غريبة هي العلاقة التي تربط أغلبية مستشاري بلدية الصويرة مع مدينة الرياح التي «استأمنهم» سكانها على مصالحهم ومستقبل مدينتهم، يتلقفونك تباعا منددين باختلالات التسيير ومعددين أوجه الأزمة ورداءة العمل الجماعي في نسخته الحالية، منتقدين التحالف الهجين الذي لا يربط بين مكوناته أي رابط والذي افرز مراكز قوى مغلقة داخل المكتب احتكرت القرار والتفويضات الأساسية واستفردت بالشأن الجماعي إلى أن تضخمت قيمة السلطة... في ذهن بعض رموزها وأصبح شعاره « أنا البلدية والبلدية أنا». لكن سرعان ما تتيبس ألسنتهم ويصبحون ايجابيين وواقعيين إلى أقصى الحدود! فيلحسون كلامهم ومواقفهم بدون حتى أن تتغير الأوضاع وملامح الاختلالات ولو في الحد الأدنى. عبد العالي خلاد بعد المقاطعة الاستثنائية التي عرفتها أشغال الجلسة الأولى لدورة فبراير المخصصة للحساب الإداري، والتي عاش على إثرها محمد الفراع لحظات حرجة وهو يفتتح ويعلق، مرغما، أشغال دورة فبراير التي كانت مبرمجة ليوم الخميس 25 فبراير 2010 بسبب انعدام النصاب القانوني أمام مقاعد المستشارين الفارغة عن آخرها. عاد أغلبية المستشارين المقاطعين إلى مقاعدهم بمناسبة الجلسة الثانية ليوم الجمعة 5 مارس 2010 للتصويت على نفس الحساب الإداري، ونفس مشروع برمجة فائض الميزانية التي أقام الدنيا ولم يقعدها أسبوعا فقط قبل ذلك. ما حدث يؤكد من جديد واقع رداءة العمل الجماعي ببلدية الصويرة بعد انتخابات يونيو 2009 التي كان تدبيرها ونتائجها كارثيين بامتياز. «لا يمكن أن تقول اللهم إن هذا منكر، وتعود أسبوعا بعد ذلك لتزكي نفس المنكر! أتساءل ماذا تغير ؟ والجواب طبعا : لا شيء، لقد تم تمرير نفس الحساب الإداري ونفس برمجة الفائض بفضل أصوات نفس المستشارين الذين كانوا يجاهرون بمعارضتهم قبل أسبوع..» صرح لنا مستشار جماعي بكثير من الأسف. حصيلة مصاريف الفترة الممتدة من يونيو إلى متم دجنبر 2009، الحساب الإداري للسنة المالية 2009، ومشروع برمجة فائض ميزانية 2009 كانت قد فجرت أغلبية الفراع، حيث وقف المستشارون (الغاضبون) على مجموعة من الخروقات والاختلالات تهم بالأساس التدبير المالي داخل البلدية. بداية بحصيلة مصاريف الستة أشهر الأولى، والتي كشفت عن وضع مالي من أبرز تجلياته الممون الواحد الوحيد المتفرد بجميع سندات الطلب التي أصدرها المجلس البلدي وهمت أنواعا متباينة من السلع والمواد التي لا يربط بين طبيعتها ومجال تداولها أي رابط، والتي تجاوزت قيمتها الإجمالية المليون درهم، وكأن مدينة الصويرة خلت من الممونين والتجار إلا الممون المحظوظ الذي استفاد دونا عن سواه من جميع سندات الطلب. « العلاقة بين المجلس البلدي وبين الممونين لا يجب أن تحكمها الزبونية والمفاضلة، واستفادة التجار وأصحاب الخدمات من سندات الطلب والصفقات يجب أن يؤطرها القانون ومبدأ تكافؤ الفرص فجميع التجار يدفعون الضرائب والرسوم على حد سواء . كما يجب الوقوف عند الخرق الذي ما فتئ يرتكبه رئيس المجلس البلدي من خلال إغداقه مبالغ الدعم المالي والمادي واللوجستي بسخاء على نادي كرة السلة دونا عن سواه، جامعا في الآن ذاته وبشكل غير قانوني بين صفتيه كعمدة وكرئيس للفريق، مما يجعله في تناقض تام مع مقتضيات الميثاق الجماعي » صرح لنا مستشار جماعي . وثيقة الحساب الإداري لسنة 2009 كانت القشة التي قصمت ظهر البعير،وفجرت مواقف الرفض القاطع لاستمرار هذه الوضع في صفوف مستشاري المجلس الجماعي للصويرة الذين تكتلوا في معارضة وحد بين مكوناتها الإجماع على إدانة المنطق الذي حكم صرف ملايين الدراهم في الفترة السابقة ، وبقرارات فردية لم يشركوا فيها لا من قريب ولا من بعيد. أول ملاحظة وقف عندها المستشارون المعارضون هو المبالغ المالية الكبيرة التي صرفت في اقتناء مواد وأدوات واليات وانجاز أشغال أصبحت تدخل في مجال اختصاص الشركتين المفوضتين تدبير خدمتي التطهير السائل وتوزيع الماء الصالح للشرب والإنارة العمومية وهما المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للكهرباء، وبالتالي لم يعد هنالك ما يبرر هذه المصاريف التي تجاوزت مليون درهم في بعض الخانات. فيما يذهب مستشارون آخرون ابعد من ذلك مطالبين بفتح تحقيق حول هذه المصاريف والشراءات، مبرراتها، والكيفية التي أصدرت بها سندات الطلب، وهل تسلمت المصالح البلدية المعنية المواد موضوع الشراءات؟ واضعين علامات استفهام كبرى على مبلغ المليون وأربع مائة وستون ألف وسبع مائة درهم التي صرفت في تجهيز شارع العقبة بالإنارة العمومية، ومائتين وأربعة وعشرون ألف وخمس مائة وستة وخمسون ألف درهم الخاصة بتجديد الإنارة العمومية بالمدينة العتيقة،ومليون ومائة وخمسة وعشرون ألف وأربع مائة وثلاثة وثلاثون درهما الخاصة بوضع الأعمدة والأسلاك،ومائة وخمسة وعشرون ألف درهم التي صرفت في إصلاح وتقوية شبكة الإنارة بمداخل المدينة، ومليون درهم التي صرفت في اقتناء عتاد الإنارة العمومية،ومائتي ألف درهم التي صرفت لأجل صيانة منشآت الإنارة العمومية .كما يثير المعارضون مبلغ 199920 درهم الذي صرف في شراء 17 دراجة نارية يجادل المستشارون الغاضبون في ثمنها الفعلي . إضافة إلى استهلاك الوقود الذي يطالب المستشارون الغاضبون بفتح تحقيق في كيفية استهلاكه وتوزيع قسيماته وتحديد هويات الأشخاص الذاتيين والمعنويين المستفيدين منه . " صرفت ملايين الدراهم بدون أن تحمل أية قيمة مضافة على مستوى التدبير الإداري للمصالح البلدية،والبنيات التحتية والخدمات الأساسية للمدينة. إذ يلاحظ الجميع استمرار المعاناة مع الإنارة العمومية في اغلب الأحياء والتجمعات السكنية، واستفحال مشاكل التطهير السائل،وتهالك البنيات التحتية الطرقية،وغياب أي تنظيم للسير والجولان،وفوضى التعمير،والتطاول على الملك الجماعي وممرات الراجلين والساحات. غير أن أكثر ما يثير استياء المستشارين المعارضين هو النفوذ اللامحدود الذي تتمتع به حلقة جد ضيقة من أعضاء المكتب