أظهرت تقارير توصل بها عدد من الهيئات الحقوقية من قبل ممثليها عبر التراب الوطني، أن صغرى مدن المملكة تعرف ارتفاعا في المتابعات بتهمة «المس بالمقدسات» أو «إهانة هيئات عمومية». وجاءت مدينة اليوسفية في طليعة المدن التي توبع فيها مواطنون وفاعلون حقوقيون بتهمة «المس بالمقدسات»، وسجل فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان 7 حالات في هذا الإطار، في وقت عرفت فيه مدن: القصر الكبير وبني ملال وميدلت متابعات مماثلة. واعتبرت أمنية بوعياش، رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، استنادا إلى تقارير وردت عليها بشأن تهم «المس بالمقدسات»، أن «القضاء المغربي متورط في تعطيل مساطر تعميق البحث في هاته التهم التي تكون فيها السلطات الأمنية بالخصوص خصما وشاهدا في ذات الوقت». ونبهت بوعياش، في اتصال مع «المساء»، إلى أن بعث ما يكيف بتهمة «المس بالمقدسات» الموروث عن سنوات الرصاص، يدفع إلى طرح أكثر من سؤال حول حقيقة مصير ما نعيشه من حريات، خاصة إذا ظل القضاء مجاريا لما ورد عليه من تهم موثقة بمحاضر محررة على نحو تعسفي في الغالب.وبينما طالبت بوعياش الدولة المغربية، عبر جهاز القضاء، بتبني تعاط حكيم يفرغ محاضر المتابعة بتهمة «المس بالمقدسات» مما اعتبر نزوات شخصية وتلفيقات كيدية، دعت إلى مناظرة وطنية لبحث الإمكانيات القانونية المتاحة للاحتجاج دون ملاحقات كيدية. واستنكر محمد ستاوة، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة اليوسفية، ما وصفه ب«التعامل السلبي للقضاء» بهذه المدينة، الذي يحرم شيوخا ومختلين عقليا ونشطاء حقوقيين وسياسيين من شروط المحاكمة العادلة، بمناسبة مثولهم أمام المحكمة في جلسات محاكمة مغلقة. واستغرب ستاوة في تصريح ل«المساء»، صمت الجهات الرسمية تجاه «تهمة المس بالمقدسات» أو «إهانة موظف» التي يشهرها رئيس مفوضية أمن اليوسفية، بمعدل مرة كل شهر في وجه مواطن من مواطني هذه المدينة التي باتت ساكنتها تحت رحمة «ظهير كل ما من شأنه» الذي جعله هذا المسؤول الأمني على مقاسه، حسب قوله. واعتصم ستاوة، إلى جانب مناضلين بالجمعية، ليومين أمام ابتدائية اليوسفية وهم يرددون: «لا حياد لا حياد، الكوميسير يخوي البلاد»، تكريما لروح شهداء تهمة «المس بالمقدسات»، وعلى رأسهم الراحلان المنحدران من اليوسفية صفوان العماري والشيخ أحمد ناصر اللذان انتهى أجلهما في سجني الجديدة وسطات. وطالب ستاوة بفتح تحقيق نزيه ومحايد بحق من كانوا وراء رمي هؤلاء الشهداء وراء القضبان بدون سند قانوني. وتساءل ستاوة عن خلفيات عرض المعتقل عبد الله بوناس المختل عقليا على المحاكمة من جديد بتهمة المس بالمقدسات، في وقت سبق أن توبع فيه بنفس التهمة وأدين من أجلها ابتدائيا قبل أن يفرج عنه استئنافيا، استنادا إلى خبرة طبية تؤكد ضعف قدرته العقلية.