتهامات للمكتب المسير لبلدية القنيطرة، واعتبرته متواطئا، لغرض في نفس يعقوب، في ما آل إليه قطاع الإنارة العمومية، المراد تفويته، من تردي وتدني خدماته إلى حد الشلل التام. وازدادت حدة النقاش حين اكتشف مستشارو المعارضة أن المشروع الذي وزع عليهم قصد دراسته، والمتعلق باتفاقية التدبير المفوض للإنارة العمومية، مغلوط ومناقض لما هو موجود لدى أعضاء من المكتب، حيث تبين خلال مناقشة مختلف فصوله أن هناك مشروعين نهائيين لاتفاقية واحدة، الصحيح منهما بيد الرئيس وبعض نوابه، فيما ظل باقي أعضاء المجلس يتداولون، ولساعات طويلة، في أمر تدارس وثيقة «مزورة»، حسب تعبير أحدهم. وهدد المعارضون بالانسحاب من قاعة الاجتماعات، رافضين الاستمرار في مناقشة ما أسموه بالباطل، وقال عزيز رباح، موجها خطابه إلى الرئيس: «نتوما كتفلاو علينا، دايرين التخلويض، اعطيتونا وثائق مزورة، لن نكمل النقاش، حتى تجيبو لينا الوثائق النهائية، خوذو نص ساعة، ورتبو وريقاتكم»، وهو ما أدى إلى احتقان شديد بين الأعضاء، اتخذت معه الجلسة منحى خطيرا، وساد جو من الغضب بين أوساط الحاضرين من المواطنين، الذين تعالت أصواتهم منددة بالخطأ المرتكب من طرف رئاسة المجلس، التي أعطت أوامرها بالبدء في التصويت على اتفاقية التفويت، في حين استغل المستشار سعيد حروزة، ونائب الأمين العام للحزب الليبرالي، على حين غفلة، الفوضى التي خيمت على القاعة لأخذ الكلمة في موضوع لم يكن مدرجا في جدول الأعمال، أمام استغراب الجميع، حيث اعتبر النقاش الدائر، مضيعة للوقت، ولا يهم المواطنين في شيء، مؤكدا أن المجلس عليه أن يعكف أولا، وبصفة استعجالية، على حل مشكل ساكنة «أولاد امبارك» التي هدمت براريكها، دون أن تتسلم رخص البناء، حيث تعيش في الخيام، متحملة قساوة المناخ. وظل الهرج والمرج سيد الموقف، إلى درجة أن أحد أعضاء الأغلبية، الملتحق متأخرا بالقاعة، أفزعه الجو المكهرب وأنساه دوره كمستشار، وجلس إلى جانب المواطنين، بعيدا عن المائدة المستديرة، ولم يفطن إلى هفوته إلا بعد أن نبهه محمد حمور، نائب الرئيس. وفي معرض تعليقه على الاتهامات الموجهة إلى المكتب المسير، عبر محمد حمور، النائب الأول للرئيس، عن رفضه المطلق لأي مزايدة في موضوع التفويت، مستبعدا، في نفس الوقت، وجود أي سوء نية وراء مقترح الأغلبية، وزاد موضحا: «لا يمكن أن نقبل بأن يتجرأ طرف على الآخر، وأن يزايد أحد على آخر، نحن بصدد نقطة حساسة، لها الأهمية الكبرى في حياة المواطنين، وليست هذه هي الدورة الأولى التي أدرجت فيها، وما يجب أن يعلمه الرأي العام المحلي هو أن قرار التفويت هذا مر بفترات عصيبة داخل أشغال اللجن، وأخذ من المكتب المسير ما يكفي من النقاش العميق، وطبيعي أن تكون هناك وجهات نظر مختلفة في مكتب يؤمن بالاختلاف». وبعث محمد حمور رسالة طمأنة إلى المتخوفين من قرار تفويت مرفق الإنارة العمومية، حين قال: «إننا لا نرى ضررا في أن نخوض هذه التجربة، يجب أن تكون هناك مصالحة، مدخلها الأساسي منح الوكالة تفويض تسيير هذا المرفق، ونحتفظ لأنفسنا بحق استرجاعه بعد ثلاث سنوات، في حالة الإخفاق في هذه التجربة».