والموظفين إلى درجة الاستفراد بالقرارات في مجال المالية والميزانية والتعمير والممتلكات، مما أدى إلى الإقصاء الكامل والمقصود للجان المعنية، بل وحتى لمجموعة من أعضاء المكتب ، وخير دليل على ذلك هو برمجة فائض ميزانية 2009 التي تمت داخل هذه الحلقة الضيقة فقط" صرح لنا مستشار معارض . في مقابل هذه المصاريف التي تمت حتى قبل يرتد لأغلبية الفراع طرفها، تم تحويل مبلغ 300 ألف درهم المخصصة لمشروع توسيع مركز سيدي مكدول لمرضى القصور الكلوي إلى فائض الميزانية، في استهتار تام بالوضعية الصحية والاجتماعية الحرجة التي يعيشها العشرات من مرضى القصور الكلوي يوميا جراء محدودية الطاقة الاستيعابية للمركز الذي أصبح في حاجة ماسة إلى تجديد بنياته وتجهيزاته والياته ضمانا لاستمرار هذه الخدمة الإنسانية التي كانت نتيجة تضافر مجهودات مجموعة من المحسنين والفاعلين الاجتماعيين بالمدينة، كما حضي المركز بدعم جميع المجالس المتعاقبة حتى في أسوأ مستويات التدبير، التي لم تصل بأي حال إلى درجة الإقدام على المغامرة بحياة أكثر من أربعين مريضا، وحرمانهم حتى من المنحة السنوية للمجلس البلدي، كما أكد ذلك بعض مسؤولي الجمعية. وثيقة الحساب الإداري أتت لتؤكد من جديد واقع الهدر المستمر لأموال دافعي الضرائب عبر أداء تعويضات كبيرة لفائدة الخواص المتضررين من سنوات التسيير الكارثي لبلدية الصويرة، حيث وصل الرقم إلى مليونين وأربعة وثمانون ألف ومائة وثلاثة وعشرون درهما. إلى أن أصبحت هذه الوضعية موضع تنكيث لدى الكثيرين. غير أن فداحة الخسائر المالية التي تتكبدها البلدية سنويا بفعل هذه التعويضات تحتم إعمال آلية المحاسبة القانونية في حق المنتخبين والرؤساء الذين اتحدوا في مراكمة الأخطاء والقرارات الكارثية والتي أدت بالمتضررين إلى اللجوء إلى القضاء الذي أنصفهم لتصحيح آثار الأخطاء التي ارتكبت عن جهل واستهتار . " لقد تحولت تعويضات الخواص عن الأضرار الذي تلحقهم جراء قرارات المجالس الجماعية مصدر اغتناء وريع بالنسبة للعديد من المقاولين والممونين والخواص، وآخر نموذج هو المقاول الذي أنصفته المحكمة أمام بلدية الصويرة قبل سنتين وحكمت لصالحه بأكثر من أربعة ملايين درهم نتيجة عدم وفاء المجلس البلدي الأسبق بالتزاماته المالية اتجاهه. والثمن يدفعه المواطنون ودافعو الضرائب ومصالح المدينة في آخر المطاف،فقط لان رئيسا أو نائبه خرق القانون بجرة قلم، وانتهت ولايته بدون أن يحاسب قانونيا ولا حتى أخلاقيا على زلاته تاركا إرثا من الأخطاء يتحمل المواطنون تبعاتها المالية الجسيمة" صرح لنا احد المواطنين بمرارة. الخطير في أمر المجلس الحالي هو تدشينه ولايته بمجموعة من القرارات التي تلحس ذاكرة بلدية الصويرة، مما سيوقع بالضرورة أضرارا على مجموعة من الأشخاص الذاتيين الذين يعتبرون أنفسهم من ذوي الحقوق ، وخير نموذج على ذلك هو الأرض التي تم تفويتها في إطار العملية العجيبة التي قومت ثمن المتر الواحد