إغلاق مصفاة سامير بسيدي قاسم، هل هو حقيقة حتمية تفرضها التزامات المغرب مع المنتظم الدولي؟ سؤال جوابه يخيف العاملين بالمصفاة الذين يرون أن خطوة الإغلاق بمثابة تكرار لتجربة «مفاحم جرادة». وجواب «سامير» عن هذا السؤال لم نستطع استقاءه رغم اتصالاتنا المتكررة مع مسؤولي التواصل بالشركة، غير أن مصدرا من داخل الشركة اعتبر أن الإغلاق سيتم في موعده في يناير المقبل، مشددا على أنه ستتم معالجة الملف الاجتماعي الذي سيترتب عن القرار. وعبر المكتب النقابي الموحد للكنفدرالية الديمقراطية للشغل بالشركة المغربية لتكرير النفط (سامير) عن تخوفه مما وصفه ب«الإغلاق التدريجي ومصير مصفاة تكرير النفط بمدينة سيدي قاسم»، وعلل تخوفه هذا، في بيان توصلت «المساء» بنسخة منه، بناء على الدخول حيز التنفيذ المنتظر ابتداء من فاتح يناير المقبل للمرسوم الوزاري الجديد المتعلق بالمواصفات البترولية الجديدة وبناء أيضا، يضيف المصدر، على غياب الاستثمارات اللازمة لتأهيل منتوج مصفاة المدينة. وطالب النقابيون الحكومة المغربية وإدارة شركة «سامير» ب«اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوطيد السلامة الصناعية وإنقاذ مصفاة مدينة سيدي قاسم من الإغلاق والتصفية بدعوى الدخول حيز التنفيذ للمواصفات البترولية الجديدة والمتعلقة بحذف الغازوال «ذي 10000 جزء من المليون» من مادة الكبريت «ب50 جزء من المليون» ابتداء من فاتح يناير المقبل لعدم الجدوى الاقتصادية للاستثمارات التأهيلية للمصفاة»، واعتبر عمال «سامير»، المنضوون تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، إغلاق مصفاة سامير إعادة مكررة لتجربة «مفاحم جرادة» ومخالفة صريحة لأهداف الاستراتيجية الوطنية للنفط المعلن عنها في ماي 2004 وتهديدا مباشرا للميزان الطاقي للبلاد من خلال الاستغناء عما يفوق 400 ألف طن سنويا من الوقود الصناعي و60 في المائة من الطاقة الكهربائية ذات الأصل البيترولي، رافضين «أن يكون العمال بهذه المصفاة والاقتصاد المحلي لمدينة سيدي قاسم ضحية لسياسات انخراط المغرب في الالتزامات الدولية وفتح السوق الوطنية دون تحمل المسؤولية الكاملة في تأهيل وتطوير الصناعة الوطنية حتى تصمد في وجه التحديات المطروحة». ورغم الإقرار بانخفاض الإنتاج في مصفاة سيدي قاسم بحوالي النصف، وتراجع أداء النشاط الصناعي في المحطة ذاتها، يطالب النقابيون بتقديم توضيحات وضمانات كافية حول الإبقاء على الطبيعة الصناعية للشركة بسيدي قاسم، ومراجعة التدبير المعتمد بالشركة وإقرار أسس الحكامة التي تناسب ماضي شركة «سامير» وتجيب عن التحديات المطروحة في تأمين الحاجيات النفطية والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب. وإذا كان مصدر من النقابة أكد أنه لا توجد تخوفات على مصير 210 عمال في مصفاة سيدي قاسم، فإنه لم يخف قلقه على مصير اقتصاد سيدي قاسم، الذي يعتمد أكثر على الحيوية التي تبثها المصفاة فيه. مصفاة شركة «سامير» بسيدي قاسم لا توجد في أوروبا مصفاة تفوقها حجما، غير أن جمال بعامر، المدير العام للشركة، قال في أحد تصريحاته الصحفية «من السابق لأوانه وقف التكرير هناك (مصفاة سيدي قاسم) لكننا لن نستطيع الاستمرار إلى الأبد». في سياق آخر، تراجع صافي أرباح الشركة خلال السنة الماضية بنسبة 40 في المائة مقابل سنة 2006، ليصل إلى 435 مليون درهم. ويراهن مسؤولو الشركة على الوحدات الجديدة للإنتاج بالمحمدية في أفق توسيع مصفاتها، والتي من المنتظر أن تنتهي الأشغال بها في نهاية السنة الجارية. وتشتري سامير ما يصل إلى 65 في المائة من النفط الخام من «أرامكو» السعودية وإيران وتأتي البقية بالأساس من خام «الأورال» الروسي، ويرتقب أن تسير الشركة على نفس النهج في تطوير مصفاة المحمدية.