سجلت المواد الغذائية، التي تعتبر المكون الأساسي لمائدة المواطن المغربي، ارتفاعات صاروخية متتالية في الأسابيع الأخيرة، بات من الصعب معها على المواطنين مسايرة وتيرتها المتصاعدة بسبب هشاشة الوضع الاقتصادي والدخل المحدود للعائلات البسيطة، مما أصبح ينذر بانفجار اجتماعي على غرار ما حدث في مدينة صفرو قبل أشهر احتجاجا على ارتفاع أسعار الخبز. فقد بلغت الزيادات الأخيرة في السكر والدقيق وزيوت المائدة والحليب ومشتقاته مستويات مرتفعة في ظروف قياسية، وبأشكال متفاوتة كذلك، بسبب المضاربات وغياب المراقبة وعدم الالتزام بقانون المنافسة وحرية الأسعار، إذ عرف ثمن الدقيق زيادة بدرهمين للكيلوغرام الواحد، بينما عرف في بعض المناطق ولدى بعض التجار زيادة بثلاثة دراهم للكيلوغرام، وارتفع سعر الدقيق الممتاز (السميدة) من ستة دراهم للكيلو إلى 8.1 دراهم، وسعر الكيلوغرام الواحد من الكسكس من 8.3 دارهم إلى 10 دراهم، ونفس الأمر بالنسبة لدقيق القمح الذي ارتفع سعره من 6 دراهم إلى 7.8 دراهم للكيلوغرام، أما أسعار زيوت المائدة فقد شهدت ست زيادات متتالية في ظرف أقل من سنة، وهو مرشح للزيادة خلال الأسابيع المقبلة. وعزا مهتمون بملف الزيادة في الأسعار في السوق المغربي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى الأوضاع المرتبطة بالأسواق العالمية، حيث يخضع المغرب لتقلبات السوق العالمي وتجاوز سعر برميل البترول عتبة 100 دولار في الفترة الأخيرة، مما ينعكس سلبا على وضعية الأسعار في المغرب. وحاولنا الاتصال بنزار بركة، الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة، دون أن نتمكن من ذلك بسبب وجوده في اجتماع وزاري، لكن مصدرا من الوزارة نفى أمس، في اتصال مع «المساء»، أن تكون المواد المدعمة من طرف الحكومة قد شهدت أي زيادة جديدة، وهي الكازوال والمواد النفطية بمختلف أنواعها، والغاز والبوتان والسكر والدقيق المدعم والقمح اللين، أو ما يسميه المغاربة «الفورص»، وقال إن الدعم الحكومي يصل إلى 10 ملايين قنطار من الدقيق المدعم لكي يبقى سعر الخبز محددا في 1.20 درهم. وأضاف المصدر أن سعر الدقيق في المطاحن هو 350 درهما للقنطار فقط، وذلك بدعم من الحكومة، بينما يتجاوز سعره الحقيقي ذلك السقف بكثير، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار الزيوت لا علاقة له بالحكومة وأن سعر الزيت شهد تحريرا له في عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي عام 2002، وعلق قائلا: «الناس يخطئون كثيرا في فهم قضية الزيادات، لأنهم يربطونها دائما بالحكومة». كما نفى المصدر ما أشارت إليه بعض الصحف أمس حول الزيادة في ثمن غاز البوتان، وقال إن الوزارة المعنية تقوم بالتحري في الموضوع للضرب على أيدي المضاربين والمتلاعبين. وتروج شائعات عن زيادات في أسعار غاز البوتان، خاصة في الجنوب، بلغت عشرة دراهم في قنينة الغاز من الحجم الكبير وخمسة دراهم في قنينة الحجم الصغير، ولم يصدر أي بلاغ عن وزارة نزار بركة حتى أمس للتوضيح. وكان نزار بركة قد قدم أول أمس عرضا أمام مجلس الحكومة حول الوضعية الحالية للأسعار، استعرض خلاله الظرفية الاقتصادية العالمية التي تتميز بالارتفاعات المهولة لأسعار البترول التي تجاوزت نسبة 70 في المائة ، ولأسعار الحبوب، حيث وصلت إلى 80 في المائة، وذلك ما بين 2007 و2008، نتيجة كثرة الطلب العالمي على هذه المواد، بالإضافة إلى الصراعات الجيوسياسية وحالة الجفاف التي عرفتها البلدان المنتجة. التتمة في صفحة تقارير.