يسود تخوف في أوساط منتجي الكسكس من استمرار ارتفاع أسعار «السميد» في الأسواق العالمية، والذي يشكل المادة الأولية في إنتاج الكسكس المغربي، حيث بلغ سعر القمح الصلب، أمس الجمعة، ألف دولار للطن الواحد، محققا بذلك رقما قياسيا لم يسبق أن سجله على مر التاريخ. القمح الصلب، الذي يستخرج منه السميد، انتقل سعره من 320 دولارا للطن الواحد قبل ستة أشهر إلى ألف دولار للطن الواحد، وهو ما دفع عددا من مستوردي الحبوب إلى التوقف عن الاستيراد مؤقتا في انتظار أن تشهد الأسعار انفراجا، سيما وأن هذه الأخيرة لم يعد متحكما فيها بسبب المضاربة. مصادر من الجامعة الوطنية لتجار الحبوب والقطاني قالت ل«المساء»: «إن الأسعار في الأسواق العالمية ملتهبة والمضاربون يصبون المزيد من الزيت على النار»، وأكدوا أن كندا، المنتج الرئيسي للقمح الصلب في العالم، تتحكم في الأسعار والولاياتالمتحدةالأمريكية نفد مخزونها من هذه المادة وهو الوضع الذي لم تشهده منذ 60 عاما. وفي سياق متصل، كشفت مصادر من الجامعة الوطنية لأرباب المطاحن عن حجم واردات المغرب السنوية من القمح الصلب والتي فاقت السنة الماضية 700 ألف طن، وأكدوا أن تكلفة الشحن لوحدها تتجاوز 90 دولارا للطن الواحد، إضافة إلى مصاريف النقل، لتصل هذه المادة إلى الأسواق المغربية بسعر مرتفع مقارنة مع ما تستورده باقي الدول العربية كالجزائر وتونس. وعزت المصادر ذاتها هذا الارتفاع المفاجئ في الأسعار بأكبر البورصات العالمية ك«شيكاغو» و«لوماتيس» إلى تراجع حجم الإنتاج، خاصة مع ضعف المحصول الزراعي لأستراليا، التي تعد ثاني أكبر منتج للقمح الصلب، وارتفاع الاستهلاك العالمي واستنفاد الولاياتالمتحدةالأمريكية لكامل مخزونها. وبخصوص وضعية التزويد في المغرب من مادة «السميد»، شددت مصادر من الجامعة الوطنية لأرباب المطاحن على أن هذه الأخيرة تشتغل حاليا بمخزونها الذي سينفد في غضون الشهر الجاري، وتوقعت المصادر ذاتها أن يكون هناك تراجع في كمية منتوجات كالعجائن والكسكس بالأسواق المغربية، وأشارت إلى أن دولا كإيطاليا وفرنسا، أكبر مستوردي القمح الصلب في العالم، توقف تجارها عن اقتناء القمح الصلب من الأسواق العالمية بسبب فورة الأسعار، وأن المغرب سار على نفس النهج. وأمام هذه الوضعية ستجد مجموعة من النساء المغربيات أنفسهن مجبرات على العودة إلى الطريقة التقليدية في تحضير الكسكس دون الاعتماد على المنتوج المصنع بطريقة عصرية، أي «فتل» الدقيق ورشه بالماء كما كن يصنعن قبل ظهور الكسكس المصنع.