قالت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان إن أحداث القصر الكبير، المتعلقة بما سمي ب«عرس الشواذ»، تطرح على الجميع في المغرب أفرادا وجماعات «قضايا السلم والتعايش وسيادة القانون»، وإن المجتمع المغربي الذي يعيش مرحلة الانتقال الديمقراطي يعرف جملة من العوائق ذات الطبيعة الثقافية والاجتماعية. وخلصت المنظمة، في تقريرها حول أحداث القصر الكبير قدم أمس بالرباط، إلى أن حق الدفاع، كحق أصيل متعارف عليه عالميا، تعرض للمساس، معتبرة ذلك «سابقة تكاد تكون الأولى من نوعها في تاريخ المرافعات المغربية»، كما أكدت عدم إجراء أي تحقيق ملحق في ما يخص التهمة الموجهة إلى المتابعين في الملف. ونفت المنظمة في تقريرها أن يكون الأمر متعلقا بحفل زواج مثلي، واستنكرت إقدام إمامي مسجدين في المدينة خلال خطبة الجمعة على توجيه رسالة غير معهودة في المكلفين بالمنبر الديني، وتزامن ذلك مع طرح سؤال برلماني من قبل فريق حزب العدالة والتنمية أمام البرلمان. وبخصوص الأحكام الصادرة ضد المتهمين، قال التقرير إنها لم تمس فقط فقدان الحرية والإدانة للسلوكات المثلية، بل جعلت المتابعين وعائلاتهم معرضين للاستهجان والتهميش والرفض في العيش في مدينتهم، وأضيفت عقوبة النفي الاجتماعي إلى الحكم القضائي بالإدانة. كما وجه التقرير انتقادات إلى جزء من الصحافة المغربية بسبب نشر «ادعاءات وإشاعات وتقديمها كحقائق للرأي العام، وعدم التزامها باحترام قواعد مهنة الصحافة بالتحري والتقصي في كل الادعاءات». وقالت رئيسة المنظمة، آمنة بوعياش، إن لجنة التقصي التي شكلتها المنظمة في أحداث القصر الكبير عقدت لقاء مع محاميي المدينة، بعد نشر أخبار بخصوص امتناعهم عن الدفاع عن المتهمين، وإن اللجنة استنتجت بعد ذلك اللقاء أن المحامين كانوا ثلاث فئات، الفئة الأولى أكدت أنه لم يتم الاتصال بهم من قبل عائلات المتهمين للدفاع عنهم، والثانية أكدت أنها قدمت وعودا للمعتقلين في التظاهرات العمومية بالدفاع عنهم، أما الفئة الثالثة فقد صرحت بأنها تخوفت من ردود فعل الشارع في حال الدفاع عن المتهمين والانتقام منهم في قضايا أخرى. وقالت بوعياش إن قضية القصر الكبير «تضعنا أمام تداخل بين ما هو قانوني وما هو اجتماعي وما هو سياسي»، وتساءلت عن جدوى اعتقال ستة أشخاص فقط ممن حضروا ما سمي ب«عرس الشواذ» الذي حضره أزيد من 150 شخصا واستثناء آخرين، خصوصا وأن من ضمنهم نساء وأطفال قاصرون، وقالت إن هيئة الدفاع عن المتهمين التي شكلتها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أكدت انعدام حالة التلبس في واقعة القصر الكبير، لأن المتهمين جرى اعتقالهم من بيوتهم يوم 26 نوفمبر 2007 بينما كان العرس يومي 18 و19 نوفمبر. أما الدكتور محمد النشناش، الذي كان عضوا بلجنة التقصي، فقد أوضح أن هيئة المحكمة اعتمدت فقط على ما ورد في محضر الضابطة القضائية، الذي طالب دفاع المنظمة باستبعاده، ولم يتم إعطاء المتهم الرئيسي في القضية حق الدفاع عن نفسه، كما لم يتم الاستماع إليه. وقال النشناش إنه إذا كان الشذوذ الجنسي «يتكون من فاعل ومفعول به فقد تم الحكم على المفعول به فقط»، وأشار إلى أن ما حصل بعد أحداث القصر الكبير أظهر المغرب كبلد للاتسامح.