احتفل العالم في 8 مارس باليوم العالمي للمرأة وستستمر اللقاءات والعروض والمعارض والندوات والكتابات والبرامج المرتبطة بهذه المناسبة لأيام لاحقة، وعلى الرغم من الطابع الطقوسي الذي يأخذه أي احتفال عادة فإن هذا اليوم قد يكون مقيدا لطرح تساؤلات إضافية أو لتجديد طرح ما يطرح دوما خاصة بالنسبة لواقعنا، أما خارج هذا فلا شيء من كل بنية الاحتفال بإمكانه أن يغير من فواجع واقع الهزيمة في ما يخص المرأة فقط بل في ما يخص قضايا عديدة تخصص لها شعوب الدنيا أياما عالمية كالبيئة وحقوق الإنسان والطفل والكتاب والصحة والمسرح الذي تم تكريمه بيوم وطني لأنه «مانا يضش» ككل قضايا واقعنا. الجانب الذي أرغب في اعتماده مدخلا لصياغة بعض التساؤلات هو وظيفة الإبداع تجاه تاريخ انسحاق المرأة ومحوها استجابة لنزعة ذكورية أرادت أن تكرس نفسها سلطة مطلقة لا يهمها نهائيا الالتفات مجددا إلى التعاقدات التي يفترض أن يتأسس عليها التعايش في القارة الإنسانية، واختيار الإبداع لبناء التساؤلات الخاصة لكون هذا المجال قد راكم أعمالا عديدة في أجناس السرد والشعر والتمثيل والسينما والإبداع الشعبي تبني مفاهيمها حول المرأة وقضاياها ساهمت بها النساء وساهم بها الرجال أيضا، وعلى الرغم من الجهد الذي بذلته الكثير من الأسماء للبحث عن جماليات ولغة وبلاغات وأنماط تعبيرية مميزة لأسلوب الكتابة النسائية وتسمح ببصم الإبداع النسائي فإن الإبداع سيبقى على هويته كحقل غير قابل للتذكير أو التأنيث في ما يخص الطرائق والأشكال وصيغ التعبير، إلا أنه قد يعبر عن الذهنية الذكورية والنزعات النسائية سواء كان مصدره الرجال أو النساء، إلا أن ما يهم في الإبداع خاصة المرتبط بالمرأة باعتبارها موضوعا له هو أن ينفتح على ذاكرة القهر الأنثوي والبحث عن الشروط العامة الممثلة له ليس بحصر ذلك في الرجل بل بالعلاقات الاجتماعية غير العادلة والتصورات السياسية المكرسة لها والغطاء الإيديولوجي الذي يتم اعتماده لتضبيب حقيقة الصراع واختزاله وتحريف طبيعته من أصلها الاجتماعي والسياسي العام إلى فرعها الجنسي المظلل، وذلك لأن ما نتحدث عنه كهيمنة ذكورية ليس في آخر المطاف إلا نتيجة للفعل القوي لأنساق ثقافية وبنيات ذهنية تم إيجادها لتبرير وضع اجتماعي غير عادل محكوم بعلاقات إنتاج تمزج بين الإقطاع والكولونيالية والتبعية للغالب اقتصاديا وسياسيا وعسكريا. الإبداع النسائي، ولأنه يدور في الكثير من الأحيان في مدار السيرة الذاتية، قد يجيب عن سؤال كثيرا ما يعنى به الرجل وقد سبق لسيغموند فرويد أن حدده بقوله: «إن السؤال الكبير الذي لم يحل قط ولم أتمكن من الإجابة عنه على الرغم من ثلاثين سنة قضيتها في البحث عن نفسية المرأة هو: ما الذي ترغب فيه المرأة، إلا أن العودة إلى الواقع قد تجعل هذا السؤال والإجابة عنه دون معنى لأن ما نجده أساسا هو سيرورة الانسحاق الفاجع للمغلوبين ذكورا وإناثا، والقتل المبرمج لمعنى الحياة عند البسطاء، وإغلاق المصادر المنعشة للأمل عند المنتسبين للأحياء السفلى، ولهذا بالضبط سيكون الإبداع النسائي أكثر جذرية وأكثر تمردا وأكثر فاعلية كلما جعل المسألة النسائية مدخلا لكشف كل الزيف المعتمد لطمس حقيقة الصراع الاجتماعي بين المهيمنين والمهيمن عليهم والكلام عن الصراع بين الجنسين وبهذا ستكون الوظيفة الاجتماعية معرفة للإبداع النسائي وموجهة لفعاليته من أجل كل المغلوبين رجالا ونساء.