إدارة حموشي تكشف عن تراجع قضايا تهريب العملات الأجنبية بنسبة 21%    وزير العدل يستعرض مستجدات مدونة الأسرة بخصوص الزواج والطلاق والأموال المكتسبة    التوفيق يشرح رأي المجلس العلمي بشأن إثبات النسب والتعصيب والتوارث    آخرها احتياطيات تقدر بمليار طن في عرض البحر قبالة سواحل أكادير .. كثافة التنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب مازالت «ضعيفة» والاكتشافات «محدودة نسبيا» لكنها مشجعة    هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    البيضاء: توقيف أربعيني متورط في ترويج المخدرات    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    المغرب الفاسي يقيل المدرب "أرينا"    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    منيب: لجوء رئيس الحكومة للقضاء الاستعجالي لوقف الإضراب يكرس السلطوية وضرب الدستور    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    المغرب يستورد 900 ألف طن من القمح الروسي في ظل تراجع صادرات فرنسا    حركة النقل الجوي عبر مطارات المغرب ارتفعت ب30 في المائة هذا العام بحسب الوزير قيوح    اتفاقية لتدوير نفايات سجن تامسنا    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    توقيع اتفاقية بين المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزارة الانتقال الرقمي    يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي            الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    أ. الدشيرة يفوت على ا. يعقوب المنصور فرصة الارتقاء للصدارة    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد        العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات    الصين تكشف عن مخطط جديد لتطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة            مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    وعكة تدخل بيل كلينتون إلى المستشفى    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المَقْلب
نشر في المساء يوم 07 - 03 - 2008

بعد مسافة طويلة من السير، توقفت الحافلة أخيرا في محطة للاستراحة. نزل الركاب تباعا بعد أن أكد عليهم السائق بألا يتجاوزا أكثر من ربع ساعة.
هو كان دائخا. توجه إلى مرحاض عمومي فغسل وجهه وقضى حاجته، ثم أقفل عائدا نحو المطعم ليأكل شيئا يسد به الرمق.
كانت كراسي المطعم كلها مليئة بالناس، فُرادى ومثنى وثلاث ورباع. بحث طويلا عن مقعد شاغر دون جدوى. فجأة سمع صوتا يناديه من خلفه:
- «بس بس.. واسي محمد..».
التفت خلفه ليتبين صوت من ينادي عليه، فإذا هي فتاة تجلس وحيدة في ركن من أركان المطعم. اعتقد في البداية أنها ربما نادت عليه خطأ، لأنه لا يعرفها.. وسرعان ما ولى وجهه عنها باحثا عن مقعد، لكنها نادت عليه مرة أخرى، فتوقف وأخذ يقلب وجهه يمينه ويساره.. قبل أن تشير إليه بيدها أن يحضر ويجلس إلى طاولتها.
- تفضل.. أرى أنك وحيد مثلي.
أجابها بالإيجاب وعلامات الدهشة والاستغراب بادية على وجهه، قبل أن تبادره بالدعوة إلى الجلوس أمامها.
- هل تمانع أن نتشارك الطعام؟
سألته عن اسمه، مهنته، عمره، من أين أتى وإلى أين وجهته، فأجاب عن أسئلتها بعفوية وطلاقة. لكنه بدا مستغربا من جرأتها عندما سألته إن كانت له حبيبة، فاحمرت وجنتاه وتلعثم لسانه وهو يجيب بالنفي.
- طيب، إن لم تكن لك رغبة في الإجابة فلا بأس.
- لا، لقد قلت لك الحقيقة.. ليست لدي حبيبة، لكن لماذا هذا السؤال؟
- مجرد اهتمام فحسب. أنا أيضا وحيدة، لا حبيب لي ولا صديق.
- لا. أنا لا أصدق هذا. لا تقولي لي إن هذا الجمال كله لم يحظ باهتمام الرجال؟!
- تريد أن تقول إنني كذابة، صح؟ في الحقيقة لقد عشتُ تجارب عاطفية كثيرة، لكنها فاشلة.. وأنا لا أحب الفشل.
ولكي تغير مجرى الحديث، بدأت تنظر إليه باهتمام وأخذت تغازله..
- عيناك جميلتان. سبحان الله.. الذي خلق هذا الوجه.. كل شيء فيه جميل.. عيناك.. أنفك.. شفتاك.. شعرك.. يداك.. كل شيء فيك رائع...سبحان الله...
وكان يهم بقول شيء ما لولا أن قاطعهما النادل، وقد جاء ليعرض عليهما ما يوفره المطعم من وجبات. اختار هو «سندويتشا» عاديا، أما هي فقد اختارت وجبة دسمة و»متخمة»، تضم من كل طعام نوع.
واسترسلا في الحديث وهما يتناولان وجبتيهما، وكانت عينا الفتاة لا تفارقان وجه الرجل دون أن تتوقف أسنانها عن مضغ الصلاطة واللحم والأرز، وشرب العصير.. وفي كل مرة تطرح عليه سؤالا وتتركه يخوض في حديث مطول.. كان يتحدث أكثر مما يأكل. فجأة قاطعته طالبة منه أن يكمل طعامه.
- خذ هذه القطعة من يدي يا حلو..
وفتح فمه في خجل فألقمته ما حوت أصابع يدها من لحم. ثم سألته ويدها ممتدة إلى الكأس التي كان يشرب منها «المونادا»:
- أيمكنني أن اشرب من كأسك؟
- تفضلي.
وشربت من كأسه بتمهل وعيناها مرصودتان على عينيه.. ثم وضعت الكأس بعجالة وقامت من مقعدها مسرعة، وغادرت بعد أن استأذنته في الذهاب إلى المرحاض.. وظل فمه فاغرا ولسانه معقودا وهي تمر بجانبه ورائحة عطرها النفاذ تخترق أنفه... فلم يعد يدري ما يقول ولا ما يفعل.
انتظرها طويلا لكنها لم تأت، وبعد مدة، جاءه النادل مطالبا إياه بأداء الفاتورة، فهب إذ ذاك من مقعده ضاربا باطن كفه بجبهته، وخرج مسرعا نحو الحافلة فلم يجد غير أثر عجلاتها...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.