استنكر عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، قرار الحكومة الهولندية الذي أعلنت عنه أول أمس حول إلزام المهاجرين المغاربة المقيمين فيها بالاختيار بين الجنسيتين المغربية والهولندية، وقال بوصوف، في تصريحات ل«المساء» أمس، إن القرار المشار إليه «لايخدم سياسة التعايش في هولندا ونحن نطالب الحكومة الهولندية بالتريث والتراجع عنه وإعادة النظر فيه». وبخصوص موضوع ازدواجية الجنسية بالنسبة إلى المهاجرين المغاربة في أوروبا قال بوصوف إنه لا يطرح أية مشكلة وإنه معمول به منذ 40 عاما، ودعا إلى فتح «نقاش عميق وجدي حول قضايا الهجرة بعيدا عن المزايدة، نقاش مبني على معطيات حقيقية». واستنكرت جمعيات المهاجرين المغاربة في هولندا وفي عدد من البلدان الأوروبية قرار الحكومة الهولندية، لكنها حملت المسؤولية أيضا للحكومة المغربية بسبب ما أسموه التدبير السيئ لملف الهجرة، واعتبرت أن قرار الحكومة الهولندية يشكل أول اختبار يواجهه مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذي يرأسه إدريس اليزمي. وربط عبد العزيز سارت، رئيس التحالف العالمي لمغاربة الخارج، بين هذا القرار الذي يقضي بسلخ المهاجرين المغاربة في هولندا من هويتهم وبين التصريحات السابقة التي أدلى بها الوزير المكلف بالهجرة، محمد عامر، والتي قال فيها إن المهاجرين المغاربة في الخارج يشكلون الولاية رقم 17 للمغرب، ما أثار في حينه غضبا في أوساط اليمين المسيحي الهولندي الذي بات يرى في المهاجرين المغاربة «طابورا خامسا» في البلاد. وقال سارت، في تصريحات ل«المساء»، إن المغاربة المقيمين في هولندا، في حال وجدوا أنفسهم أمام ضرورة الاختيار، سوف يختارون الجنسية الهولندية، مثلهم مثل سائر المهاجرين في البلدان الأوروبية الأخرى، كونها تمنحهم حقوقا وضمانات، وقال إن تدبير ملف المهاجرين من قبل السلطات المغربية المسؤولة وتعامل القنصليات والسفارات المغربية في الخارج مع هذه الشريحة من المواطنين تجعل انتماءهم لوطنهم الأم «انتماء عاطفيا ودينيا فقط، أمام التفريط في قضاياهم والتعاطي غير الجدي مع مشاكلهم»، واصفا الأمر بأنه «تاماغريبت فارغة». وعبر سارت عن خشيته، في حال استمرت الحكومة الحالية في نفس سياستها تجاه المهاجرين، من انتشار العدوى إلى دول أوروبية أخرى واتخاذ حكوماتها لقرارات شبيهة بقرار الحكومة الهولندية، لكنه رأى في هذا القرار مجرد «بالون اختبار» لقياس رد فعل المغرب، وأضاف سارت أن ما حصل في هولندا يشكل فرصة لفتح نقاش عميق مع الجالية المغربية المقيمة بالخارج حول قضايا تهم الهوية والمواطنة. وقال: «إذا كانت الحكومة المغربية ترفض المشاركة السياسية للمهاجرين، فكيف يمكن الحديث عن المواطنة المغربية؟»، معتبرا أنه يجب وضع حد للسياسية المتناقضة للحكومة إزاء موضوع المهاجرين. من جانبه، قال مصطفى المجاطي، العضو السابق عن حزب الخضر في بلدية أمستردام، إن الاستمرار في النظر إلى المهاجرين المغاربة بوصفهم «بقرة حلوب» والنظر إلى ما يحملونه معهم من العملة الصعبة من شأنه أن يدفعهم إلى حسم اختيارهم لفائدة الجنسية الهولندية، إذ إن الآباء سوف يبدؤون في تسجيل المواليد الجدد، انطلاقا من تطبيق قرار الحكومة الهولندية في حال تمريره، كمواطنين هولنديين في البلديات، الأمر الذي سوف يجرد الجيل الثالث من المهاجرين من الهوية المغربية بشكل نهائي. وتساءل المجاطي عن سياسة الانتقاء لدى الحكومة الهولندية وطرح قضية المهاجرين المغاربة والأتراك فقط، دون إثارة قضية المهاجرين اليهود الذين يتوفرون على الجنسيتين الهولندية والإسرائيلية معا، وقال إن الأخطاء السابقة للحكومات المغربية المتعاقبة في ملف المهاجرين هي التي تقف وراء مثل هذه القرارات المجحفة التي تعبر عن نوع من الإهانة في حق المغاربة. أما جمال ريان، رئيس منظمة «أرضية ما بين القارات للمهاجرين المغاربة» في هولندا، فقال في تصريحات ل«المساء» إن الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم في هولندا بدأ منذ مارس الماضي في تحريك قضية المهاجرين، خاصة منهم المغاربة والأتراك، لأهداف انتخابية، وحول توقيت طرح قضية ازدواجية الجنسية اليوم ربط ريان بين إثارة الموضوع وبين قرب موعد انتخابات تجديد البرلمان الأوروبي، بحيث يعمل الحزب المسيحي الديمقراطي على التلويح بقضية المهاجرين والتطرف الديني لاستقطاب أصوات الناخبين، خصوصا في ظل الاحتقان الذي تعيشه البلاد منذ مقتل المخرج الهولندي فان غوج.