خلف تقرير للمجلس الأعلى للحسابات صدر نهاية سنة 2006، بشأن تسيير الصندوق المغربي للتقاعد، استياء لدى إدارة الصندوق التي عقدت ندوة صحافية مساء الجمعة الماضي للرد على «اتهامات المجلس»، ووصف محمد بن إدريس بن أحمد، مدير الصندوق، الملاحظات الواردة في تقرير المجلس بأنها «قاسية» و«مخالفة للواقع»، وقال: «لقد شعرنا في الصندوق، أطرا وموظفين، بالحيف والإحراج». ووجه التقرير انتقادات لتدبير الصندوق، حيث جاء فيه أن «تنظيم الصندوق يستجيب لدواعي ترقية أطره أكثر من دواعي التدبير الجيد للمؤسسة»، كما انتقد ما وصفه ب«التوظيفات المالية العشوائية التي أدت إلى خسارات مالية مهمة»، حيث اتهم الصندوق بارتكاب «أخطاء فادحة في التقييم»، في إشارة إلى خسارة الصندوق لمبلغ 92 مليون درهم من خلال توظيفاته المالية في أسهم كل من البنك الوطني للإنماء الاقتصادي وشركة «مناجم». واعتبر المجلس الأعلى أن الخسائر الناجمة عن التوظيفات المالية تؤثر سلبا على موارد الصندوق «التي ليست سوى أموال المتقاعدين الحاليين واللاحقين». وردا على هذا الانتقاد، قال بن إدريس بن أحمد إن التعامل داخل السوق المالي يحكمه منطق الربح والخسارة، وقال: «هناك عمليتان فقط خسرنا فيهما، لكن هناك بالمقابل أرباح كبيرة حققناها»، مشيرا إلى أن المجلس الأعلى اعترف في تقريره بأن احتياطات الصندوق وإيراداته من توظيفاته المالية ارتفعت من 1.982 مليار درهم إلى 33.8 مليار درهم بالنسبة إلى الاحتياطات، ومن 0.012 مليار درهم إلى 1.42 مليار درهم بالنسبة إلى الإيرادات، وذلك خلال الفترة ما بين 1997 و2005. كما أشار التقرير إلى استعمالات «غير مرخص بها، والجمع بين المعاش الأساسي ومعاش ذوي الحقوق». وسجل التقرير أداءات غير مستحقة عبارة عن اختلاسات حددت في 120 ألف درهم في الخزينة الإقليمية لمدينة سلا، بالإضافة إلى ضياع مبالغ تصل إلى 3 ملايين درهم على مستوى الخزينة الجهوية لمدينة الرباط. وحول هذه النقطة أكد بن إدريس أن الصندوق هو الذي اكتشف هذه الاختلاسات وأنه أخبر بها السلطات، مشيرا إلى مسطرة قضائية تجري ضد موظف في قباضة سلا، وأن هناك مساع لاسترجاع مبلغ 120 ألف درهم منه، أما الاختلاسات على مستوى الخزينة العامة بالرباط، فأكد أن المبلغ الذي تم اختلاسه لم يتم حصره، حيث قد يتجاوز 3 ملايين درهم، وان التحقيقات القضائية جارية للكشف عن حقيقة هذه الاختلاسات. وانتقد التقرير أيضا الطريقة التي تمت بها بعض صفقات الصندوق، منها صفقة مع مكتب للدراسات جرت في 30 يونيو 2006، بقيمة 150 ألف درهم، حيث لاحظ المجلس أن الصفقة أبرمت أصلا في 20 أكتوبر 2005، في حين أن الأشغال المتعلقة بها أنجزت في 6 يونيو 2005. كما انتقد التقرير صفقة لبناء المقر الجديد للصندوق بغلاف مالي يصل إلى 145 مليون درهم، وقد تم الشروع في أشغال بناء المقر في مارس 2004، وكان مقررا الانتهاء منها في يونيو 2005، إلا أن المقر لم يكتمل إنجازه إلى الآن، وهو ما اعتبره المجلس «اختلالات»، أدت إلى تحمل الصندوق أعباء كرائية بحوالي 2 مليون و64 ألف درهم سنويا. وردا على هذه الملاحظات، قال بن إدريس إن 121 صفقة أنجزها الصندوق لم يبد فيها المجلس ملاحظات سوى بخصوص اثنتين. وبخصوص الصفقة الأولى، اعترف مدير الصندوق بأنها كانت عبارة عن «تسوية» لصفقة سابقة، لكنه قال إن الصندوق أبرمها بأقل كلفة، وكان الهدف منها دراسة متأخرات الدولة تجاه الصندوق، والتي حددت في 11 مليار درهم. أما صفقة بناء المقر فقال بخصوصها إن الشركة التي تولت الأشغال عرفت مشاكل، وإن «إنهاء العقد معها كان سيؤدي إلى تأخير المشروع لمدة طويلة وزيادة التكاليف».