أبرزت الاحتجاجات التي خاضها طلبة كلية الطب والصيدلة بالرباط أمام وزارة التعليم العالي، يوم الخميس الماضي، حقيقة الخلاف داخل قطاع الصيادلة بين خريجي جامعات أوروبا الشرقية وخريجي الجامعات المغربية حول الشواهد المحصل عليها. وتشير الإحصائيات إلى أن خريجي الجامعات المغربية من الصيادلة يمثلون 12 في المائة، فيما يمثل خريجو جامعات أوربا الشرقية أكثر من 50 في المائة، والباقي خريجو جامعات أوربية مختلفة. وبرز المشكل على السطح حين هدد الطلبة الصيادلة بخوض إضراب عن الطعام ومقاطعة الدراسة والدخول في اعتصامات مفتوحة، لمطالبة كل من وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة والوزارة الأولى والهيئات المهنية الصيدلية، ب«الحماية القانونية للدبلوم الوطني، وضرورة إخضاع كل دبلوم أجنبي إلى معادلة مع الدبلوم الوطني باجتياز امتحان المعادلة، والتحقق من الشواهد من أجل إعادة هيكلة المهنة حتى تتماشى والقوانين الجارية، وبضرورة مراقبة ملفات المرشحين لدراسة الصيدلة بالخارج قبل مغادرة التراب الوطني». فبالنسبة إلى الطلبة المحتجين، فإن أغلب الصيادلة من حاملي دبلوم جامعات أوربا الشرقية يحملون شواهد «مزيفة». وأكدوا على أن منهم من ليس له باكلوريا علمية أو حتى مستوى الباكلوريا، ومنهم من درس عامين أو أقل في التخصص، بل ومنهم من لم يتلق أي تدريس أو تكوين في المجال، وهو ما يهدد صحة المواطنين. ومن جهتهم، ينفي خريجو أوربا الشرقية كل هذه الاتهامات التي تطعن في صحة الدبلومات التي حصلوا عليها، واعتبروا أنها فقط شائعات، مؤكدين أنهم استوفوا جميع السنوات الدراسية وهي 5 إلى 6 سنوات بالنسبة إلى الحاصلين على الباكلوريا العلمية، و4 سنوات بالنسبة إلى الحاصلين على الإجازة في العلوم بالكليات المغربية. غير أن هؤلاء الخريجين منقسمون بين مؤيد ومعارض لاجتياز الامتحان التقييمي لمعادلة دبلوماتهم. فالمعارضون، وهم يشكلون الأغلبية، يرون في الامتحان تحيزا كبيرا لكون خريجي المعاهد الفرنسية والإسبانية يتسلمون بسهولة شهادة المعادلة من طرف الوزارة الوصية دون إجراء أي امتحان. أما المؤيدون، فيرون أنه لا بأس من اجتياز الامتحان إذا كان هو الطريقة التي يمكنهم من خلالها مزاولة المهنة بدون مشاكل وبدون تشكيك في معارفهم العلمية. لكن ما حدث هو أن هؤلاء منعوا مرتين من اجتياز الامتحان من طرف المعارضين له وتعرضوا لضغوطات من طرفهم. هذا الوضع أدى باللجنة القطاعية التابعة لوزارة التعليم العالي وتكوين الأطر إلى إصدار قرار يقضي بإلزام كل طالب أراد معادلة الدبلوم، القيام بتدريب لمدة 6 أشهر في صيدلية معينة، مصادق عليها من طرف كلية الصيدلة بالرباط، ليتم تقييمه من طرف الكلية السالفة الذكر بعد انتهاء مدة التدريب. لكن عشرة خريجين فقط هم الذين وافقوا على القيام بالتدريب في 19 نونبر 2007، ولكن تم منعهم مرة أخرى من طرف المقاطعين، ليتم تأجيل إجراء الامتحانات التقييمية للمتدربين إلى أجل غير مسمى. ويعود أصل المشكل، حسب د. محمد الأغضف غوتي، رئيس هيئة الصيادلة، إلى بداية التسعينات من القرن الماضي، حيث لم يتم إقرار مبدأ معادلة الدبلومات الأجنبية مع الدبلوم الوطني رغم افتتاح كلية الصيدلة بالرباط منذ سنة 1986. واستمرت هذه الوضعية إلى غاية سنة 1999 حيث تم طرح مشروع قانون المعادلة، لكنه ظل لأكثر من سنتين في رفوف البرلمان إلى غاية يونيو 2001، حيث تمت المصادقة عليه لكن على أن لا يتم تطبيقه إلا سنة 2006. ويرى غوتي أن الإقرار بمبدأ المعادلة معمول به في عدد من الدول ويهم عددا من المهن، ويعتبر إقرارا بسيادة الدولة العلمية، مضيفا أن الخطأ الذي وقع فيه المغرب هو «الاقتصار في المعادلة على دبلومات خريجي أوربا الشرقية بحكم وجود شائعات تطعن في صحتها وبكونها «مزيفة» أو « مشتراة»، في الوقت الذي يجب أن تخضع للأمر جميع الدبلومات الأجنبية سواء كانت من أوربا الشرقية أو الغربية أو غيرها».