وصف أحد مريدي الطريقة القادرية البودشيشية حضر جنازة زوجة الشيخ حمزة، قطب الطريقة، أول أمس السبت بأنها كانت «حفل فرح» أكثر من كونها جنازة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وقال إن الشيخ حمزة استقبل نبأ الوفاة كما يستقبل أي حدث عادي في حياته، رغم أن «القلب ليحزن والعين لتدمع» لفراق للاطاووسة التي رافقت الشيخ أزيد من ستين عاما في السراء والضراء، وعاشت معه التحولات الكبرى التي شهدتها الزاوية. وعبر المتحدث عن تلك الحالة بالقول: «لقد عاشت مع مولاها وانتقلت إلى مولاها»، مضيفا أن الشيخ يفهم الموت على أنها انتقال فقط من مرحلة إلى أخرى وليس نهاية. بعض المريدين وصف هذا العام في تاريخ شيخ الزاوية ب«عام الحزن»، نظرا لأن الشيخ حمزة فقد قبل ثلاثة أشهر تقريبا شقيقته زينب أيضا. وقد شهدت قرية النعيمة، على بعد بضعة كيلومترات من مقر الزاوية القادرية البودشيشية بمداغ، حضورا رسميا وازنا أول أمس، بمناسبة وفاة شريكة حياة الشيخ حمزة، التي توفيت صبيحة الخميس الماضي بمستشفى الشيخ زايد بالرباط. وأفاد مصدر مطلع من داخل الزاوية بأن الملك محمد السادس هو الذي تكفل شخصيا بمصاريف العلاج والجنازة، ووجه رسالة تعزية إلى شيخ الطريقة تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق في حفل تأبيني احتضنته قرية النعيمة، حيث يقيم الشيخ حمزة وبعض أفراد عائلته. كما حضر الحفل التأبيني كل من الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أحمد عبادي والحاجب الملكي إبراهيم فرج ووالي ولاية الجهة الشرقية وعامل إقليمبركان حميدة القادري البودشيشي، نجل شيخ الزاوية، وعامل عمالة وجدة-أنجاد وعدد من المسؤولين المدنيين والعسكريين. وتضمنت الرسالة إشارة إلى الدور الذي تقوم به الزاوية القادرية في المغرب وجهودها لنشر الإسلام المعتدل. وقال لحسن السباعي الإدريسي، أحد مسؤولي الطريقة بالرباط، في تصريحات ل«المساء»، إن الرسالة الملكية هي تعبير رمزي عن الدور الهام الذي تلعبه الطريقة في نشر قيم التسامح والاعتدال والمحبة، وإن توجيه رسالة ملكية إلى الشيخ حمزة تدخل في تقاليد الملكية المغربية في تكريم الشخصيات التي تتمتع بوزن داخل البلاد. ونظرا للوضعية الصحية للشيخ حمزة، الذي يقارب عمره التسعين سنة، لم ينتقل إلى مقر الزاوية بمداغ، على بعد كيلومترات قليلة من بركان، لحضور مراسيم دفن زوجته التي رافقته أزيد من ستين سنة، وفضل البقاء في قرية النعيمة. وجرت مراسيم الجنازة بحضور المئات من المريدين و«فقراء» الطريقة الذين جاؤوا من جميع الأقاليم لدى وصول النبأ إليهم، ومنهم من جاء من الخارج. ووري جثمان زوجة الشيخ الثرى في المقبرة البودشيشية الملاصقة للزاوية، حيث يرقد شيوخ الطريقة، كالشيخ المختار والشيخ بومدين والشيخ العباس، وبعض أفراد عائلاتهم. ويبدو أن المقبرة لم تتأثر بحملة بوحمارة عليها في القرن التاسع عشر، إذ يقول مريدون للطريقة إن بوحمارة، الذي كان يتحرك في تاوريرت ناحية وجدة، استهدف الزوايا بالمنطقة لكونها رفضت دعوته بالثورة على سلطان المغرب، حيث حاصر زاوية تالمست بسبب تحريض شيخها لأتباعه ضده.