بست مائة درهم،والتي سبق للمجلس الجماعي الأسبق أن فوتها بمقتضى مقرر دورة لفائدة احد الأطباء لغرض إحداث مصحة خاصة بالمدينة. والخطير في الأمر هو أن المسؤولين عن التفويتات الحالية لا يعترفون بهذا الملف، مع العلم أن مقرر التفويت الأول يحتاج إلى مقرر إلغاء في دورة كذلك . وهو ما سيدفع بالطبيب المتضرر إلى اللجوء إلى القضاء قصد ضمان احترام حقوقه. نموذج آخر لسكن بلدي تم تغيير وصل استغلاله لفائدة احد الموظفين الجماعيين بدون أن يكون المكتري السابق قد تنازل عن حق استغلاله للسكن، فيما تتوارد أخبار عن نية هذا الأخير اللجوء إلى القضاء قصد ضمان حقوقه خصوصا وانه لم يكن يستغل السكن لصفته الوظيفية بل الشخصية. وقد سقنا هاتين الحالتين على سبيل المثال لا الحصر... شق آخر شغل حيزا مهما من تحليلات المعارضة والمواطنين، ألا وهو برمجة فائض ميزانية السنة المالية 2009، بداية الطريقة التي تمت بها صياغة مشروع هذه البرمجة، ثم طابع العمومية والضبابية الذي يميز برمجة أكثر من عشرة ملايين درهم. " هنالك أكثر من مليون وسبع مائة ألف درهم لصيانة البنايات، فعن أية بنايات نتحدث؟ وكيف ومتى تم تقويم هذه الإصلاحات؟ مليون وأربع مائة وأربعون ألف درهم لاقتناء عتاد التزيين والحفلات في مدينة غارقة في الواد الحار والحفر والظلام وآخر همها هو الاحتفال،مليونين وخمس مائة وسبعون ألف درهم لاقتناء سيارات وشاحنات واليات ودراجات نارية مع العلم أن البلدية قد فوضت مختلف الخدمات، مليون درهم لانجاز الدراسات والمساعدات التقنية للتأهيل الحضري للمدينة،وثلاثة ملايين وألفين ومائتين وستة دراهم لانجاز مشروع متكامل للتأهيل الحضري للمدينة، فما هو هذا المشروع، وما هي أوجه تكامله، ومتى وضع تصوره، وعلى أي أساس تم تقييم هذه التكلفة المالية؟ لا يمكن أن نسمح ببرمجة عشرة ملايين درهم في خانات مغرقة في العمومية إلى درجة الغموض، ولا يمكن أن نسمح بإهدار ملايين الدراهم في مصاريف لا أولوية لها في الوقت الحاضر". صرح لنا احد المستشارين الغاضبين معلقا على مشروع برمجة فائض ميزانية 2009. سكتت أغلبية المستشارين الغاضبين عن مطلبها الأساسي المتمثل في عقد دورة استثنائية خاصة بإقالة النائب الخامس. مع عدم استبعاد اللجوء إلى إجراءات أخرى قصد استجلاء كل الحقيقة حول نقط الاستفهام المعلقة سواء من طرف وزارة الداخلية أو المجلس الجهوي للحسابات. وتحديد مسؤولية مجموعة من الموظفين في الوضعية الحالية وما شاب الفترة السابقة من خروقات. وخرج المجلس الجماعي من دورة فبراير 2010 بفتوى جديدة مفادها ضرورة إجراء تعديل على تشكيلة المكتب واللجان أرجعها مجموعة من الملاحظين لهزة 25 فبراير التي كشفت عن هشاشة الأغلبية الحالية. ولقد حاولنا أكثر ما مرة ربط الاتصال هاتفيا برئيس المجلس البلدي للصويرة قصد استجلاء جوانب من الحقيقة في مجموعة من القضايا، ومعرفة رأيه في الموضوع، إلا أن هاتفه كان مقفلا وبقيت اتصالاتنا بدون رد.