توقفت أشغال إصلاح حديقة جنان السبيل بالمدينة القديمة بشكل مؤقت إلى حين الحسم في نتائج التحليلات التي ستجرى على رفات العظام البشرية التي توالى اكتشافها في جزء من الحديقة شمله مشروع الإصلاح. وتتكتم السلطات المحلية حول الموضوع، لكن جل الفعاليات الجمعوية والسياسية ترجح احتمال أن تكون الرفات لمتوفين إثر الأحداث الدامية التي شهدتها المدينة بتاريخ 14 دجنبر 1990. وتذهب المصادر إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة سبق لها أن وقفت بمقبرتين محاذيتين للحديقة، التي تعرف كذلك بحديقة المسيرة الخضراء، على 116 قبرا تجهل هويات المدفونين فيها. وعمدت هذه الهيئة إلى كتابة جملة «وفاة إثر أحداث 14 دجنبر الأليمة» على قبورهم دون ذكر أسمائهم. ويتعلق الأمر بمقبرة باب الكيزة ومقبرة العربي العلوي قرب باب الماكينة، والموجودة قبالة الحديقة. وتضيف المصادر أن السلطات كانت تقوم، آنذاك، بنقل الجرحى والمصابين إلى مستشفى ابن الخطيب، وهو مستشفى يوجد بالقرب من هذه الفضاءات. ورجحت المصادر فرضية لجوء السلطات إلى دفن المتوفين منهم في هذه الأمكنة. وفي السياق ذاته، أكدت المصادر ذاتها أن عدد المتوفين في هذه الأحداث يفوق بكثير رقم 116 هالكا الذي تحيل عليه القبور ال116 التي عثرت عليها هيئة الإنصاف والمصالحة. وأفادت المصادر ذاتها بأنه يحتمل وجود مقبرة أخرى لهؤلاء المتوفين خلال أحداث دجنبر بالغابة المجاورة لمستشفى الغساني، وهو أكبر مستشفى على الصعيد الجهوي. ويوجد هذا المستشفى وسط حي ظهر المهراز الصفيحي وبالقرب من الثكنات العسكرية التي خرجت منها قوات الجيش لإخماد الانتفاضة التي اندلعت في إطار الإضراب العام للنقابات المركزية وغذيت بالأوضاع الاجتماعية المتدهورة لأحياء هامش فاس. وكانت حديقة جنان السبيل، التابعة لجماعة المشور في السابق قبل أن تتبع في الآونة الأخيرة للمجلس الجماعي، قد تعرضت للإهمال وتحولت بذلك إلى ملاذ للمشردين والمتسكعين. ولإخراجها من هذا الوضع، قررت مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة بتعاون مع المجلس الجماعي ترميمها، لكن مؤشرات اكتشاف «مقبرة جماعية» أوقفت الأشغال بها في انتظار كشف كل المعطيات حول الموضوع، ومن ثمة النظر في إمكانية استئناف الأشغال.