[email protected] أخيرا استمعنا إلى جواب الوزير الأول عباس الفاسي حول قراره القاضي بحل حزب البديل الحضاري. وقد تزامن خروج الوزير الأول عن صمته مع نجاح إجراء أول عملية لزراعة حلزون الأذن بالرباط من طرف طاقم طبي مغربي. وربما يكون عباس «سمع» أخيرا نصيحة أصحاب الحسنات الذين طالبوه بالكف عن غعطاء الرأي العام أذنا من الطين وأذنا من عجين. فقد قال سعادة الوزير لإحدى الإذاعات الخاصة صباح يوم الثلاثاء أنه اتخذ قرار الحل بعدما اطلع على الوثائق وتبين له تورطه في القضية، تورط الحزب طبعا. كما كان اللقاء مع عباس مناسبة لكي يكشف عن ملامح المحامي القديم الذي يسكنه، خصوصا عندما أفتى بأن قاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته تخص الأفراد وليس الهيئات. وهذا اجتهاد قضائي «خطير» يذكرنا بقصة ذلك الرجل الذي سألوه «واش كاتعرف العلم» فأجابهم «كانعرف غير نزيد فيه». لكن عباس لم يتحدث عن مسلسل الاختطافات الذي انطلق منذ أسابيع، إلى درجة أنه شمل مناضلا في حزب الاتحاد الاشتراكي يعتبر من أقوى مكونات الكتلة التي ينتمي إليها حزب عباس. جريدة الاتحاد الاشتراكي التي سكتت عن الاختطافات التي تشنها المخابرات ضدا على القانون، خرجت عن صمتها وكتبت مقالا معززا بصورة عضو الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي بسطات، محمد مرجان، ونشرت مقتطفات من بيان ناري للكتابة الإقليمية يتحدث عن عودة «العهود الغابرة من زمن الاختطافات وسنوات الرصاص وزمن السيبة». وختمت الجريدة مقالها الغاضب بتهديد مبطن قائلة «ولنا عودة بالتفصيل في عدد لاحق». وكأن عبد الهادي خيرات مدير الجريدة يتوعد المختطفين قائلا «ها حنا ها نتوما، والله لا بقات فيكم». ومن حق محمد مرجان أن يتابع وزير الداخلية بتهمة الاختطاف ويطالب بتعويض عن الضرر النفسي الذي تسبب له فيه مختطفوه. خصوصا وأنهم اعترضوا طريقه وهو خارج لتوه من وكالة بنكية ببرشيد. ولعل أول شيء سيفكر فيه شخص يعترض سبيله مجهولون فور خروجه من وكالة بنكية هو أن الأمر يتعلق بمحاولة سرقة على يد عصابة من اللصوص. والأمن في الدول الديمقراطية عندما يرغب في استنطاق متهم فإنه يستدعيه وفق القانون حتى تعرف أسرته والصحافة مكانه ودواعي استدعائه. أما الاختطاف فهو أسلوب، كما قالت «الاتحاد الاشتراكي» مشكورة، يذكر بسنوات الرصاص وزمن السيبة. ومن غرائب الصدف أن الجريدة التي تقول هذا الكلام ليست سوى الجريدة الناطقة بلسان الحزب الذي يشارك باسمه وزير العدل عبد الواحد الراضي في حكومة عباس. وإذا كانت جريدة وزير العدل تشكو من عودة زمن الاختطافات والسيبة فإننا حقيقة لا نعرف من يمكنه أن يتدخل ليوقف عقارب هذا الزمن المغربي الراكض نحو الخلف. وزارة السياحة ربما. قد يجيب الراضي عن هذا الاستغراب قائلا بأن جميع الأحزاب في المغرب تتساوى في قانون الاختطاف، والدليل على ذلك أن حزبه بنفسه يتم اختطاف أحد مناضليه. وليس فقط حزب اليسار الاشتراكي الموحد الذي تم اعتقال أحد مناضليه ضمن خلية بلعيرج. بسبب الانتماء السياسي السابق لأخيه. السؤال نفسه وجهه المحققون إلى الاتحادي محمد مرجان، فقد سأله المحققون عن مكان وجود أخيه، فرد عليهم بعفوية بأن أخاه في البيت. وأطلقوا سراحه بعد 36 ساعة من الاستنطاق. وهذه طريقة غريبة في التحقيق، فلكي يتوصل الأمن بمعلومات حول متهم معين يلجأ إلى اعتقال أخيه وليس إلى اعتقال المتهم نفسه. وطبعا بعدما نقرأ حول هذا الإنجاز الأمني «الباهر» في سطات على صدر الصفحة الأولى من «الاتحاد الاشتراكي، نقرأ على صدر جريدة أخرى أن أحد كبار المسؤولين في جهاز الاستخبارات بالدار البيضاء قضى ليلة صاخبة بملاهي كورنيش عين الدياب شرح فيها لكل من يريد