أطلق حزب العدالة والتنمية حواره الوطني بندوة مركزية استمرت أشغالها طيلة يوم الأحد المنصرم بالرباط، قدمت خلالها عروض حول إعادة النظر في تدقيق المشروع السياسي للحزب ومرجعيته الفكرية وديمقراطيته الداخلية. وبينما ترجح بعض المصادر أن حزب العدالة والتنمية يتجه من خلال إطلاق هذا الحوار الوطني الداخلي إلى نهج معارضة أكثر جذرية قد تصل إلى معارضة الحكم بدل معارضة الحكومة، خاصة بعد هجوم الحزب على حركة فؤاد عالي الهمة، صديق الملك، وتصريحات منسوبة إلى قادته في قضية بلعيرج يتخوفون فيها من عودة الدولة إلى التضييق عليهم، نفى محمد يتيم أن يكون الأمر كذلك، وقال في هذا السياق: «إذا كان المقصود بالحكم هو الملكية، فموقف حزبنا واضح في هذه القضية وليس هناك في الحزب من وصل إلى هذا السقف من المعارضة، وهناك إجماع على الثوابت السياسية للبلاد»، قبل أن يضيف: «أما إذا كان الحكم يعني انتقاد السياسة المتبعة في التدبير والحكامة والإصلاح السياسي ومراجعة الدستور مع مراعاة الخصوصية المغربية، فهذه كلها قضايا موثقة في أوراقنا الداخلية». وقال يتيم إن هذا الحوار الوطني داخل حزبه له وظيفة سياسية تروم تكريس التفكير والاجتهاد والتدبير الجماعي للقضايا المطروحة على الحزب والانفتاح على كل الأفكار الموجودة داخله أو المخالفة إن وجدت، مؤكدا، في الوقت نفسه، أن «هدف هذه الندوة المركزية في هذا الحوار الوطني هو هيكلة وفرز جميع الأسئلة التي ينبغي أن تحال على مؤتمر الحزب المرتقب في يونيو القادم». ولم يفت يتيم أن يذكر بأن هذا الحوار الوطني هو قرار من المجلس الوطني للحزب الذي انعقد مؤخرا في بوزنيقة بعد الانعكاسات التي خلفتها انتخابات ال7 من شتنبر الجاري، ليس فقط على حزبه وإنما على جميع مكونات المشهد السياسي. وعلمت «المساء» من مصدر مطلع بأن بعض المتدخلين في ندوة العدالة والتنمية حذروا من الغموض الذي يكتنف المشروع السياسي للحزب، ذلك أنه انشغل أكثر بالتدبير اليومي للأحداث في غياب أية رؤية استراتيجية للإصلاح، فيما تحدث البعض عن ضرورة إعادة النظر في العلاقة بين الدين والسياسة، بل إن هناك من دعا إلى القطع مع بعض المفاهيم المتداولة داخل الحزب، ومنها مفهوم الدولة الإسلامية. وكان لافتا للانتباه غياب العديد من أعضاء الحزب عن هذه الندوة خاصة الذين يملكون وجهات نظر منتقدة للتوجه الرسمي للحزب في عدة قضايا، وهكذا لوحظ غياب كل من مصطفى الرميد ونجيب بوليف وبسيمة الحقاوي وعبد السلام بلاجي ولحبيب الشوباني والمقرئ الإدريسي أبو زيد ولحسن الداودي والمشتالي، وهو ما اعتبره البعض مؤشرا على أن هذا الحوار الوطني انطلق انطلاقة متعثرة بعد أن غابت عن هذه الندوة نخبة الحزب وكل الذين يمكن أن يساهموا في خلق نقاش صحي حول وضعه الداخلي. مؤشرات ما يعتبره الإسلاميون بداية حرب ضدهم * تأسيس الهمة لحركة كل الديمقراطيين واعتزامه مواجهة الإسلاميين في الميدان، كما أعلنت الحركة عن ذلك في وثائقها. * اعتماد نظام انتخابي يقلص من نفوذ الإسلاميين في الشارع، وهو نظام جعلهم يحتلون المرتبة الثانية من حيث المقاعد رغم توفرهم على المرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات. * اعتبرت بعض الأصوات في العدالة والتنمية أن تضخيم ملف خلية بلعيرج وحل حزب البديل الحضاري رسالة تهديد غير مباشرة إلى العدالة والتنمية. * يعتبر البعض في حزب العثماني أن عدم إشراكه في حكومة الفاسي وإقصاءه منذ البداية من المشاورات مؤشر على حرب قادمة ضده.