هناك عدميون ينفون وجود أي أمل في المغرب، بينما الوقائع تثبت العكس، وتؤكد أن المستقبل سيكون زاهرا بالنسبة إلى عدد من الخائبين، الذين لم يعودوا يؤمنون بحل في هذا البلد لأوضاعهم المعيشية القاهرة. إن معظم الذين يروجون خطاب التيئيس هذا هم في الغالب من قبيلة الصحفيين والكتاب والمبدعين، وهم يقومون بذلك إمعانا في وصف حالهم المتردي، متظاهرين بالدفاع عن الفئات المسحوقة، بينما هم في الحقيقة يندبون ظروفهم وفقرهم. ولتسفيه خطابهم المتباكي وكثير الشكوى، قامت مجموعة من الجهات بالإعلان عن جوائز ومسابقات يتنافسون فيها بكتاباتهم، حيث سيحصل الفائزون على مبالغ محترمة تسيل اللعاب، وذلك بهدف إسكاتهم وعدم ترك أي مبرر لهم ليوجهوا أقلامهم وألسنتهم السليطة إلى وجه أجمل بلد في العالم. الغريب في الأمر أن جماعة العدل والإحسان هي الأخرى رقت لحال الصحفيين والكتاب والمغاربة المفلسين وأعلنت عن جائزة حول موضوع «الغرب في منظور الشيخ عبد السلام ياسين»، لكنها للأسف لم تعلن عن قيمة الجائزة المالية، وما إذا كانت من طبيعة أخرى غير المال. يمكن لهذه الجائزة أن تخيب أمل عدد من المتربصين بأخبار الجوائز، نظرا للغموض الذي يكتنفها، إذ من المحتمل أن يوزع الشيخ عبد السلام ياسين على الفائزين الذين ستتم مكافأتهم مجموعة كتب له، كما يحصل عادة في مسابقات الثانويات والمقاطعات وجمعيات الأحياء، وقد يصدم بعضهم برفض الجماعة لمنطق منح قيمة مالية للناجحين، كما حصل لمجموعة من الشعراء الذين شاركوا في أمسية شعرية رمضانية نظمها حزب العدالة والتنمية، وبعد أن انتهوا من قراءة قصائدهم جلسوا ينتظرون مكافآتهم كما يحصل في أماكن أخرى، إلا أن المشرفين على الأمسية فاجؤوهم بساعات حائطية صينية عليها آيات من القرآن الكريم، وبصحون وفناجين قهوة، بدعوى أنهم يرفضون منح المال في نشاط ثقافي، وانتهت الأمسية بشد وجذب بين شعراء معروفين بوداعتهم وحسهم المرهف وبين منظمين يعتبرون منح المال للشعراء حراما. إذا كان هذا حال الشعراء، فما بالك بصحفيين وكتاب لا تربطهم أي علاقة بالإبداع، وهدفهم الأساس هو الحصول على مبلغ محترم يسددون به ديونهم أو يساهمون به في شراء شقة، إنهم سيرفضون دون شك تلك الكتب التي ألفها شيخ الجماعة. هناك كتاب وصحفيون آخرون يفوقون غيرهم ذكاء يستبقون الأحداث ويدبجون مقالات ومؤلفات عن شعراء خليجيين أثرياء، خالقين نوعا فريدا من الجوائز لا يحتاج إلى إعلان في الجرائد، بل إنهم يرسلون أعمالهم إلى المعني بالأمر في انتظار المكافأة الكبيرة. أما الصحفيون المغاربة فإنهم يتسابقون هذه الأيام لقراءة ملصق معلق في قاعات التحرير يخبرهم بوجود «جائزة التميز في التحقيق الصحفي»، ويحاول بعضهم ممن فاتته فرصة إنجاز تحقيق الإسراع بنشره في جريدته، حتى يجرب بدوره حظه في الفوز ونيل مبلغ 15000 درهم الذي أعلن عنه المنظمون المجهولون، وزيادة في فرص النجاح يلجأ الصحفيون إلى متابعة أخبار الجوائز أينما كانت، وفي انتظار سماع الخبر السعيد، يستمرون في كتابة مقالاتهم المتجهمة والساخطة، إلى أن يأتي الفرج من الإمارات العربية المتحدة أو غيرها من الدول التي تكافئ بالدولار الأمريكي. يعمل محبو الجوائز على البحث عنها أينما كانت، وفي كثير من الحالات يشارك أشخاص في مجالات لا يفقهون فيها شيئا بهدف جني ثروة بطريقة سهلة، وهناك من يلجأ إلى الاتصال بلجنة التحكيم لتقوية حظوظه، لكن أغرب خبر تناقلته الوكالات أول أمس هو عدد المرشحين لجائزة نوبل للسلام والذي بلغ 197 مرشحا، وهو ثاني أكبر رقم عرفه تاريخ أكبر وأشهر جائزة في العالم، إذ لو كانت الكرة الأرضية تتوفر على هذا القدر من دعاة السلام لما تحولت إلى كرة تشتعل فيها النيران والحروب، وللإشارة فقط فإن من بين المتنافسين على جائزة السلام هذه السنة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، كل هذا ليتخلى الصحفيون وكتاب الرأي عن تجهمهم ويتفاءلوا قليلا، فالأمل موجود فعلا وما على الناس إلا أن يبحثوا عنه.