قال عبد الله بوصوف، أمين عام مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، إنه لن يكون هناك أي تعارض بين المجلس الجديد، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مجال تدبير الشأن الديني للمهاجرين المغاربة في الخارج. وقال بوصوف، في حوار مع «المساء»، إن مجلس المهاجرين سيشتغل كقوة اقتراحية إلى جانب الملك على وضع التصورات وبلورة المقاربة التي يجب أن تطبق في هذا الميدان العلمي للمهاجرين المغاربة في الخارج، وانتقد الدعوات المتكررة لتطبيق الشريعة الإسلامية في أوروبا، وأبدى تأييده للعلمانية لكونها تضمن لجميع الأديان حرية ممارسة الشعائر الدينية، بما فيها الإسلام, - أعلنت وزارة الأوقاف عن تأسيس مجلس علمي خاص بالمهاجرين المغاربة في الخارج يهتم بالشأن الديني للجالية، وفي نفس الوقت سيكون الشأن الديني للجالية من مهام مجلس الجالية المغربية بالخارج، هل هذا نوع من المنافسة بين الوزارة والمجلس على هذا الموضوع أم أن تدبير هذا الملف سيكون بتنسيق بينكم وبين الوزارة الوصية على الشأن الديني؟ < أعلن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أمام البرلمان قبل أسبوعين تقريبا عن التحضير لتشكيل المجلس العلمي لمغاربة أوروبا، هذا المجلس سيكون مرجعية دينية في مجال الفتوى وإبداء الرأي لمغاربة أوروبا، لكن لن يكون هناك أي تناقض، بل بالعكس، سيكون هناك تكامل باعتبار أن مجلس الجالية سيشتغل كقوة اقتراحية إلى جانب جلالة الملك على وضع التصورات وبلورة المقاربة التي يجب أن تطبق في هذا الميدان، بينما الوزارة المعنية في إطار الاختصاصات المخولة لها ستعمل على التنفيذ. فالوزارة تهيئ الآن لإنشاء مجلس خاص بالجالية المغربية في أوروبا يكون مرجعا لها في الأمور الدينية، باعتبار أن المسلمين في أوروبا اليوم يبحثون عن أجوبة لأسئلة طارئة مستجدة، ربما الفقه الإسلامي لم يتطرق لها في تراثنا الفقهي، ولا بد الآن من إيجاد الفتوى المناسبة للواقع الذي يعيشون فيه، لأن هناك عدة قضايا تطرح غير مطروحة في البلدان الإسلامية، لذلك سيكون هذا المجلس مرجعية دينية من أجل الرأي وإعطاء الفتوى والمساهمة في تأطير الجالية المغربية للمحافظة على هويتها المغربية المتسمة بالاعتدال والوسطية. - وبخصوص المجالس الأخرى الخاصة بالجاليات المسلمة في أوروبا، هل سيكون هناك تنسيق معها في مجال التأطير الديني للمهاجرين، وهل هناك مشاريع معينة تنوون التنسيق فيها؟ < بالنسبة إلى مجلس الجالية فهو سيشتغل بتنسيق تام مع جميع المجالس المعنية بالهجرة في جميع الدول، بما فيها الأوروبية بالدرجة الأولى، ومن بين الأمور التي سنشتغل عليها هو إجراء لقاء لجميع المجالس التي تهتم بالهجرة في حوض البحر الأبيض المتوسط، من أجل تبادل الخبرات والمعلومات والتعاون، لأن قضية الهجرة أصبحت قضية أساسية تهم جميع بلدان العالم وتطرح العديد من الإشكالات، ليس من الجانب السلبي ولكن من الجانب الإيجابي، أي كيف نجعل من الهجرة أمرا عاديا جدا، وقيمة مضافة للبلدان التي تستقطب الهجرة، وكيف يمكن أن تكون إضافة للبلدان المصدرة للهجرة، لذلك سنعمل على عقد هذا اللقاء بين جميع المجالس في الحوض المتوسطي، ربما في غضون السنة المقبلة. - الملاحظ أن صورة المهاجر المغربي أصبحت مرتبطة بقضايا العنف والإرهاب في الأعوام الأخيرة، ما هو الدور الذي سيقوم به مجلس الجالية لمحو هذه الصورة السلبية؟ < الذي سنعمل عليه هو أن يكون الإنسان المغربي في أي مكان مواطنا صالحا وعنصر استقرار وأمن وازدهار تلك البلدان التي يقيم فيها، وعنصر خير لكل إنسان، والإنسان المغربي كان سباقا إلى استقبال واحتضان الآخرين، فنحن نعرف أن الجالية اليهودية بعدما طردت من إسبانيا عام 1492 استقبلت في المغرب بالأحضان، والموريسكيون الذين طردوا من إسبانيا أيضا استقبلوا في المغرب، والمسيحيون الذين كانوا موجودين في المغرب، كانوا يتمتعون بجميع حقوقهم، فالمغرب له تاريخ في هذا المجال، لذلك نريد أن يكون الإنسان المغربي عنصر خير لكل البشر أينما حل وارتحل، لأن هناك صورة سلبية ليس فقط للإنسان المغربي بل للمسلم عموما في الغرب، بسبب الأحداث التي يعرفها العالم، هذه الأحداث التي نرفضها رفضا باتا، لأن الإسلام لم يكن أبدا مرتبطا بالإرهاب ولا يدعو إليه ويشجع عليه، بل يحارب الإرهاب ويدعو إلى نبذه، فنحن سنحاول تقديم المادة الإسلامية التي تجعل، ليس