مر ما يقارب الشهر على العثور على رفات بشرية في حديقة جنان السبيل بفاس دون أن تكشف السلطات عن حقيقة هذا «الاكتشاف»، الذي جعلها تعلن حالة استنفار وتوقف أشغال الحفر الجارية لإصلاح الحديقة في انتظار نتائج التحليلات التي ستجرى على هذه الرفات في المختبر العلمي التابع للشرطة العلمية بالدار البيضاء. ورغم مرور كل هذه المدة، فإن السلطات لم تباشر بعد عملية التواصل مع وسائل الإعلام ولا مع الجمعيات الحقوقية التي وضع بعضها طلبا لدى المحكمة بالمدينة لإشراكها في التحريات التي تباشرها السلطات بمختلف أجهزتها ومؤسساتها. وكانت هذه الفعاليات الجمعوية قد ربطت بين هذه الرفات وبين احتمال كونها تعود إلى «شهداء» انتفاضة 14 دجنبر 1990 والتي شهدتها المدينة على خلفية الإضراب العام الذي دعت إليه المركزيات النقابية وتحول إلى أحداث ومواجهات دموية بين الجيش والمواطنين بسبب تدهور الأوضاع الاجتماعية بهوامش هذه المدينة وأحيائها الصفيحية. وسارت «إشاعات» مؤخرا في نوادي المدينة ومقاهيها تقول إحداها إن الرفات تعود إلى جثث كلاب مدفونة في هذه الحديقة، دون أن تقدم هذه «الإشاعة» أي توضيحات إضافية حول «مقبرة الكلاب» وتاريخها وتفاصيل محيطة بدفن الكلاب بهذه الحديقة التي تجاور مقابر أخرى ومستشفى كبيرا، ومدينة عتيقة آهلة بفئات اجتماعية شعبية. فيما تشير «إشاعة» أخرى إلى أن الحديقة كانت منذ ما يقارب مائة سنة عبارة عن مقبرة، وذلك قبل أن تتحول إلى حديقة تدعى في الأوساط الشعبية بحديقة جنان السبيل وفي الأوراق الإدارية بحديقة المسيرة الخضراء. وبقيت كل هذه الروايات بدون سند توثيقي مؤكد أو تصريح رسمي مسؤول. وغطت الأحداث المرتبطة باحتفالات فاس بمضي 12 قرنا على تأسيسها على هذه المقبرة. أما أشغال الحفر فقد توقفت وأبعد العاملون في هذا الورش عن الفضاء. وتشكو الحديقة، المجاورة للقصر الملكي بفاس، من الإهمال وتحولت، نتيجة هذا الوضع، إلى مرتع للمنحرفين وبقيت بعض الفضاءات فيها مجالا لهؤلاء لا يستطيع حتى العاملون فيها الاقتراب منه. ويظهر أن هذا الوضع هو الذي دفع مؤسسة محمد السادس إلى حماية البيئة لإعداد مشروع لإحيائها وبعثها من جديد. لكن المشروع ووجه برفات بشرية لم تحدد هويات أصحابها بعد.