يعد منير القادري البودشيشي، حفيد شيخ الطريقة البودشيشية، الأكثر حظوة، من بين جميع أفراد عائلة الشيخ حمزة، بين مريدي وفقراء الطريقة، فهو حاضر باستمرار في جميع الاحتفالات التي تقام بالزاوية بحيث يظهر في الصورة الأمامية، ويشرف على تنظيم جميع الملتقيات تقريبا أولا بأول. إنه «الماركة» التي تريد الزاوية تسويقها بين مريديها ولدى مختلف الأوساط في الداخل والخارج، حليق الوجه ولا يحمل لحية ولا شاربا، يلبس هنداما عصريا ويتحدث ثلاث لغات أجنبية. يدعوه الجميع «سيدي منير»، ويتسابقون للسلام عليه وتقبيله والتبرك به. يرون أنه يحمل بركة جده، ويعتقد الكثيرون أنه الخليفة من بعده، رغم أن المقربين من الشيخ يقولون إن هذا الأخير أوصى بالخلافة بعده لابنه جمال، والد منير نفسه. ولد منير القادري البودشيشي بقرية مداغ عام 1966، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدينة بركان، والجامعي في وجدة، ثم تابع دراسته في الرباط بدار الحديث الحسنية حيث حصل على الدكتوراه في العلوم الإسلامية. بعد ذلك، سافر إلى فرنسا حيث يقيم حاليا بشكل شبه دائم، وحصل من جامعة السوربون على الدكتوراه في علوم التصوف، وديبلوم في التواصل. تشرب التعاليم الصوفية وتعاليم الطريقة البودشيشية من جده في طفولته بمداغ، مثله مثل أي فرد من عائلة شيخ الطريقة. وبالرغم من حرصه القوي على الظهور بمظهر الرجل العصري المنفتح ومقامه بفرنسا، فإنه لا يتردد في مشاركة فقراء الطريقة في الجذبة الصوفية خلال حفلات السماع. وبالنسبة إليه ليس هناك أي تناقض، لأن الحداثة لديه هي حداثة العقل ومنهجية التفكير، بينما الجذبة الصوفية قضية تتعلق بالوجدان والروح. لدى منير القادري البودشيشي مؤلفات باللغة العربية والفرنسية، منها كتابه الصادر بالفرنسية بعنوان «فضائل الحوار»، كما حقق كتابا تراثيا لابن جزي «تصفية القلوب». وهو يتمتع بحظوة خاصة لدى مريدي الطريقة من الأجانب، لأنه يعتبر بمثابة «ترجمان» الشيخ حمزة الذي لا يتحدث لغة أخرى غير العربية. فمريدو الطريقة من الأجانب يكتفون من شيخ الزاوية البودشيشية بالنظر فقط، بينما يتكفل حفيده بنقل إشاراته إلى الأجانب عبر الكلمات. هكذا تنتقل تعاليم الشيخ حمزة عبر وسيطه.