الإنسان المغربي فقط بل المسلم بشكل عام، صلة وصل بين الإسلام والغرب، لكي يساعد على تبديد هذه الأجواء المتسمة بالشك والخوف، لأن هناك جدرانا من الخوف بنيت بين الإنسان والجالية المسلمة في الغرب وبين المجتمعات الغربية، إذن نحن مدعوون جميعا، مجلس الجالية المغربية في أوروبا وكذلك المجلس العلمي، أن نساهم في محو هذه الحواجز النفسية التي أقيمت بيننا وبين الغرب، وأن نجعل الإسلام كغيره من الأديان يعيش في وئام وتعاون كامل مع الأديان الأخرى ويتواصل معها، ولهذا ربما علينا نحن أن نطلع على الأديان الأخرى، وأنا دائما أتأسف على غياب الاطلاع على الأديان الأخرى مثل اليهودية والمسيحية، فنحن اليوم نعيش نقصا كبيرا في مجال معرفة الأديان الأخرى، على العكس مما هو موجود في تاريخنا مثلما كان حاصلا في الأندلس مثلا، كثيرة عن الأديان الأخرى، وأنا تأسفت كثيرا عندما أرادت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إدراج مواد تتعلق بالأديان الأخرى في دار الحديث الحسنية فجوبهت بالاحتجاج في المغرب، في حين أننا يجب أن ندعو إلى معرفة الأديان الأخرى من أجل معرفتها والتواصل الإيجابي والمباشر معها، لأن عدم التواصل يؤدي دائما إلى ترجيح كفة الذين يدعون إلى الصراع والصدام أكثر منه إلى التعايش والحوار. - وماهو الحل في اعتقادك؟ < أرى أن المذهب المالكي يمكن أن يكون عامل مصالحة بين الإسلام والغرب، لعدة أسباب، السبب الأول أن المذهب المالكي، على الرغم من نشأته في المدينةالمنورة، فهو ترعرع ونشأ على أرض أوروبية، فيها ذهنية وعقلية أوروبية، وهي الأندلس، وكثير من رموزه الفقهية تأثرت بهذه العقلية الأوروبية، وكانت تتعامل مع الأوروبيين من مسيحيين ويهود وغيرهم، وأصول المذهب المالكي فيها من المرونة ما يمكن من إيجاد حلول لما تطرحه المجتمعات الغربية على الإسلام، مثل المصالح المرسلة والعرف التشريعي وشرع من قبلنا، وإذا علمنا أن الإمام مالك كان كلما سئل في أربعين مسألة يجيب عن أربع ويترك 36 مسألة، عرفنا أن المذهب يترك هامشا كبيرا للاجتهاد، وهو المذهب الوحيد الذي نجد أن الكثير ممن يسمون بالسادة المالكية خالفوا مؤسس المذهب، إذن هناك فسحة للاجتهاد ومجالا للترجيح بين رأي وآخر، ثم إن المذهب المالكي عبر تاريخه لم ينتج بعض الانحرافات مثل التطرف، فالمذهب المالكي أنتج رموزا مقبولة اليوم في الغرب ومعروفة جيدا، لأن الإنسان الغربي استأنس بها، وأعتقد أنه إذا حركنا الجانب الديني الفقهي لهذه الرموز سنستطيع أن ندخل ونلج إلى المجتمعات الغربية ونعمل على إحداث هذا التواصل والحوار بين العالم الإسلامي والعالم الغربي والأديان الأخرى. في هذا الإطار هناك قضية المقررات والمناهج الدراسية في الغرب التي لاتزال تروج صورا نمطية عن الإنسان المسلم، هل يدخل ضمن مجال عمل المجلس الدعوة إلى تغيير هذه المناهج التي تغذي الصور السلبية عن المسلمين في الغرب، سواء عند المواطن العادي أو في وسائل الإعلام ولدى النخبة، وفتح حوار مع المسؤولين عن قطاع التعليم في البلدان الأوروبية؟ < المجلس ستكون له مساهماته، ونحن سنشتغل من خلال مجموعات العمل التي ستختص بالملفات، ومن بين هذه الملفات قضية المناهج الدراسية التي تطرح بالطبع إشكالا لأنها تحمل صورا نمطية عن الإسلام أو المسلم أو العربي، نحن سنسعى إلى إثارة هذا الأمر، وأعتقد أن هناك محاولات حتى من طرف الحكومات الأوروبية اليوم من أجل معاجلة هذا الإشكال، لأن الصور المقدمة المرتبطة بالإرهابي أو بالإنسان المسلم الذي يريد أن يقضي على الآخرين أو يسيطر عليهم، اعتقد أن هذه الصورة بدأت تدريجيا في التغير، خاصة في البرامج الدراسية، ولكنها مازالت موجودة، ونحن دائما نشتغل عليها ودائما نطالب الوزارات المختلفة في أوروبا بمراجعة هذه البرامج. ولكن هذه الصورة التي نعاني منها في الغرب حقيقة، وهنا أستغل هذه الفرصة لكي أقولها، نعاني منها حتى في بلداننا الأصلية، من خلال ما تنشره الصحافة المغربية من كليشيهات وصور نمطية عن المهاجر، مثلا عندما نتحدث عن الهجرة نضع صورة للسيارات المتتابعة خلف بعضها البعض، أو بعض المصطلحات التي بدأت تدخل القاموس المغربي كمصطلح «الزماكرية»، فهي أيضا صورة نمطية يجب محاربتها، فالمهاجر اليوم يعيش تهميشا مزدوجا، في بلدان الإقامة هناك العنصرية والإقصاء والنظرة السلبية، وفي البلدان الأصلية نفس النظرة ولكن بطريقة مختلفة.