سماعه دوره الفعال في تفكيك شبكة بلعيرج. ويبدو أن تهمة «إفشاء السر المهني» يسهل إلصاقها فقط برجال الأمن ذوي الرتب العادية، أما أصحاب الخبزات على الأكتاف فيمكنهم أن يفشوا أسرار التحقيقات في ملاهي الكورنيش بدون خوف من المتابعة. وفي الوقت الذي ينشغل فيه السياسيون والحقوقيون باختطاف كل من تحوم شبهات حول علاقته بخلية بلعيرج، ينشغل المواطنون العاديون بمسلسل اختطافات آخر لا يتحدث عنه شكيب بنموسى، خريج ديكارت الذي لا يحب الشك، في التلفزيون. وفي مدينة العرائش وحدها، التي يمثلها في البرلمان الوزير الأول يا حسرة، وقعت ثلاث عمليات اختطاف، آخرها عملية اختطاف تعرض لها تلميذ كان في طريقه إلى المدرسة السبت الماضي بمحاذاة مقر الدرك الملكي من طرف عصابة تسوق سيارة رباعية الدفع. وقبل ذلك تعرضت سيدة للاختطاف ولم يطلق سراحها إلا بعد أن دفعت مبلغا ماليا قدره 1500 درهم للخاطفين. كما تم اختطاف فتاة قاصر بحي شعبي بالعرائش باستعمال مادة مخدرة. إذا كان عباس لا يستطيع توقيف مسلسل اختطاف البوليس للمشتبه فيهم، فعلى الأقل عليه أن يتدخل لتوقيف مسلسل اختطاف المجرمين للمواطنين، وذلك أضعف الإيمان. وإذا كان المناضل الاتحادي محمد مرجان قد خطفه رجال المخابرات في سطات، فإن البرلماني الاتحادي أحمد العاطفي أوشكت أن تخطفه عصابة من قطاع الطرق بالقرب من مدخل مدينة وزان. ولولا أن البرلماني أطلق ساقيه للريح وهرب وسط الحقول بعد أن نجح في مغادرة السيارة التي أوقفها قطاع الطرق بواسطة الأحجار التي وضعوها في الطريق، لكان البرلماني الآن تحت رحمة سيوف خاطفيه في مكان مجهول. ولكي يسترجع البرلماني بطاقته البنكية ووثائقه اتصل بأحد أفراد العصابة على رقم هاتفه الذي سرقوه منه وحدد موعدا معه على أساس استرجاع وثائقه مقابل مبلغ مالي. لكن قطاع الطرق تراجعوا في اللحظة الأخيرة بعدما شموا رائحة الأمن في القضية. والله أعلم بأنف من شموا رائحة الكمين، هل بأنوفهم أم بأنف مستعار. خصوصا وأن العملية كانت محاطة بالسرية اللازمة. عندما نقرأ عن مسؤول كبير في الديستي يسهر في ملاهي كورنيش عين الدياب ويثرثر حول تفاصيل تفكيك خلية بلعيرج، نأخذ فكرة عما يسميه البعض «سرية التحقيق». الحاصول أن الخطفة خدامة فالمغرب. هناك من يخطف المشتبه فيهم لاستنطاقهم وهناك من يخطف المواطنين الأبرياء لنشلهم. وبين هؤلاء وأولئك هناك الخطافون الكبار المتخصصون في خطف أموال الشعب وسمكه وثرواته. ولكي أختم دعوني أقرأ عليكم رسالة توصلت بها من الأمين العام لحزب افتراضي مقره في البريد الإلكتروني حل نفسه بنفسه دون أن ينتظر قرار عباس الفاسي، ويسمى «حزب المواطن المقهور المحظور». يقول سعادة الأمين العام «بلغنا بكل فخر واعتزاز تفكيك خلية «بلعيرج» الإرهابية وكيف أن وزارتنا أحبطت هذا المخطط قبل وقوع أي اعتداء. وهذه مناسبة نذكركم فيها أن حزبنا هو حزب الأغلبية، فقد شاركنا في استحقاق سبعة شتنبر وحصلنا على أكثر من 87 بالمائة من الأصوات. نذكركم أن مقراتنا الحزبية موجودة في كل حي ودرب. وأصالة عن حزبنا ونيابة عن كل المواطنين المقهورين، نطالب داخليتنا الموقرة بتوفير الأمن لنا والقضاء على الظلم الذي نتعرض له في الطرقات وفي المقرات الحكومية. ونؤكد لكم أن حزبنا وضع عدة تساؤلات حول روايتكم الأخيرة لما وقع. هل روايتكم حقيقية، هل هي بداية استئصال تبدأ من البديل الحضاري وتصل إلى العدالة والتنمية والعدل والإحسان، أليس في خطابكم استقواء بالدوائر الأجنبية. وفي الأخير نتساءل أين تتجهون بالبلاد، ونخص بالذكر فؤاد عالي الهمة، شكيب بنموسى، الشرقي أضريص، العنيكري، حسني بنسليمان والآخرين. وحتى بيان قادم هاهو أمين عام الحزب من منفاه يبلغكم السلام».